بتـــــاريخ : 3/16/2009 9:33:02 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1406 0


    من تفسير الشيخ علي الطنطاوي

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.islamiyyat.com

    كلمات مفتاحية  :
    تفسير الشيخ علي الطنطاوي
    تفسير سورة الفاتحة :

    (أعوذ بالله من الشيطانالرجيم )
    يطلب حمايته أولاً من عدو البشر الألد الذي يتربص به ويزين له الشرويحبب إليه المعصية ويفضل له هذه الدنيا الزائلة ولذاتها الذاهبة على الآخرةالدائمة ونعيمها المقيم ويسأله أن يعيذه منه حين يقول : ( أعوذ بالله من الشيطانالرجيم ).

    (بسم الله الرحمن الرحيم )
    ثم يعلن الابتداء باسم ربه ( بسمالله الرحمن الرحيم ) لا باسم جلالة الملكة كما يقول الإنكليز ولا باسم الشعب كمانقول نحن ولا باسم صنم ولا وثن ولا باسم رابطة قومية أو حزبية أو رابطة منفعة أومال بل بما هو أعلى من ذلك كله وأعظم وأسمى .
    بما تمحى أمامه فروق اللون والجنسواللسان وما تسكت أمامه أصوات الشهوة والسيطرة والجاه والغنى وما يعود البشر أمامهعبيداً سامعين مطيعين متجردين للفضائل والخيرات : بسم الله .

    ( الفاتحة )
    لكل كتاب بشري فاتحة :
    مقدمة تجمل مقاصده وتوضح مطالبه ، وهذه مقدمة الكتابالإلهي الباقي الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي نزله الله وتعهدبحفظه .

    ( الحمد لله رب العالمين )
    الحمد لله على نعمه التي لا تحصى نعمةالحياة ، نعمة الصحة ، نعمة الأمن ، نعمة السمع والبصر ، نعمة الأهل والولد . . .

    إن الإنسان لا يعرف قيمة النعم إلا عند فقدها ، إن سد أنفك الزكام عرفتقيمة الشم ، وإن أغلق عينك الرمد عرفت قيمة البصر ، وإن دهمك الخوف عرفت قيمة الأمن، وإن لويت قدمك فلم تقدر أن تمشي عرفت قيمة الرجل .

    فتصوروا هذه النعم حينتقولون : ( الحمد لله ) .
    ( رب العالمين )
    هل تعرفون معنى الرب ؟
    ليسمعناها الحاكم ولا الملك ولا الإله ، الرب فيه معنى العناية والتربية والحفظوالإنماء .
    الرب المربي ، والعالمون جمع عالم فعالم الأرض وعالم النجوم وعالمالسماء وعالم الجن وعالم الشياطين وعالم الملائكة والعوالم كلها هو حافظها وموجدهاومربيها .
    فتصوروا هذه المعاني كلها حينما تقرؤون هذه الكلمات الأربع : ( الحمدلله رب العالمين ) .

    ( الرحمن الرحيم )
    وصف نفسه بالرحمة وكررها لتكرررحمته ، ولم يقل الجبار المنتقم ، ولا القوي العزيز ولكن الرحمن الرحيم .
    أشعرنارحمته التي وسعت كل شيء . أترون رحمة الأم بوحيدها الذي ترضعه على صدرها ؟

    إالله أرحم بعباده منها بولدها . إن الأم إذا أساء إليها ولدها أو خالفها أو استعملمالها في معصيتها هجرته وحجزت المال عنه . والكافر يستعمل لسانه الذي أعطاه اللهإياه في الكفر بالله والله يرحمه ويرزقه ويحسن إليه .

    الفاجر يستعمل مالهالذي أعطاه الله إياه في معصية الله والله يرحمه ويرزقه ويحسن إليه .

    وإنالله أنزل في الدنيا رحمة واحدة فبها يتراحم الناس وتعطف الأم على ولدها والأخ علىأخته والرجل على امرأته وأبقى تسعاً وتسعين ليوم القيامة ، ورحمة الله هذه من أولىالنعم التي تستحق الحمد .

    ( مالك يوم الدين )

    بعد أن يستشعر العبدرحمة الله يقول ( مالك يوم الدين ) فيستشعر عظمته ، ليعلم أن الله رحيم فلا ييأس منرحمته وأنه جبار فلا يأمن بطشه .

    ويوم الدين هو يوم القيامة ، يوم يقف الناسجميعاً من قتل في الحرب ومن مات على فراشه ، والذي أكله السبع والذي غرق في البحروالذي احترق وصار جسده فحماً يجمعهم الله جميعاً الأولين والآخرين فيقف الملك بجنبالصعلوك والغني بجنب الفقير وتسقط الفوارق ولا يبقى من فرق إلا بالعمل الصالح ،هنالك ينادي المنادي ( لمن الملك اليوم ) ؟ للسلاطين ؟ للجبارين ؟ للأغنياء ؟

    لا ، بل ( لله الواحد القهار ) . ذلك هو رب العالمين ومالك يوم الدين .

    ( إياك نعبد وإياك نستعين )

    أي لانعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك .

    والعبادة هي كل مافيه إقرار بالربوبية للمعبود ، فالصلاة عبادة والسجودعبادة والدعاء عبادة والطواف بالقبور بنية التعظيم وقياساً على طواف الكعبة عبادةلغير الله .

    والاستعانة هنا هي الاستعانة بما هو وراء الأسباب فلا تمنعالاستعانة بالطبيب على وصف الدواء ولا الاستعانة بالمحامي على حسن الدفاع ولاالاستعانة بأرباب الصناعات .

    بل الاستعانة الممنوعة إلا بالله وحده هي طلبماوراء الأسباب كمن يطلب من غير الله أن يشفي مريضه بلا علاج أو يرجع فقيده بلا بحثأو يطلق سجينه بلا شفاعة أو يفرج كربه بغير سبب مادي .

    بعد أن حمدت الله علىنعمه وعرفت أنه رب العالمين وأنه أرحم الراحمين وأنه هو مالك يوم الدين ، وبعد أننزهته عن الشريك ( الشرك الظاهر والشرك الخفي ) وخصصته وحده بالعبادة فإن اللهيعلمك كيف تطلب منه ماينفعك ، وقد أجمل لك الخير كله في كلمة واحدة : الصراطالمستقيم .

    ( اهدنا الصراط المستقيم )
    أي دلنا على الطريق الموصل إلى كلخير في الدنيا وفي الآخرة .

    ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولاالضالين )

    المغضوب عليهم عرفوا الحق ولم يتبعوه ، ومنهم اليهود . والضالونلم يعرفوه ولم يتبعوه ومنهم النصارى . والذين أنعم الله عليهم عرفوه واتبعوه وهمالأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون .

    ( آمـــين )

    أي الله استجبلنا وتقبل دعاءنا .
    فصول إسلامية ص 75ـ78 ط السادسة 1429هـ دار المنارة .

    (تفسير سورة الماعون )
    في هذه السورة بيانثلاثة أصناف من الناس الصنف الأول :
    الذين يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليهوسلم ، وهؤلاء يتصفون أبداً بالكمالات الإنسانية ويجمعون أطراف الخلق الكريم .

    الصنف الثاني : الذين يؤمنون ولكن لا يعملون بما يؤمنون به ولا يحافظونعليه فهم ينسون الصلاة ويمتنعون عن القيام بأيسر أعمال الخير وهو إعارة الماعونللجار .

    الصنف الثالث : المكذبون بالدين ، الذين فقدوا مزايا الإنسانية حتىأنهم ليقسون على اليتيم ولا يبالون بالعطف على المسكين .

    ( أرءيت الذي يكذببالدين )
    الخطاب من الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يقول له : ألا تعجبمن هذا الذي يكذب الحقائق الظاهرة وينكر بلسانه ما يصدق به قلبه ويؤمن به عقله ؟وهل في الحقائق كلها ما هو أثبت من وجود الله ؟ وهل في طرق الخير ما هو أقرب وأظهرمن هذا الدين ؟

    ( فذلك الذي يدع اليتيم )

    أي يقسو عليه ولا يرحم ضعفهوتلك هي النتيجة للتكذيب بالدين وملازمة لها .

    ( ولا يحض على طعام المسكين )

    ولا يرغب فيه ولا يفكر في آلام غيره ما يهمه في الحياة إلا نفسه وهذا هوالنموذح للصنف الثالث .

    أما الصنف الأول فيفهم من هذه الآيات ، فكما أنالمكذب بالدين يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فالمصدق بالدين يرحم الأيتامويهتم بإطعام المساكين ويكون عاملاً على كل مافيه الخير للناس .

    والقسمالثاني : ضرب الله مثلاً عليه المصلين الذين يسهون عن صلاتهم تهاوناً بها واشتغالاًعنها .

    (فويل )

    كلمة عذاب .

    ( للمصلين * الذين هم عن صلاتهمساهون * الذين هم يراءون )

    إن صلوا بصلاتهم لا يقصدون بها وجه الله .
    ( ويمنعون الماعون )
    لأن من صفتهم أنهم لا يقدمون لأحد خيراً مهما قل .
    فمتىغفل عن صلاته ثم تاب وأداها مخلصاً لا مرائياً وكان ممن يحب الخير لم يكن من هذاالصنف .
    المرجع السابق ص 79 ـ 81 .

    (سورة العصر )

    سورة قصيرة من ثلاث جمل صغار ولكنها تصلح أن تكون دستوراً للفردوللجماعة ، لم تترك باباً من أبواب الخير إلا فتحته ولا خلة من خلال صلاح الفردوالجماعة إلا تعرضت لها حتى أن من العلماء من قال : (وأظن أن القائل هو الشافعي ) (قلت وهو كما قال) لو لم ينزل الله من القرءان إلا هذه السورة لكفت الناس .

    ومن معجزات القرءان أنه جمع تلك المعاني كلها في آيات ثلاث صغار هي : ( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقوتواصوا بالصبر )

    وأنا لا أسرد أقوال الناس في العصر هل هو الدهر أو هو وقتالعصر أو هو صلاة العصر لأن الله كشف لي معنى آخر هو أن العصر ( الزمان ) وكل إنسانيخسر بفعل الزمان .
    يخسر عمره إذ لو كان مقدراً له أن يعيش سبعين سنة فإنه يخسرسنة منها كلما عاش سنة ويخسر شبابه ويخسر قوته ثم ينتهي بمرور الزمان إلى الموتفيخسر كل شيء حتى الحياة ولا يبقى له إلا الإيمان والعمل الصالح .

    فالإيمانكما أفهم يتعلق بصحة المذهب والعمل الصالح يتعلق بالتطبيق والمعنى أن على الإنسانالذي يريد اجتناب الخسارة أن يبني مذهبه في الحياة على معرفة الحق من الباطل ويؤمنبالحق وحده فيكون صحيح النظر والفكر وأن يطبق الحق الذي عرفه وآمن به على حياته .

    وهذا دستور شامل لحياة الفرد العقلية والعملية ومن عرف الحق وعمل به فقدبلغ أعلى درجات الكمال .

    وفي الآية التالية دستور لحياة الجماعة فلا يكفي أنيعرف الفرد الحق في نفسه بل ينبغي أن يوصي غيره به ويدله عليه ، ولا يكفي أن يعملبه وحده بل لا بد من التواصي على العمل الجماعي والصبر على مشاق هذا العمل .

    وهنا تعليقات ثلاثة لابد منها : الأولى :
    أن القسم من الناس لا يكونإلا بالله ، لايجوز لهم الحلف بغير الله أصلاً لأن هذا الحلف يدل على التعظيمالمطلق والعبادة .

    أما قسم الله في القرءان بأشياء مخلوقة ( والعصر ، والضحى، والليل ، والسماء . .) فهو للدلالة على مزايا فيها ولفت الأنظار إليها .

    الثانية :
    أن أولى الحقائق التي ينبغي أن يؤمن بها الإنسان لينجو فيالآخرة هي وجود الله وأن له وحده الخلق وله الأمر وهو المخصوص بالعبادة ، ثمالتصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بها .

    الثالثة :
    أن الصبرعلى أنواع منها الصبر على المصيبة . والدنيا مملوءة بالمصائب ولا ينجو أحد من نكبةفي صحة أو مال أو موت أو فقد قريب ، ولا عزاء عنها إلا بالتواصي بالصبر وذكر ثوابالله للمصلين ، ولعله إذا اطلع على ماأعد الله له فرح بالمصيبة ، كمن يذهب ماله أويخرب بيته في زلزال أو حريق فإذا عوضته الحكومة ثمنه أضعافاً فرح بذهاب المال وخرابالدار .

    والصبر على ألم الطاعة ، فمن ترك فراشه الدافئ وقام إلى صلاة الصبحفي ليالي الشتاء يتألم ، ومن حمل الجوع والعطش في أيام الصيف في رمضان يتألم ، ومنقهر نفسه على إخراج الزكاة يتألم ، ولكنه إذا ذكر ثواب الله وصبر النفس تحول هذاالألم لذة .

    والصبر عن المعاصي ، وهذا أصعب أنواع الصبر وهو الامتناع عن لذةالمعصية مع القدرة عليها ، كالموظف الذي يرى زملاؤه يرتشون ويسرقون وهو يقدر علىذلك ولكنه يمتنع عنه ويصبر نفسه ، والشاب الذي يرى التبرج والإغراء ويسمع من إخوانهأحاديث مغامراتهم الغرامية ولكنه يمتنع عن مجاراتهم خوفاً من الله ويصبر نفسه ، إنالله يظله بظل العرش يوم الموقف الأكبر يوم لايجد الناس ظلة ولا وقاية من أمر الله .
    المرجع السابق ص 82 ـ 84 .
    كلمات مفتاحية  :
    تفسير الشيخ علي الطنطاوي

    تعليقات الزوار ()