بتـــــاريخ : 3/16/2009 10:53:39 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 3340 0


    تفسير الجزء العشرون

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : الدكتور/ عبد الرحمن الشهري | المصدر : www.idaleel.tv

    كلمات مفتاحية  :
    تفسير الجزء العشرون القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

     مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم اليومي التفسير المباشر وحديثنا بإذن الله تعالى سوف يكون عن الجزء العشرين من أجزاء القرآن الكريم وضيفنا في هذا اللقاء هو فضيلة الشيخ/ عبد العزيز الداخل «المستشار بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ومدير معهد آفاق التيسير الإلكترون على شبكة الإنترنت وهو عضو في ملتقى أهل التفسير» حياك الله يا شيخ عبد العزيز معنا في هذا اللقاء.

     أيها الإخوة المشاهدون نذكركم قبل أن أدخل في حوار مع ضيفنا بأرقام الهواتف التي يمكنكم التواصل عن طريقها من داخل السعودية 012085444 ومن خارج السعودية 009612085444 .. ولاستقبال الرسائل النصية على رقم 0096532277111 وعلى موقع البرنامج على الإنترنت www.tafsir.net .
     فحياكم الله جميعاً في هذا اللقاء قبل أن نبدأ في حوارنا يا شيخ حول هذا الجزء أريد أن أنبه الإخوة المشاهدين إلا أنه الجزء العشرين يبدأ من الآية 56 من سورة النمل وحتى الآية 45 من سورة العنكبوت وقد تعودنا أن نذكر لهم أبرز الموضوعات التي اشتمل عليها الجزء الذي نتحدث عنه ومنها :

    1- سورة النمل من السور المكية التي تهتم بالحديث عن أصول العقيدة، التوحيد، الرسالة، وتناولت السورة الحديث عن القرآن العظيم.
    2- تحدثت بالتفصيل عن قصة «داوود» وولده «سليمان» ما أنعم الله عليهما.
    3- تناولت السورة الكريمة الدلائل والبراهين على وجود الله ووحدانيته.
    4- سورة القصص مكية تهتم بجانب العقيدة والتوحيد والرسالة والبعث وتفصيل ما أجمل في السورتين قبلها.
    5- محور سورة القصص يدور عن الحق والباطل والإذعان والطغيان وأشكال الصراع بين جند الرحمن وجند الشيطان.
    6- سورة العنكبوت مكية وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى وتدور حول الإيمان وسنة الابتلاء في هذه الحياة.

    * بداية يا شيخ عبد العزيز نريد أن نعطي إشارة للإخوة المشاهدين إضاءة على موضوع سورة النمل والقصص والعنكبوت ثم نبدأ بعد ذلك في تلقي الاتصالات من الإخوة المشاهدين.

    الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم نحمد الله عز وجل ونثني عليه ونمجده لما يحبه ويرضاه من المحاور والثناء والتمجيد وهو أهل الثناء والمجد والحمد لا مانع لما أتى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد خلق فسوى وقدر فهدى سبحانه وكفى وأوى وأغنى وأقنى له الأسماء الحسنى والصفات العلى الله لا إله إلا هو له الحمد في الآخرة والأولى سبحانه ونصلي ونسلم على نبينا الكريم ذو الخلق العظيم والهدي القويم نبينا محمد  دائماً إلى يوم الدين ومن تبعه بالإيمان إلى يوم الدين اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم لاشك أن القرآن كتاب مكين ومتين أنزله الله عز وجل ليخرجنا من الظلمات إلى النور وإلى ما فيه خيرهم ونجاتهم في الدنيا ولآخرة وتتجلى فيه رحمة الله عز وجل بعباده المؤمنين وهذا الجزء تتجلى فيه مقاصد القرآن العظيم فهو كتاب هداية ونور وسورة النمل سورة مكية نزلت على النبي  وهو في أوج مواجهته مع المشركين ودعوتهم إلى الحق ولقى منهم أذى شديداً جسداً وبغياً وتكبراً وجميع أنواع الأذى والنبي  هو من أولوا العزم من الرسل وفي الحديث أن أشد الناس ابتلاءاً هم الأنبياء والنبي  هو أمثلهم فلذلك كان الأذى عليه شديداً. أنزل الله عز وجل هذه الآيات ليست جملة واحدة بل كما قال الله عز وجل [وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ] {هود:120}  ليثبت الله عز وجل نبيه في دعوته للمشركين .
        الإنسان عندما يدعو الناس إلى أمر يخالفهم فيه لابد أن يكون على يقين أنما لديه حق لذلك تجد أن هذه السور كانت تثبت الرسول  لأنه كان على حق ولا يخاف ولا يحزن ولا يضطرب ولذلك قال الله سبحانه في مطلع سورة النمل [وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ] {النمل:6}  ولهذا له أثر على نفس النبي  وقال في آخرها [فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الحَقِّ المُبِينِ] {النمل:79} فهو حق بين ظاهر وكون الإنسان الداعي أنه على حق وعلى بينة فيكون لديه الشجاعة والإقدام فيها ويورثه القوة في منطقة في كلامه ولو تأملت قوله تعالى [وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ] تجد أن مجال التفسير وكلام العلماء في التفسير والمؤلفات في التفسير إنما هو لتقريب لمعنى ، لذلك تجد في الكلمة والمفردات أقوال لأهل العلم هي من باب تقريب الصورة لدى القارئ وإلا ما في القرآن من معانٍ عظيمة فهذا ما لا يحيط به العباد ولذلك قد يتساءل بعض طلاب العلم لماذا الأئمة الكبار ليست لهم مؤلفات في التفسير تجد لهم كلام بليغ وقوي فلو أنهم وظفوا هذا في التفسير لكان خيراً عظيماً وفي البعض رسائل تدل على ذلك وكتابة التفسير كامل للقرآن العظيم على هذا المنحى أمر لا يستطيع أي أحد فالناس يتفاوتون في إدراكه وفهمه فعلى سبيل المثال ابن القيم رحمه الله له رسالة في تفسير ذكرها في كتاب الفوائد في تفسير قوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ] {الأنفال:24}  في سورة الأنفال وذكر أيضاً ابن القيم رسالة في مؤلفات ابن تيمية ذكر فيها أن شيخ الإسلام ابن تيمية له رسالة في قوله تعالى [فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ] {الأنعام:76}  السيوطي كذلك له رسالة في قوله تعالى [اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ] {البقرة:257}  ذكر فيها 120 وجهاً بلاغياً في هذه الآية فالقرآن كلام عظيم ولا يحيط به العباد وأما ما يذكره المفسرون في كتبهم وإن كثرت فإنها هي لتقريب الصورة وتوضيح المعنى فإذا نظرت في قوله تعالى [مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ] تجد فيها السمو والرفعة لأنه يتلقى القرآن من الله عز وجل ولذلك لو نظرت إلى بقية الأديان فتجدهم على ضلال مبين ولا يستوي هذان ، ولذلك المسلم إذا شعر أن دينه متلقى من الله عز وجل هذا يشعره بالسمو والرفعة وصلته بالله عز وجل وكذلك أن هذا القرآن يتلقى من الله الحكيم العليم وذكرت بالتنكير [حَكِيمٍ عَلِيمٍ] للتفخيم كما يذكره علماء المعنى فالقرآن حكيم لا يأتيه الباطل من بين يديه فهو محكم وأيضاً أنزله عز وجل على علم وهو يعلم ما نحتاجه فالشرائع فيه مفصلة ومبينة على علم وما أمر به المرسلين وعبادة المؤمنين كذلك مبني على علم وما نهى عنه وهو على علم ولذلك لاحظ مقصد الآية وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم تجده يشعر المؤمن بالثقة.
    المقدم : وأيضاً تأكيداً لكلامك يا شيخ عبد العزيز الآيات المكية تشير إلى هذا المعنى الذي أشرتم به وهو تثبيت النبي  ففي سورة هود قال تعالى [كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ] {هود:1}  فحكيم وخبير وعليم كلها صفات تشعر بحكمته سبحانه وتعالى وهذا يزرع الثقة في نفس المؤمن كما تفضلت في مواجهة المشركين.
     إذن أنت ترى أن سورة النمل تتحدث عن ماذا عن العقيدة عن القرآن.
    الشيخ : السورة لها عدة موضوعات لكن روح السورة ومقصودها يفهم من وقت نزولها على النبي  فنزلت أثناء دعوته للمشركين ففيها آيات عظيمة فالنبي  كان يدعوهم إلى الله فيواجه بالاستكبار وكما حصل لموسى مع فرعون فلذلك قال الله سبحانه وتعالى [فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً] {النمل:13} بمعنى أنها ظاهرة واضحة ومع ذلك قال تعالى [وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ] {النمل:14}  لذلك بعض العلماء تلمسوا الحكمة في قوله مبصرة بأنها بينة وواضحة والزمخشري تكلم فيها ولكن كعاداته يوجز بكلمات قصيرة وموجزة ولكنها تحتوي على الكثير من المعاني وتحتاج إلى تفضيل وكذلك الرازي تكلم في ذلك وقال [فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً] {النمل:13}  قال نسب الإبصار إليها على اعتبار أنهم لابسوها لتقريب المعنى ولكن لتوضيح المعنى نقول أن الإبصار يطلق على الشخص المبصر والأداة التي يبصر بها فيقال زيد يبصر وكذلك العين تبصر فهذه الآيات هي مما يبصر به الحق فالحق فيها جلى وواضح وبين ولكنهم جحدوا واستكبروا لذلك قال سبحانه [فَظَلَمُوا بِهَا]  وحقها ألا تجحد لوضوحها وظهورها.
    المقدم : ولذلك عبر الله عنهم فقال في سورة فصلت [وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى] {فصِّلت:17} .
     طيب في قصة سليمان وداوود في سورة النمل أليست من القصص التي يمكن أن نسلط فيها الضوء؟
    الشيخ : نعم فيها قصص وفيها عبرة عظيمة نزلت على النبي  ولعل من مقاصدها أن الله عز وجل مكن لسليمان وداوود تمكيناً عظيماً وأتاه ملكاً عظيماً ومع أنها قصة للنبي  ولكنها تبين قدرة الله عز وجل فلو شاء الله لجعلك ملكاً رسولاً لذلك خير النبي  هل تختار أن تكون ملكاً أو أن تكون عبداً رسولاً فأشار إلى جبريل بأنه أختار أن يكون عبداً رسولاً.
    المقدم : الله أكبر ولذلك كنا نتحدث أمس شيخ عبد العزيز مع الشيخ فهد حول كيف يوصف الله عبده محمد  بوصف العبودية في أشرف المواطن التي شرفه بها فوصفه بالعبودية عندما نلقى القرآن [الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا] {الكهف:1}  وقال [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ] {الإسراء:1} وقال [وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا] {الجنّ:19} فوصفه بالعبودية في مواطن شرف.
    * طيب ولقد آتينا داوود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ... لو تعطينا لمحة عن هذه القصة؟
    الشيخ : بالنسبة لهذه القصة كما ذكرت أن الله سبحانه وتعالى مكن لهما تمكيناً عظيماً وفضله الله سبحانه وللتفضيل هو جعله في مرتبة أعلى ولذلك قال تعالى [إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلَاءُ المُبِينُ] {الصَّفات:106} ثم ذكر الله سبحانه وتعالى ما سخره لسليمان.
    المقدم : والتمكين هنا يا شيخ عبد العزيز في قوله [وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا] {النمل:15}  أليس التمكين هنا بالإشارة إلى العلم؟
    الشيخ : نعم لأن كما ذكرت أن التنكير هنا يفيد التفخيم فقد مكن الله له الجن والريح وهذا الملك لا ينبغي ولا يمكن لأحد في الدنيا أن يناله مهما وصلت أماني الإنسان وملكه فهو لن يستطيع أن يسخر هذه المخلوقات من الريح والجن لأنها نعمة من الله سبحانه وتعالى.
    المقدم : نستطرد في هذه القصة إن شئت؟
    الشيخ : فقد ذكر فيها أيضاً بعض اللطائف في قوله تعالى [وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا] {النمل:20-21}  بدأ هنا بأسلوب الردع ثم جاء بالعذر في الأخير وهذا مما يقتضى رهبة الملك فقال [لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ] {النمل:21}  ثم قال تعالى [فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ] {النمل:22-23}  وهذا أمر غريب في زمانه وفي قوله تعالى [وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ] {النمل:23}  كل هنا دالة على العموم يدل على الاستغراق وهناك عموم ظاهر يفسر في السياق كما قال سبحانه [تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ] {الأحقاف:25} والعلماء اختلفوا في قضية العرش العظيم على قولين أنه عظيم في كبره ومساحته والقول الثاني أنه عظيم في أوصافه وما زين به.
    المقدم : طيب جميل، هذا بالنسبة لسورة النمل فلو تطرقنا لسورة القصص يا شيخ عبد العزيز؟ إضاءة سريعة قبل أن تأتينا اتصالات المشاهدين.
    الشيخ : في قصة موسى في سورة القصص أشياء عجيبة جداً وينبغي أن يتأملها جميع المؤمنين على طبقاتهم الملوك، أصحاب الأموال، أصحاب الحرف ففيها آيات وعبر عظيمة جداً وفيها من براعة الاستهلال شيء عظيم جداً ويدهش الناس فالله سبحانه لخص لنا القصة في ثلاث آيات ثم بدأ في سردها قال تعالى [وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ] {الشعراء:69} والنبأ هو الخبر العظيم لذلك.
    المقدم : نعتذر منك شيخ عبد العزيز إلى هذا الفاصل ثم نعود لنكمل عن سورة القصص فابقوا معنا.
     أهلاً بكم مرة أخرى ونكمل في حديثنا عن سورة القصص.
    الشيخ : إذا تأولنا سورة القصص فنجد أن روح السورة ومقصودها هو التمكين أن المستضعفين إذا صبروا وتوكلوا على الله لذلك قال العلامة الشنقيطي في قوله تعالى [وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ] [وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً] وقال في هذه لم يبين سبب جعلهم أئمة بل بينه في سورة السجدة في قوله تعالى [وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ] {السجدة:24} فلذلك في هذه السورة براعة استهلال عظيمة جداً فلخص الله قصة فرعون في ثلاث آيات فقال [إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ] {القصص:4}  [وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ] {القصص:5}  [وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ] {القصص:6}  ثم بدأ في التفصيل وهذه القصة ليست لمجرد التسلية وإنما فيها آيات وعبر عظيمة جداً كسائر قصص القرآن ولذلك تجد تعقيبها بما يوصي لإرادة العموم والعدول في بعض الألفاظ ثم قال تعالى [إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا] {القصص:4}  أي طوائف وفرق فرسخ مبدأ الطبقية فطبقات مستضعفة كادحة وأخرى متمكنة غير كادحة وهذا عاقبته وخيمة أنه كما قال ابن خلدون «إن الظلم مؤذ مبين ما من أثاره خراب العمران وزوال المملكة» وقال تعالى [يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ] {القصص:4}  ثم قال في الآية التي تليها [وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا] {القصص:5} .
    المقدم : طيب إذا كنا نقول أن سورة القصص هي عن التمكين للمؤمنين والصابرين والمجاهدين جاءت بعدها سورة العنكبوت فتحدث في الموضوع في أولها [أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ] {العنكبوت:2} كما هو موضوع سورة العنكبوت وعلاقتها بسورة القصص؟
    الشيخ : الذي أراه أن سورة العنكبوت هي في الفتنة والابتلاء وسبل النجاة وما يراد من المؤمن عندما يبتلى أما الترتيب بين القصص والعنكبوت فلعل والله أعلم لما كانت سورة القصص في التمكين ويترأبت النفوس جاء الحديث عن الابتلاء ليبين أن التمكين لا يكون إلا على الابتلاء.
    المقدم : ولذلك صحة في آيات أخرى [أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ] {البقرة:214} . ففعلاً هذه مناسبة دقيقة وجميلة.
    الشيخ : حتى نقل شيخ الإسلام عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه سئل الشافعي أيهما أفضل للعبد أن يمكن أو يبتلى فقال لا يمكن حتى يبتلى.
    المقدم : وأذكر كلمة جميلة يقول ابن تيمية بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين إشارة إلى الآية التي ذكرتها في سورة القصص في قوله تعالى [وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ] {السجدة:24} فلابد من الصبر واليقين والصبر لا يكون إلا على الابتلاء كما ذكرت.
    الشيخ : أيضاً في القرآن لفتات ولطائف جميلة قد يغفلها من يسرد قصة ولكن القرآن ألمّ بها مثلاً في قوله تعالى [وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ] {القصص:22} هذا الدعاء له شأن عظيم لذلك قال ابن عباس «توجه موسى نحو مدين ولم يكن له علم بالطريق إلا حسن ظنه بالله فكان خائف يترقب».
    المقدم : حاولت يا شيخ أن أقرب وأحسب المسافة التي مشاها موسى عليه السلام عندما خرج من مصر إلى مدين فوجدتها تقارب الألف كيلو متر مشاها خائف وعلى رجليه ولا يعرف إلا حسن ظنه بربه.
    الشيخ : وكذلك في قوله [تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ] {القصص:24}  فقال بعد أن سقى للفتاتين فجاء الفرج بعدها مباشرة فهذا الدعاء وتعلق القلب بالله عز وجل من أسباب التوفيق.
    المقدم : في قوله تعالى في سورة موسى عليه السلام وما دار بينه وبين الرجل فكثير من الناس يسأل من هو أبو الفتاتين الذي استقبل موسى وأكرمه وزوجه إحدى بناته فبعض كتب التفسير تشير إلى أنه شعيب عليه السلام وبعض الكتب ترجح على أنه ليس شعيب عليه السلام ويقولون بأن المدة بين موسى وشعيب مدة كبيرة جداً فموسى لم يدرك شعيب وأيضاً قضية الاستنباط من قصة موسى في هذه القصة بالذات فأريد أن تسلط الضوء على هذا ؟
    الشيخ : الظاهر من القرآن إن قصة موسى بعد قصة شعيب بزمن ولذلك أن الله عز وجل ذكر أن لفظ قريب من شعيب ولذلك قال تعالى في قوم شعيب [وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ] {هود:89}  ولوط كان معاصر لإبراهيم عليه السلام وموسى عليه السلام جاء بعدهم بزمن ولم ينص القرآن على اسم أبو الفتاتين وقال ابن كثير لو كان شعيب لأوشك القرآن أن ينص على ذلك.
    المقدم : جميل في الحقيقة تأتي بعض الأسئلة في مثل قوله تعالى قالت [يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ] {القصص:26}  [قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ] {القصص:27}  فاستنبط منها يجوز أن يكون المهر أجره بدل أن يكون نقود فمثل هذه القصة نريد أن نتحدث عنها ولكن بعد هذا الفاصل فابقوا معنا للتعريف بكتاب هذه الحلقة فابقوا معنا:

     

    «تفسير القرآن العظيم المشهور بتفسير ابن كثير»
     
         مؤلف هذا التفسير هو العلامة إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774هـ وقد رزق تفسيره هذا قبولاً واسعاً عند العلماء قديماً وحديثاً وحظى بعنايتهم منذ ألفه حتى اليوم كما يعتبر تفسير ابن كثير من أهم تفاسير المحدثين لاعتبارات متعددة منها :
    1- كثرة المصادر التي ذكرها من كتب التفسير والحديث والإكثار من النقل عنها.
    2- ذكر المواضيع المتعددة للحديث الواحد في الكتاب الواحد وعدم الاكتفاء بحديث أو اثنين.
    3- بيان درجة الحديث وذكر الثقات والضعفاء والمجاهيل من الرواة على ضوء ما قاله علماء الجرح والتعديل.
    4- تحذير ابن كثير المتكرر من الإسرائيليات والروايات المضطربة في الحديث والتفسير والحديث عنها ونقده لها.
    5- تأخره زمنياً ـ حيث عاش في القرن الثامن الهجري ـ مما وفر له عدداً هائلاً من المصادر والمراجع.
     وقد صدر الكتاب في خمسة عشر مجلداً عن مكتبة أولاد الشيخ بالقاهرة عام 1412هـ بتحقيق مصطفى السيد محمد وزملاؤه الأربعة كما طبعته بنفس التحقيق دار عالم الكتب بالرياض، ووزارة الشؤون الإسلامية بالسعودية وهو تفسير مطول جدير بالاقتناء والقراءة.
    المقدم : مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى في برنامجكم التفسير المباشر لا يزال حديثنا شيخ عبد العزيز عن قصة موسى عليه السلام في سورة القصص وسميت بالقصص لأنها تحدثت بالتفصيل عن قصة موسى وكنت ذكرت لك قضية أن كثير من المفسرين والفقهاء أيضاً استنبطوا من هذه القصة الكثير من الأحكام الفقهية كأن يكون المهرة إجارة ويذكرون قضية شرع من قبلنا وقبل أن نأخذ الجواب لو تأذن لي أن آخذ هذا الاتصال من السعودية يسأل فيه السائل عن قوله تعالى [إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ] {القصص:85}  فما معنى قوله هنا إن الذي فرض عليك القرآن؟
     معنا اتصال آخر من السعودية وتسأل فيه السائلة عن قوله تعالى [وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً] {النمل:88}  هذا في الدنيا أم في الآخرة؟
     وأيضاً قوله [فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي] {العنكبوت:26}  هناك وقف لازم والمعروف أن الوقف اللازم يجب الوقوف عليه لأنه لو وصلنا اختل المعنى فما المعنى الذي يختل إذا وصلنا؟
     وأيضاً في قصة لوط في قوله [فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ] {النمل:56} وفي آيات أخرى [وَمَا كَانَ ] {البقرة:135}  أيضاً قوله تعالى [لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا] {النمل:68}  نحن وفي آيات أخرى [لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا] {المؤمنون:83}  فأرجوا التوضيح؟
     وأريد أن تنصحونا للكتاب للمتشابهات؟ اللفظية للحفاظ وطريقة لمراجعة القرآن إذا سمحتم؟
    * نعود يا شيخ عبد العزيز إلى قضية الاستنباط في المهر؟
    الشيخ : جمهور العلماء على جواز أن يكون المهر بالإجازة قال في ذلك المالكية فقال الإمام مالك الصحيح عندنا أن يكون المهر إجارة وهذه بالنسبة لشرع من كان قبلنا الأصل فيه أنه شرع لنا ما لم يأت في شرعنا ما يخالفه وهذا له استطراد طويل في أصول الفقه لكن هذا من حيث الأصل فهو على ثلاث مراتب ما يوجب في شرعنا ما يؤكده فهذا طبعاً شرع لنا أو أن يرد في شرعنا ما يخالفه فهذا مجمع على أنه مخالف أو أن يسكت عنه أي لا يكون هناك دليل في المسألة إلا شرع ما قبلنا وهذا نادر في المسائل وأذكر أن الشيخ ابن عثيمين عندما ذكرت قضية النسخ مثل نسخ القرآن بالسنة فذكر كلام طويل ثم لها أوضح جوازه فقال ولكن لا أعرف له أصل.
    المقدم : جميل. ومعنا اتصال أيضاً من السعودية سأل فيه السائل عن سورة مريم في قوله تعالى [إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا] {مريم:58}  نحن نسجد ولكن كيف يحصل البكاء ولماذا لا يبكي وقد تمر علينا آيات تهز الجبال فلماذا؟ وأنا أذكر مقولة لابن القيم يقول اطلب قلبك في ثلاث مواطن وذكر منها البكاء حين تدبر القرآن فإن لم تجده فاسأل ربك أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك؟
     أيضاً معنا اتصال آخر من السعودية يسأل فيه السائل عن قوله تعالى وهو يبشر عباده المؤمنين [ذَلِكَ الفَوْزُ الكَبِيرُ] {البروج:11}  و [ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {التوبة:89}  و [وَذَلِكَ الفَوْزُ المُبِينُ] {الأنعام:16}  فهل ثمة فرق بين هذه الألفاظ؟
    * نعود إلى قصة موسى عليه السلام مع عمه لأن الحقيقة والذي عليه بعض أهل العلم أنه ليس شعيب.
     معذرة هناك اتصال من السعودية يسأل فيه السائل عن قوله تعالى في سورة العنكبوت [وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا] {العنكبوت:25}  فالآية تبين أن هناك مودة بين المشرك والصنم الذي يعبدها فكيف يكون هذا المعنى أرجو التوضيح؟
    * هناك اتصال آخر يسأل فيه السائل عن قوله تعالى [قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا] {الإسراء:110}  ما معنى الآية؟
    * هناك اتصال آخر من السعودية تسأل فيه السائلة عن متى بدأنا الصلاة ومتى ابتداء الصيام في أي وقت وفي أي زمن وفي أي بلد؟
    * نعود إلى الأسئلة يا شيخ حتى لا يضيق علينا الوقت فالأخ المتصل الأول سأل عن قوله تعالى مخاطباً رسوله  [إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ] {القصص:85} فيسأل ما المقصود بفرض؟
    الشيخ : هذا يفهم من سياق معنى السورة ومقصودها كما أن الله عز وجل ذكر له تمكين موسى عليه السلام بعد أن كان مستضعفاً فكذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام مستضعفاً فبين لهم البشارة في قصة موسى بأن الله أهلك عدوهم ومكن لهم في الأرض فكذلك الذي فرض عليك القرآن يغير اختيار منك وهو إنزال من الله وإلزام من الله لرادك إلى معاد ولذلك اختلف العلماء إلى تنكير معاد واجتمعوا على المراد بالتنكير هو التفخيم لذلك قال الفراء هو معاد لله وأي معاد؟ فبعضهم قالوا إن المعاد هو الجنة وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن المعاد مكة. وفي كلا القولين أن الله سبحانه وتعالى سيمكنه بالعودة إلى مكة فاتحاً منتصراً وهم أذلاء محتقرون فيصبح معنى الآية إن الذي أنزل عليك القرآن وفرض عليك تبليغه لرادك إلى معاد.
    المقدم : وننبه الأخ السائل أن هذا يسمى عند العلماء بتضمين أن يعبر باللفظة الواحدة وتضم معنيين أو أكثر.
    * أيضاً يسأل عن قوله تعالى [وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا] {العنكبوت:25}  فيقول كيف تكون المودة بين المشركين وبين آلهتهم التي يعبدونها؟
    الشيخ : المودة هنا تشمل مودة الاتباع والمتبوعين وأيضاً تشمل مودتهم لآلهتهم هذا من العقوبة لهم في الدنيا أنهم استحبوا العمى على الهدى واستحبوا الشرك ابتلوا بأن يحبب هذا الشرك إليهم قال الله عز وجل في أصحاب العجل [وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ] {البقرة:93}  وقال أيضاً [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ] {البقرة:165} ه وكذلك هناك آية يحسن التوقف عندها في قوله تعالى إن الذين لا يؤمنون بالآخرة وقال في آخر السورة [بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ] {النمل:66}  فلماذا لم يؤمنون بالآخر وأتاهم العلم الذي لا تشوبه شائبة وآيات بينات فابتلوا بالشك عقوبة فصاروا في شك عظيم وهذا في جانب الاعتقاد أما في جانب العمل فهم منها عمون.
    المقدم : هناك سؤال الأخت السائلة عن [وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ] {النمل:88}  تسأل هل هذا الجمود للجبال هو في الدنيا أم في الآخرة؟
    الشيخ : الصحيح أنه في الآخرة والدليل عليه السياق أولا. والثاني: دلالة القرآن في آيات أخرى مثل قوله تعالى [وَسُيِّرَتِ الجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا] {النَّبأ:20} والاستدلال بالقرآن هو الصحيح والإعجاز العلمي محكوم وليس بحاكم لذلك إذا ورد فيه ما يخالف لغة الحال وأوجه الاستدلال الصحيح فإنه خاطئ وإن استحسنه بعض الناس.
    المقدم : تسأل أيضاً عن قوله تعالى [فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ] {العنكبوت:26}  في سورة العنكبوت فتقول لماذا الوقف لازم على قوله [فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ] {العنكبوت:26}  وما المعنى الخاطئ الذي سيترتب على الوصل؟
    الشيخ : أما بالنسبة للوقوف وتحديد الوقف اللازم وعدمه فهي اجتهادات من العلماء وعلى القول الذي اختاره بعض العلماء أنه يرجح الوقوف ولذلك فهذه العلامات ليست متلقاة من النبي  في بعضها وردت لكن هذه الوقوف الكثيرة ليست كلها متلقاة فهي تابعة للمعنى فقوله [فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي] {العنكبوت:26} طول الفصل بين إيمان لوط وبين الهجرة فهو هاجر ثم بعد ذلك أرسل رسولاً إلى قومه.
    المقدم : أيضاً يا دكتور لو وصلنا لفهم أنه لوط هو من هاجر والمقصود بالهجرة هنا إبراهيم عليه السلام.
     وسألت أيضاً عن قوله [فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ ] {النمل:56}  وفي بعض الآيات [وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ] {الأعراف:82}  فما هو التوجيه؟
    الشيخ : في الغالب في مثل هذه الألفاظ اختيار حرف على حرف يراعى فيه غالباً السياق وقد يكون من باب التنويع.
    المقدم : وقد نذكر يا شيخ أن الفاء تدل على التعقيب السريع فكأننا نقول أنهم لم يتركوا هناك مجالاً لأن يفهموا بل آمن مباشرة.
    * الوقت انتهى معنا فضيلة الشيخ والحقيقة بقيت أسئلة للسادة المشاهدين أعد لهم بأن يتم الإجابة عليها في الحلقة القادمة لا يسعني في مثل هذا اللقاء إلا أن اشكر الله سبحانه وتعالى الذي يسر هذا اللقاء كما أشكر شيخنا فضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل المستشار بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ومدير معهد آفاق التيسير الإلكترون على شبكة الإنترنت وهو عضو في ملتقى أهل التفسير على ما تفضل به في هذا اللقاء وشكر الله لكم أيها المشاهدين إلى أن نلقاكم غداً بإذن الله أستودعكم الله ورحمة الله وبركاته

    كلمات مفتاحية  :
    تفسير الجزء العشرون القرآن

    تعليقات الزوار ()