الحلقة 29: الإمام العادل
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. في هذه الحلقة نتحدث عن أعظم أسباب المغفرة لأن العمل في هذه الأسباب في غاية الصعوبة وهو العدل. من أعظم الأحباب الذين يحبهم الله عز وجل المقسطون (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات). المقسطون والعادلون فريق واحد: المقسط هو الذي يرفع الظلم عن المظلوم والعادل هو الذي يحقق للناس حقوقهم بعد أن رُفع الظلم عنهم بالقسط يحقق لهم الحقوق بالعدل فهما فريق واحد. كلاهما ينبغي أن يتوفرا في الحاكم، في القاضي، في الملك، في الحَكَم، كل من له سلطة أن يُصدر أحكاماً وبيده مصائر الناس هذا الذي عليه أن يحقق العدل حتى الرجل في أسرته "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، حتى المعلم في المدرسة، الأستاذ في الجامعة، الشرطي في الشارع، كلُّ من له سلطة مطلوب منه القسط أولاً رفع الظلم ثم إعطاء الحقوق لأهلها وهذا تحقيق العدل. ولما كان العادل خليفة الله في الأرض "خليفة الله في الأرض الإمام العادل" إذا رأيت إماماً عادلاً فاعلم أن هذا ملك في الدنيا وملك في الآخرة وقد رأينا قلة يسيرة من الملوك والأمراء الذين فيهم هذه الصفات المطلقة وصلوا بها القمة على أن المطلوب قد لا يكون القمة وإنما العدل النسبي لكن هناك من كان عادلاً مطلقاً إضافة إلأى سيدنا عمر ومن وراءه هناك في زماننا من رأينا منه العدل هذا ملك في الجنة وملك في الدنيا. (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ (26) ص) إذن فالحاكم العادل والقاضي العادل خليفة الله في الأرض فماذا يمكن أن تتصور أن يكرم الله خلفاءه يوم القيامة؟! تحدثنا عن أحباب الله وتحدثنا عن أهل الله وتحدثنا عن جلساء الله الآن نتكلم عن خلفاء الله والخليفة هو الذي يكون معقِد أمنك واختيارك واصطفائك. حينئذ كل عادل يوم القيامة يأتي ملكاً لأنه خلفية الله في أرضه ولهذا يقول النبي r: "عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة". أنت ابن الملك كل عمل تعمله يجازى عليه أشكالاً وألواناً من العطاءات لأنك إبن الملك بينما الآخرون لهم عطاء محدود هذا له جائزة، هذا له مرتب، هذا له مكرمة سنوية ولهذا سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أولهم الإمام العادل وما أقلّهم للأسف الشديد (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (41) الروم) وتعرفون الظلم الذي ساد في العالم كله جميع الأمم فيها من الغدر والاستحواذ والإبادة الجماعية في كل العالم ولكن لا تحخلو هذه الأرض من عادل، عادلين، ثلاثة ولو نسبياً وهناك قلة قليلة من هو عادل مطلق حينئذ بهذا الشكل تكون أنت يوم القيامة مغفور الذنب وملكاً من ملوك الجنة كما دعلك ملكاً من ملوك الدنيا وهناك من هو ملك في الدنيا وسوف يكون ملكاً من ملوك النار كإبليس (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ (22) إبراهيم). حينئذ إذا كنت تريد أن تكون من مغفوري الذنوب يوم القيامة مطلقاً مع درجة عالية فكن إماماً عادلاً قاضياً أو حاكماً أو رئيساً ملكاً أو شيخاً أو رب أسرة أو ما شاكل ذلك كل أمير ثلاثة.