بتـــــاريخ : 3/15/2009 8:07:33 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1154 0


    احفظ الله يحفظ .. "1"

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د.محمد عبد العزيز العلي | المصدر : www.quranway.net

    كلمات مفتاحية  :
    احفظ الله يحفظ

    عن أبي العباس عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما– قال: كنت خلفَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: (يا غلامُ إني أُعَلِّمُك كلمات: احفظِ الله يحفظك، احفظِ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف) [3].

    وفي رواية: (احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك،واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرً).

    وفي رواية: (يا فتى ألا أهب لك ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنه قد جف القلـــــم بما هو كائن، واعلــــــم بأن الخلائـــق لو أرادوك بشيء لم يردك الله به لم يقدروا عليه، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرً) [4].

    مكانة الحديث:

    حديث ابن عباس هذا حديث عظيم، وكل أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عظيمة وشريفة، فهو أمر نبوي كريم بحفظ الدين، وبيان لنتيجة ذلك، وهو نصر الله وتأييده وحفظه لمن حفظ دينه، وقد اشتمل هذا الحديث على مسائل عقدية تعد أصولًا عظيمة ، من الإيمان بالله والإخلاص له بالعبادة والتوكل عليه والاسـتعانة به ، والقضاء والقـدر ، والاتبـاع لما جاء به رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

    ومما يدل على مكانته اختيار النووي (ت 676ه) له أن يكون ضمن الأربعين حديثًا التي جمعها، وكان رقمه التاسع عشر، وذكر سبب اختياره لها بقوله: «وقد استخرت الله تعالى في جمع أربعين حديثًا …، ثم من العلماء من جمع الأربعين في أصول الدين، وبعضهم في الفروع، وبعضهم في الجهاد، وبعضهم في الزهد، وبعضهم في الآداب، وبعضهم في الخطب، وكلها مقاصد صالحة، رضي الله عن قاصديها، وقد رأيت جمع أربعين أهم من هذا كله، وهي أربعون حديثًا مشتملة على جميع ذلك، وكل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين، قد وصفه العلماء بأن مدار الإسلام عليه، أو هو نصف الإسلام، أو ثلثه، أو نحو ذلك… ، وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات، وذلك ظاهر لمن تدبره» [5].

    كما اختاره النووي أيضًا ليكون ضمن كتابه القيم (رياض الصالحين)، ووضعه في الباب الخامس، باب المراقبة، من الكتاب الأول، فكان رقمه الثاني والستين من جملة الأحاديث التي بلغت 1896 حديـــثًا، وقد قال في مقدمتها: «فرأيت أن أجمع مختصرًا من الأحاديث الصحيحة، مشتملًا على ما يكون طريقًا لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلًا لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعًا للترغيب والترهيب، وسائر أنواع آداب السالكين، من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح، وإزالة اعوجاجها،وغير ذلك من مقاصد العارفين» [6].

    وقد وجد هذان الكتابان قبولاً عظيمًا عند العلماء، وطلبة العلم بعد النووي، إذ كثر انتشارهما، واعتني بهما بالشرح والتعليق.

    وقد اعتنى العلماء بهذا الحديث خاصة، وشرحوه، وبينوا منزلته، ومن ذلك ما ذكره ابن رجب الحنبلي (ت 795ه) حيث قال: « هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة،وقواعد كلية من أهــم أمــــور الدين، وأجلِّها، حتى قال الإمام أبو الفرج في كتابه (صيد الخاطر): تدبرت هذا الحديث، فأدهشني، وكدت أطيش، فوا أسفي من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه» [7].

    وقــال ابن حجــر الهيتمي (ت 974ه): بأن هذا الحديث اشــتمل على «هذه الوصايا الخطيرة القـــدر، الجامعــــة من الأحكام والحكم والمعارف ما يفوق الحصر» [8].

    وقال ابن عثيمين: «فهذا الحديث الذي أوصى به عبد الله بن عباس ينبغي للإنسان أن يكون على ذكر له دائمًا، وأن يعتمد على هذه الوصايا النافعة، التي أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما» [9].

    شرح الحديث إجمالاً:
    قوله: (كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-) أي راكبًا معه، ورديفه.

    قوله: (فقال: يا غلام…) قال له: (يا غلام)؛ لأن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان صغيرًا، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- توفي وعمر ابن عباس ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة [10].

    قوله: (إني أعلمك كلمات) ذكر له ذلك قبل ذكر الكلمات، ليكون ذلك أوقـــع في نفســـه، وجاء بها بصيغة القلّة؛ ليؤذنه أنها قليلة اللفظ؛ فيسهل حفظه [11].

    قوله -صلى الله عليه وسلم-: (احفظ الله) أي احفظ حدوده، وحقوقه، وأوامره ونواهيه.

    وحفظ ذلك يكون بالوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به، وأذن فيه إلى ما نهى عنه، فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله.

    وأعظم ما يجب حفظه التوحيد، وسلامة العقيدة، فهي الأصل والأساس لبقية أركان الإيمان والإسلام، التي يجب حفظها، بالإيمان بها قولًا وعملًا واعتقادًا، إخلاصًا لله تعالى، واتباعًا لما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

    قال ابن دقيق العيد ( ت 702ه) في معنى (احفظ الله): « ومعناه كن مطيعًا لربك، مؤتمرًا بأوامره، منتهيًا عن نواهيه» [12].

    وكذلك من حفظ الله أن يتعلم المسلم من دينه ما يقوّم به عباداته ومعاملاته، ويدعو به إلى الله -صلى الله عليه وسلم-.

    وقوله: (يحفظك) يعني أن من حفظ حدود الله، وراعى حقوقه حفظه الله، في الدنيا من الآفات والمكروهات، وفي الآخرة من أنواع العقوبات، جزاء وفاقًا. فكلما حفظ الإنسان دين الله حفظه الله.

    وحفظ الله لعبده الحافظ لدينه، يكون في أمرين:
    الأول: حفظ الله للعبد في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضلة، ومن الشهوات المحرّمة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفّاه على الإيمان.
    هذا هو الأمر الأول، وهو أعظمهما وأشرفهما، وهو أن يحفظ الله عبده من الزيغ والضلال؛ لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى، وكلما ضل ازداد ضلالًا.

    الثاني: حفظ الله للعبد في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، ومن حفظ الله في صباه وقوته حفظه الله في حال كبره وضعف قوته، ومتّعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله [13].

    إذن من حفظ حدود الله حفظه الله في دينه، وفي بدنه وولده وأهله وماله.

    قوله -صلى الله عليه وسلم-: (احفظ الله تجده تجاهك) أي احفظ الله أيضًا، بحفظ حدوده وحقوقه، وشريعته بالقيام بأمره واجتناب نهيه.
    (تجده تجاهك)، وفي رواية: (أمامك)، ومعناهما واحد، أي من حفظ حدود الله وجد الله تجاهـــــه وأمامــــه، في كل أحواله حيث توجه، يحوطه وينصره ويوفقه ويسدده، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونٌَ﴾ [14].

    نعم من حفظ الله وجد الله أمامه يدله على كل خير، ويذود عنه كل شر، ولا سيما إذا حفظ الله بالاستعانة به؛ فإن الإنسان إذا استعان بالله، وتوكل على الله كان الله حسبه وكافيه، ومن كان الله حسبه؛ فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله، فلن يناله سوء. [15]

    يقول ابن دقيق العيد في شرح هذه العبارة: « أي اعمل له بالطاعة، ولا يراك في مخالفته؛ فإنك تجده تجاهك في الشدائد» [16].

    قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سألت فاسأل الله) سؤال الله تعالى هو دعاؤه والرغبة إليه، فدل هذا التوجيه النبوي الكريم على أن يسأل الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يسأل غيره، فسؤال الله -صلى الله عليه وسلم- دون خلقه هو المتعين؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضرر، وجلب المنافع، ودفع المضار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده.

    والله سبحانه يحب أن يُسأل، ويُلَحّ في سؤاله، والمخلوق بخلاف ذلك، يكره أن يُسأل، ويحب أن لا يسأل؛ لعجزه وفقره وحاجت [17].

    قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وإذا استعنت فاستعن بالله) دل هذا الحديث على أن يستعان بالله دون غيره، وأن لا يعتمد على مخلوق، فالاستعانة هي طلب العون، ولا يطلب العون من أي إنسان « إلا للضرورة القصوى، ومع ذلك إذا اضطررت إلى الاستعانة بالمخلوق فاجعل ذلك وسيلة وسببًا، لا ركنًا تعتمد عليه …» [18].

    يقول ابن رجب: « وأما الاستعانة بالله -صلى الله عليه وسلم- دون غيره من الخلق؛ فلأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه، ودفع مضاره، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا لله -صلى الله عليه وسلم-، فمن أعانه الله فهو المعان…، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات» [19].

    قوله -صلى الله عليه وسلم-: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك). المراد أن كـــل ما يصيب الإنســــان في دنياه، مما يضره أو ينفعه، فهو مقدر عليه، فلا يصيب الإنسان إلا ما كتب له من ذلك في الكتاب السابق، ولو اجتهد على ذلك الخلق كلهم جميعًا.

    فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يخبر في هذا الحديث أن الأمة لو اجتمعت كلها على نفع أحد لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وإذا وقع منهم نفع له فهو من الله تعالى؛ لأنه هو الذي كتبه، وكذلك لو اجتمعوا على أن يضروا أحدًا بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه [20].

    ولهذا جاء في الحديث: (إنَّ لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمـان حتى يعلـم أن ما أصابه لم يكن ليخطئـه، وما أخطـأه لم يكن ليصيبه) [21].

    قوله: (رفعت الأقلام وجفت الصحف) هذا إخبار من الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن تقدّم كتابة المقادير، وأن ما كتبه الله فقد انتهى ورفع، والصحف جفّت من المداد، ولم يبق مراجعة، فما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك [22].

    قوله -صلى الله عليه وسلم-: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرً) يعني أن ما أصاب العبد من المصائب المؤلمة المكتوبة عليه، إذا صبر عليها نصره الله، وجعل في صبره خيرًا كثيرًا.

    يقول صاحب شرح رياض الصالحين في شرح هذا الحديث: « يعني اعلم علم اليقين أن النصر مع الصبر، فإذا صبرت، وفعلت ما أمرك الله به من وسائل النصر ؛ فإن الله تعالى ينصرك .

    والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله ، وعن معصيته ، وعلى أقداره المؤلمة» [23].

    قوله: (وأن الفرج مع الكرب) أي كلما اشتدت الأمور واكتربت وضاقت؛ فإن الفرج من الله قريب ، يقول ابن حجر الهيتمي: « … (وأن الفرج) يحصل سريعًا (مع الكرب) فلا دوام للكرب ، وحينئذ فيحسن لمن نزل به أن يكون صابرًا، محتسبًا، راجيًا سرعة الفرج مما نزل به، حسن الظن بمولاه في جميع أموره، فالله -صلى الله عليه وسلم- أرحم به من كل راحم، حتى أمه وأبيه، فهو -صلى الله عليه وسلم- أرحم الراحمين» [24].

    وقوله: (وأنَّ مع العسر يسرً) أي أن كل عسر فإن بعده يسرًا، بل إن العسر محفوف بيُسرَيْن، يُسر سابق، ويُسر لاحق، لقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْـــرًاٌ﴾فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْـــرًا [25]. فالعسر لا يدوم لمن احتسب وصبر، وعلم أن ما أصابه بمقدور الله تعالى، وأنه لا مفر له من ذلك، واستقام كما أمر ربه؛ إخلاصًا وحسن اتباع [26].

    المبحث الأول
    في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (يا غلام: إني أعلمك كلمات)
    مما يؤخذ من هذا الجزء في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأمور التالية:

    1- وجوب تعليم الناس العقيدة الصحيحة، وتربيتهم عليها، وعلى العلم النافع، ويكون ذلك بأسلوب مختصر، وكلم جامع واضح، فلو تأملت هذا الحديث لوجدته جامعًا لمسائل عقدية كثيرة بأسلوب موجز.

    2- الحرص على تربية الناشئة على العلم النافع، ويبدأ بتربيتهم على العقيدة الصافية الخالصة؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجه هذه الكلمات النافعات إلى ابن عباس وهو صغير؛ إذ قال له: (يا غلام: إني أعلمك كلمات)؛ ليتربى الشاب المسلم على معرفة الله وتوحيده، وحفظ حدوده، يلجأ إلى الله في الرخاء والشدة، ويسأله ويســتعين به، ويتوكل عليه -صلى الله عليه وسلم-، فيصبح شجاعًا مقدامًا؛ لأنه يعلم أنه لا يملك أحد من البشر له نفعًا ولا ضرًا إلا بإذن الله تعالى، ولأن الله معه ينصره ويؤيده وييسر له أموره، ما دام متمسكًا بشرع الله إخلاصًا واتباعًا.
    فعلى الجميع الحرص على غرس الإيمان في نفوس الأبناء، وتربيتهم على فهم أصول الإيمان، والعمل بأحكام الإسلام، وتعويدهم على المراقبة والمحاسبة منذ الصغر، قبل أن تصلهم الفلسفات الإلحادية والشبهات البدعية والشهوات المغرضة، وغير ذلك مما تشنه تلك الحملات المسعورة من حرب ضروس ضد شباب الأمة ذكورًا وإناثًا، مرة باسم التثقيف، وباسم التسلية والترفيه مرات أخرى.

    3- استحباب تشويق المتعلم، وتهيئته بلطف العبارة، وتنبيهه إلى أهمية ما يلقى إليه، وإشعاره بسهولة حفظه ووعيه ليسهل عليه تلقيه واستيعابه، وبالتالي حفظه ووعيه، وبخاصة المسائل العقدية التي يحتاج إلى دقة في حفظها ونقلها، ويؤخذ هذا من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما قال لابن عباس مقدمًا له هذه المسائل: (يا غلام: إني أعلمك كلمات).

    4- ومما يؤخذ من هذا الحديث حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على توجيه الأمة، وتنشئة الجيل المسلم على العقيدة الصحيحة والشرع القويم، وقد قال الله تعالى في وصفه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌٌ﴾ [27]، أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته، ويشق عليها، حريص على هدايتكم، ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم [28]، ولهذا ورد عن أبي ذر -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: تركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علمًا، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم) [29].

    المبحث الثاني
    في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (احفظ الله)
    وممَّا يؤخذ في هذا الجزء ما يلي:

    1- إثبات صفة الحفظ لله تعالى، أخذًا من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (احفظ الله يحفظك)، فهنا أثبت أن الله -صلى الله عليه وسلم- متصف بأنه يحفظ عباده الذين يحفظون حدوده، فدل على إثبات صفة الحفظ لله تعالى، وأنها تتعلـــق بإرادته ومشيئــــته، وهذه الصفة ثابتة لله -عزَّ وجل- في القرآن الكريم ، لقـوله تعالى: ﴿فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينٌ﴾ [30]، وقوله ســبحانه: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ [31].

    وقد ذكر العلماء أنَّ من أسماء الله تعالى (الحافظ) و(الحفيظ)؛ أخذًا من الآيتين السابقتين، ومن المعلوم أنَّ باب الصفات أوسع من باب الأسماء؛ وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة، وأسماء الله تعالى إن دلت على وصف فقد تضمنت ثلاثة أمور:

    أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله -عزَّ وجل-.
    الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله -عزَّ وجل-.
    الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاه [32].

    مثال ذلك: (الحافظ) يتضمن إثبات (الحافظ) اسمًا لله تعالى، وإثبات الحفظ صفة له، وإثبات حكم ذلك ومقتضاه، وهو أنه سبحانه يحفظ عباده، الذين يحفظونه.

    ومن الأدلة أيضًا على تسمية الله بالحفيظ قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٌٍ﴾ [33]، وقوله: ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ [34].

    يقول صالح البليهي (ت 1410ه): « الحفيظ من أسماء الله الحسنى، واشتقاقه من الحفظ، والحفظ لغة هو الحراسة والصيانة والحياطة، والله جل وعلا سمى نفسه حفيظًا … فالله تقدّس اسمه هو الحافظ والحفيظ، هو تعالى على كل شيء حفيظ، أي شاهد وحافظ، يحفظ على عباده أقوالهم وأفعالهم، فيجازي كلًا بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر …، والله تعالى من فضله ولطفه ورحمته وإحسانه يحفظ عباده المؤمنين، وهو خير الحافظين، يحفظهم من كل شر، ومن كل محنة وبلاء، يحفظهم تعالى ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ يحفظهم بشرط أن يحافظوا على ما أوجب الله عليهم في شريعة الإسلام، وبشرط أن يحفظوا جوارحهم عن كل ما حرم الله…، ودعاء الله بأسمائه مشروع، وكيفيته يا غفور اغفر لي، يا رحمن ارحمني، يا رزاق ارزقني، يا معافي عافني، ونحو ذلك، فالله تعالى هو الحافظ والحفيظ … اللهم يا حافظ ويا حفيظ احفظنا وأنت خير الحافظين» [35].

    2 - وجوب حفظ العقيدة، والحرص على سلامتها مما قد يشوبها، وأن ذلك أعظم أسباب حفظ الله للعبد، كما يجب حفظ الشريعة، وذلك بالعمل بها، والدعوة إليها، والدفاع عنها.

    فإذا كان قوله -صلى الله عليه وسلم-: (احفظ الله) يعني حفظ حدوده، وحقوقه ، وأوامره ونواهيه، فإن أعظم حقوقه توحيده في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، واتباع كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، المصدرين لتلقي العقيدة، والحذر من الانزلاق مع الهوى، أو تقديم العقل على النص الشرعي مما أوقع كثيرًا من الفرق والنحل في الشرك والبدع والمخالفات.

    وحفظ العقيدة يكون بتعلمها والإيمان بها والعمل بمقتضاها،وتعليمها والدعوة إليها.

    فقوله: (احفظ الله) أمر بحفظ توحيده، وأوامره ونواهيه، وحقوقه وحدوده، كما أنه أمر بحفظ الجوارح كالسمع والبصر واللسان والبطن والفرج.

    ولهذا يقـــــول الله تعـــالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيـــــظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٌٍ﴾ [36] يقال للمتقين على وجـــه التهنئة: ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أواب حفيظٌ﴾ أي هذه الجنة وما فيها، هي التي وعد الله لكل أواب ، أي رجاع إلى الله ، في جميع الأوقات ، بتوحيده وذكره ، وحبه ، والاستعانة به، (حفيظ) أي محافظ على ما أمر الله به، من توحيده وشرعه ، على وجه الإخلاص، والإكمال له على أتم الوجوه، حفيظ لحدوده [37].

    وخصت بعض الأعمـــال بالتنصــــيص على حفظها اعتـــناء بشـــــــأنها، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَىٌ﴾ [38]. وقوله تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمٌْ﴾ [39]، وقوله: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًٌ﴾ [40]، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونٌ﴾ [41]، وقوله: ﴿وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمٌْ﴾ [42]، إلى غير ذلك من الآيات.

    وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من حفظ ما بين لحييه ورجليه دخل الجنة) [43]، وفي رواية: (من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة ) [44]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ( ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) [45].

    إذن من فعل الواجبات وترك المحرمات فقد حفظ حدود الله تعالى، ومن ثم فقد حفظ الله، وأعظم ما أوجبه الله على عباده، توحيده، وعبادته سبحانه إخلاصًا له ، ومتابعة لما جاء به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فهي الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونٌ﴾ [46].

    فمن آمن بذلك وعمل به فهو من الحافظين لحدود الله تعالى، الذين أثنى الله عليهم ســـبحانه بقولــه: ﴿الْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينٌَ﴾ [47]، وقولـــه سبحانـــه: ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٌٍ﴾ [48].

    ومن الأدلة على حفظ الجوارح ما جاء في حديث ابن مسعود المرفوع: (الاستحياء من الله حق الحياء: أن يحفظ الرأس وما وعى، ويحفظ البطن وما حوى ) [49].

    وحفظ الرأس وما وعى: يدخل فيه حفظ اللسان من الكذب والغيبة، والنميمة، وشهادة الزور، والقول الحرام، وحفظ السمع عن الأصوات المحرمة، وحفظ البصر عن النظر إلى ما حرم الله تعالى النظر إليه، ونحو ذلك.

    وحفظ البطن وما حوى: يدخل فيه حفظ القلب عن الاعتقاد الباطل، والإصرار على المحرم، وحفظ البطن من إدخال ما حرم الله من المأكولات والمشروبات الممنوعة شرعً [50].

    قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًٌ﴾ [51]؛ أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبّت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك، فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسؤول عما قاله وفعله، وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته أن يُعدّ للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، وذلك لا يكون إلا باستعمالها بعبودية الله تعالى، وإخلاص الدين له، وكفها عما يكرهه الله جل وعل [52].

    «وكما هو معروف الجزاء من جنس العمل فمن حفظ الله حفظه الله، وحفظ الله لا يحصل إلا بفعل الواجبات وترك المحرمات، فمن فعل جميع ما أوجب الله عليه، وترك جميع ما حرم الله عليه حفظه الله بما يحفظ به عباده الصالحين، ومن المعروف أن هذه الحياة في غالب الأزمان تموج بالشرور والفتن، والحروب الطاحنة، ولكن من حفظ الله حفظه الله» [53] .

    ومما يلزم التنبيه عليه أن « الله عزوجل ليس بحاجة إلى أحد حتى يحفظه، ولكن المراد حفظ دينه وشرعه، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمٌ﴾ [54]، وليس المعنى تنصرون ذات الله؛ لأن الله I غني عن كل أحد، ولهذا قال في آية أخـــرى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمٌ﴾ [55]، ولا يعجزونه ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضٌ﴾ [56]» [57].

    وهذا الفهم الخاطئ قد يفهمه الجهلة أو يثيره الأعداء، فإن اليهود عندما سمعوا قول الله تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةٌ﴾ [58]، قالوا: يا محمد: افتقر ربك فسأل عباده القرض، ما بنا إلى الله من حاجة، وإنه إلينا لفقير، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيًا ما استقرض منا – كما نُقل ذلك عنهم [59] – فأنزل الله -عزَّ وجل- قوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُوٌ﴾ [60].

    المبحث الثالث
    في قوله -صلى الله عليه وسلم- (يحفظك)

    إذا حفظ العبد توحيده، وراعى حقوق ربه، فعندئذ يحفظه الله؛ في دينه، وفي بدنه وماله وأهله.
    وأعظم هذه الأمور حفظ الله تعالى دين العبد، بأن يسلّمه من الزيغ والضلال، والانحراف، لأن الإنسان كلما حرص على حفظ توحيده، وسلامة عقيدته من البدع والخرافات والضلالات، حفظ الله عليه عقيدته وتوحيده، وكلما التزم الهداية زاده الله هدى، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمٌ﴾ [61]، وكلما ضل الإنسان، والعياذ بالله، فإنه يزداد ضلالًا، ولهذا قال الله تعالى عن المنافقين: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمٌْ﴾ [62]، أي: ختم على قلوبهم، وسد أبواب الخير التي تصل إليه بسبب اتباعهم أهواءهم، التي لا يهوون فيها إلا الباطل [63].

    ولهذا جاء في الحديث: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء؛ فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبــه، وهو الران الذي ذكر الله: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونٌَ﴾) [64].

    يحفظ الله -عزَّ وجل- عبده الحافظ لدينه في حياته، وعند موته، فيتوفاه على الإيمان، إذ الجزاء من جنس العمل، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمٌْ﴾ [65]، وقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمٌْ﴾ [66]، وقوله: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمٌ﴾ [67]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصَنِفة إزاره ثلاث مرات؛ فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعده، وإذا اضطجع فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) [68].

    فمن حفظ الله في حياته، بإخلاص العبادة له سبحانه، وحسن الاتباع لرسوله -صلى الله عليه وسلم- حفظه الله بالإسلام ونصره وأيده؛ وقد علّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر بن الخطاب t أن يقول: (اللهم احفظني بالإسلام قائمًا، واحفظني بالإسلام قاعدًا، واحفظني بالإسلام راقدًا، ولا تشمت بي عدوًا ولا حاسدًا، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك ) [69].

    وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلِّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه) [70].
    وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول للرجل إذا أراد سفرًا: ادنُ منِّي أودعك كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يودّعنا، فيقول: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك) [71].

    وجاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( إن الله إذا اسْتُودع شيئًا حفظه) [72].

    فالله -عزَّ وجل- يحفظ العبد الحافظ لدينه، المخلص في عبادته، ويحول بينه وبين ما يفسد عليه دينه من مفسدات الشبهات والشهوات، من البدع والخرافات، وأنواع المغريات، فيحفظه الله منها بأنواع الحفظ، قد يخفى بعضها عليه؛ إذ يكون في ظاهرها بلاء، وفي حقيقتها صرف السوء عنه، كما قال تعالى في قصة يوسف -عزَّ وجل-: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينٌ﴾ [73].

    يقول الســعدي (ت 1376ه) في حديثــه عن قصــة يوسف -عزَّ وجل-: «فصبر عن معصية الله مع وجود الداعي القوي فيه، لأنه قد هم فيها همًا تركه لله، وقدم مراد الله على مراد النفس الأمارة بالسوء، ورأى برهان ربه - وهو ما معه من العلم والإيمان، الموجب لترك كل ما حرم الله - ما أوجب له البعد والانكفاف عن هذه المعصية الكبيرة، (قال معاذ الله) أي: أعوذ بالله أن أفعل هذا الفعل القبيح؛ لأنه مما يسخط الله، ويبعد عنه …، والحاصل أنه جعل الموانع له من هذا الفعل تقوى الله، ومراعاة سيده، الذي أكرمه، وصيانة نفسه عن الظلم، الذي لا يفلح من تعاطاه، وكذلك ما من الله عليه من برهان الإيمان الذي في قلبه، يقتضي منه امتثال الأوامر، واجتناب الزواجر، والجامع لذلك كله: أن الله صرف عنه السوء والفحشاء؛ لأنه من عباده المخلصين له في عباداتهم، الذين أخلصهم الله، واختارهم واختصهم لنفسه، وأسدى عليهم من النعم، وصرف عنهم المكاره، ما كانوا به من خيار خلقه» [74].
    وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُــواْ أَنَّ اللّهَ يَحُــولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِــهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْــشَرُونٌَ﴾ [75].

    روي عن ابن عباس أنه قال: « يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان» [76].
    فمن حافظ على سلامة توحيده من الشبهات والانحرافات، وقام بحقوق الله عليه؛ فإن الله يحفظه بحفظ جميع مصالحه في الدنيا والآخرة، فمن أراد أن يتولى الله حفظه في أموره كلها فليراعِ حقوق الله عليه، وأعظمها حق توحيده، وإفراده بالعبادة، والعمل بشريعته، اتباعًا لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أخبر الله تعالى بأنه ولي المؤمنين وكافيهم وحسبهم، قال تعالى: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرٌ﴾ [77]، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمٌْ﴾ [78]، وقال سبحانه: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهٌ﴾ [79]، وقال: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهٌُ﴾ [80].

    فالحافظ لدينه يحفظه الله في دينه ودنياه، ويحييه حياة طيبة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهٌِ﴾ [81] روى الطــبري (ت 310ه) عن ابن عباس قوله بأن المعقبات « هم ملائكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر خلوا عنه» [82].

    وروى الطبري أيضًا، عن مجاهد ( ت 104ه) قوله: « ما من عبد إلا له ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما من شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءك، إلا شيئًا يأذن الله فيه فيصيبه» [83] .

    وقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شــمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) [84].

    ويقول الله -عزَّ وجل-: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونٌَ﴾ [85]، فهذه الآية « وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا، وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، من ذكر أو أنثى، من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، أن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله، بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه الله بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت» [86]، وذلك بأن يوفق الله عبده إلى ما يرضيه، ويرزقه العافية والرزق الحلال [87].

    فلو أن الأمة رعاة ورعية حفظوا شرع الله تعالى، واحتكموا إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وحكموهما في جميع مجالات الحياة، لسلمت الأمة من كثير من الأخطار والفتن والابتلاءات كالجوع والخوف والغزو ونحو لك؛ إذ إن ما أصابها من تشتت وفرقة هو بسبب تهاونها في حفظ حدود الله تعالى والقيام بشرعه.

    وإنَّ انتصار الأمة مرهون بنصرها دين الله تعالى، بالعمل به والدعوة إليه، والدفاع عنه، يقول تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌٌ﴾ [88] ففي هذه الآية الكريمة يبين الله تعالى «أنه أقسم لينصرن من ينصره، ومعلوم أن نصر الله إنما هو باتباع ما شرعه بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ونصرة رسله واتباعهم، ونصرة دينه، وجهاد أعدائه، وقهرهم، حتى تكون كلمته هي العليا، وكلمة أعدائه هي السفلى، ثم إن الله جل وعلا بيّن صفات الذين وعدهم بنصره؛ ليميزهم عن غيرهم، فقال مبينًا من أقســم أنه ينصره ؛ لأنه ينصر الله جل وعلا: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرٌ﴾ [89] الآية، وفي قوله: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنـَّـاهُمْ فِي الأَرْضٌِ﴾ دليل على أنه لا وعد من الله بالنصر إلا مع إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف،والنهي عن المنكر، فالذين يمكن الله لهم في الأرض، ويجعل الكلمة فيها والسلطان لهم، ومع ذلك لا يقيمون الصلاة، ولا يؤتون الزكاة، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، فليس لهم وعد من الله بالنصر؛ لأنهم ليسوا من حزبه، ولا من أوليائه، الذين وعدهم بالنصر، بل هم حزب الشيطان وأولياؤه ، فلو طلبوا النصر من الله بناء على أنه وعدهم إياه فمثلهم كمثل الأجير الذي يمتنع من عمل ما أجر عليه، ثم يطلب الأجرة، ومن هذا شأنه فلا عقل له» [90].

    وخلاف ذلك، من كفر بأنعم الله تعالى وضيّع حدوده، فقد عرّض نفسه للهلاك، يقول تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَـاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْــهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَـذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونٌَ﴾ [91]. قال الشنقيطي (ت 1393ه) بعد تفسيره هذه الآية: « وعلى كل حال، فيجب على كل عاقل أن يعتبر بهذا المثل، وألا يقابل نعم الله بالكفر والطغيان؛ لئلا يحل به ما حل بهذه القرية المذكـــورة، ولكن الأمـثال لا يعقـــلهــا عن الله إلا من أعطـــاه الله علمًا؛ لقوله -عزَّ وجل-: ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضـــْرِبُهَا لِلنَّــاسِ وَمَــا يَعْقــِـــلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونٌ﴾ [92]» [93].

    « ومن حفظ الله في صباه وقوته حفظه لله في حال كبره، وضعف قوته، ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله» [94].

    ذكر ابن كثير (ت 774ه) أنَّ أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري الشافعي (ت 450ه)، قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بقوته وعقله، فوثب يومًا وثبة شديدة، فعوتب في ذلك فقال: « هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر» [95].

    وعكس هذا أن بعض السلف رأى شيخًا يسأل الناس، فقال بأن هذا الشيخ لم يحفظ الله في صغره، فلم يحفظه الله في كبره [96]

    وقد يحفظ الله العبد بصلاحه بعد موته، في ذريته، بدليل قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكٌ﴾ [97].

    قال ابن كثير: « وقوله: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًٌ﴾ فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا، والآخرة بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم» [98].

    وروي عن ابن عباس أنه قال: « حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر لهما صلاحًا» [99].

    وقال السعدي في تفسير الآية السابقة: « أي: حالهما تقتضي الرأفة بهما ورحمتهـــما؛ لكونهما صغيرين عدما أباهما، وحفظهما الله أيضًا بصلاح والدهما» [100].

    وذكر ابن رجب أنَّ سعيد بن المسيب قال لابنه: « لأزيدن في صلاتي من أجلك ؛ رجاء أن أُحفظ فيك» [101] ثم تلا هذه الآية ﴿وكان أبوهما صالحًٌ﴾.

    ونقل عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: « ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه» [102].

    وقال أبو نعيم (ت430ه) بأن ابن المنكدر (ت130ه) قال: « إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده، وولد ولده، والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر» [103].

    وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كانت امرأة في بيت فخرجت في سرية من المسلمين، وتركت ثنتي عشرة عنزًا، وصيصيته [104] كانت تنسج بها، قال: ففقدت عنزًا لها وصيصيتها، فقالت: يا رب ، إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه ، وإني قد فقدت عنزًا من غنمي وصيصيتي ، وإني أنشدك عنزي وصيصيتي) قال: وجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر شدّة مناشدتها ربها تبارك وتعالى ، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فأصبحت عنزها ومثلها، وصيصيتها ومثله) [105].

    ومن حفظ الله تعالى لعبده الحافظ لحدود الله أن يجعل الحيوانات المؤذية، حافظة له من الأذى، كما حدث لسفينة مولى النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث كسر به المركب، وخرج إلى جزيرة، فرأى أسدًا، فجعل يمشي معه حتى دله على الطريق، فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يودعه، ثم رجع عنه [106].

    ومن ضيع حدود الله واتبع الشبهات أو غرق في الشهوات، ولم يحفظ الله، لم يحفظه الله، وكان عرضة لعقاب الله وسخطه، ودخل عليه الضرر والأذى، وربما أصابه ذلك ممن كان يرجو نفعه من أهله وماله، كما نقل عن الفضيل بن عياض (ت 187 ه) أنه قال: « إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي» [107].

    ـــــــــــ
    [1] جزء من حديث أخرجه الإمام أحمد 1/ 408، و1/ 437. وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/472 ح 1483.
    [2] سورة النحل، الآية 36.
    [3] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب 59، ح 2516، والإمام أحمد 1/ 293، 303، وأخرجه الطبراني في الكبير ح 1298، وأبو نعيـم في الحلية 1/ 314. وصححه الألباني، انظر صحيح الجامع الصغير 2/ 1318 ح 7957.
    [4] الروايتان في مسند الإمام أحمد 1/ 293، و1/ 303،307 وعند أبي يعلى 2/ 665، والحاكم في مستدركه 3/ 541، والطبراني في المعجم الكبير 3/ 121. وصححه الألباني: انظر كتاب السنة لابن أبي عاصم، تخريج الألباني 1/ 138،139، ورياض الصالحين بتحقيق الألباني ص 63، وسلسلة الأحاديث الصحيحة 5/ 496، 497 ح 2382.
    [5] متن الأربعين النووية ص 11- 12.
    [6] رياض الصالحين ص 28.
    [7] جامع العلوم والحكم ص 462.
    [8] فتح المبين لشرح الأربعين ص 172.
    [9] شرح رياض الصالحين ص 456.
    [10] انظر مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 10/ 53.
    [11] انظر فتح المبين لشرح الأربعين ص 171.
    [12] شرح الأربعين حديثًا النووية ص 55.
    [13] انظر جامع العلوم والحكم ص 248، 249. وشرح رياض الصالحين 2/ 451.
    [14] سورة النحل، الآية 128.
    [15] انظر جامع العلوم والحكم ص251، وشرح رياض الصالحين 2/ 451، 452.
    [16] شرح الأربعين حديثًا النووية ص 55.
    [17] انظر جامع العلوم والحكم ص 256، 257.
    [18] انظر شرح رياض الصالحين 2/ 425، 453.
    [19] جامع العلوم والحكم ص 257.
    [20] انظر جامع العلوم والحكم ص 258، وشرح رياض الصالحين 2/ 454.
    [21] رواه الإمام أحمد في مسنده 6/ 441، وابن أبي عاصم في السنة ح 246. وصححه الألباني، انظر صحيح الجامع الصغير ح 2150.
    [22] انظر شرح رياض الصالحين 2/ 455.
    [23] المصدر السابق 2/ 455.
    [24] فتح المبين لشرح الأربعين ص 177.
    [25] سورة الشرح، الآيتان 5،6.
    [26] انظر قواعد وفوائد من الأربعين النووية ص 178.
    [27] سورة التوبة، الآية 128.
    [28] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 385.
    [29] رواه أحمد 5/ 153، و162، والبزار ح 147، والطيراني في المعجم الكبير ح 1647، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/ 416 ح 1803.
    [30] سورة يوسف، الآية 64.
    [31] سورة هود، الآية 57.
    [32] انظر القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ص 10، 15، 21.
    [33] سورة الشورى، الآية 6.
    [34] سورة سبأ، الآية 21.
    [35] عقيدة المسلمين والرد على الملحدين والمبتدعين 2/ 37 – 41.
    [36] سورة ق ، الآيات 31- 33.
    [37] انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، ص 1364.
    [38] سورة البقرة، الآية 238.
    [39] سورة النور، الآية 30.
    [40] سورة الأحزاب، الآية 35.
    [41] سورة (المؤمنون)، الآية 5.
    [42] سورة المائدة، الآية 89.
    [43] رواه الحاكم في المستدرك 4/ 357، وصححه، ورواه الترمذي وحسنه ح 2409، وصححه ابن حبان ح 5703، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/ 23.
    [44] رواه الترمذي 2/ 66، وقال: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/ 22 ح 510.
    [45] رواه أحمد في المسند 5/ 282، والدارمي 1/ 168، وصححه ابن حبان ح 1037، وصححه الألباني، انظر صحيح الترغيب والترهيب ح 192، 1/ 86.
    [46] سورة الذاريات، الآية 56.
    [47] سورة التوبة، الآية 112.
    [48] سورة ق~، الآية 32.
    [49] رواه أحمد في المسند 1/ 387، والترمذي ح 2458 في كتاب صفة القيامة باب (24)، والحاكم 4/ 323، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح 2000.
    [50] انظر: نور الاقتباس ص 10.
    [51] سورة الإسراء، الآية 36.
    [52] انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 409.
    [53] عقيدة المسلمين والرد على الملحدين والمبتدعين 2/ 38.
    [54] سورة محمد، الآية 7.
    [55] سورة محمد، الآية 4.
    [56] سورة فاطر، الآية 44.
    [57] انظر شرح رياض الصالحين 2/ 450، 451.
    [58] سورة البقرة، الآية 245.
    [59] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 410، وأسباب النزول ص 98، 99.
    [60] سورة آل عمران، الآية 181.
    [61] سورة محمد، الآية 17.
    [62] سورة محمد، الآية 16.
    [63] انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 731.
    [64] رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ح 3334 في كتاب التفسير، وابن ماجه، كتاب الزهد ح 4244، وأحمد في مسنده 2/ 297.
    [65] سورة البقرة، الآية 40.
    [66] سورة البقرة، الآية 152.
    [67] سورة محمد، الآية 7.
    [68] رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب السؤال بأسماء الله تعالى 11/ 107، ورواه مسلم، كتاب الذكر، باب ما يقول عند النوم ح 2714.
    [69] رواه الحاكم في المستدرك 1/ 525، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ح 1540.
    [70] رواه أحمد 2/ 403، وابن ماجه ح 2825 في كتاب الجهاد، باب تشييع الغزاة ووداعهم، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ح 16.
    (71) رواه الترمذي ، كتاب الدعوات ، باب 45 ، ح 3439 ، وأحمد 2/7 و 25 و 38 ، وصححه ابن حبان ، ح 2376 ، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ح 14 .
    [72] رواه أحمد في المسند 2/87 ، وابن حبان 3376 ، وصححه الألباني ، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/21.
    [73] سورة يوسف، الآية 24.
    [74] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 351، 352.
    [75] سورة الأنفال، الآية 24.
    [76] ذكره ابن كثير في تفسيره 2/ 285، وقال: رواه الحاكم في مستدركه موقوفًا. وانظر المستدرك 2/ 328.
    [77] سورة البقرة، الآية 257.
    [78] سورة محمد، الآية 11.
    [79] سورة الطلاق، الآية 3.
    [80] سورة الزمر، الآية 36.
    [81] سورة الرعد، الآية 11.
    [82] انظر جامع البيان في تفسير القرآن 13/ 77.
    [83] انظر المصدر السابق ص 78.
    [84] رواه أبو داود، في الأدب ح 5074، وابن ماجه، في الدعاء ح 3871، والحاكم في مستدركه 1/ 517، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 2/ 332.
    [85] سورة النحل، الآية 97.
    [86] تفسير القرآن العظيم 2/ 566.
    [87] انظر أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 3/ 352- 355.
    [88] سورة الحج، الآية 40.
    [89] سورة الحج، الآية 41.
    [90] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 5/ 703، 704.
    [91] سورة النحل ، الآيتان 112 ، 113 .
    [92] سورة العنكبوت، الآية 43.
    [93] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 3/377.
    [94] انظر جامع العلوم والحكم ، ص 466 .
    [95] انظر البداية والنهاية 12/85 ، وسير أعلام النبلاء 17/668 – 671 ، وجامع العلوم والحكم ، ص 466.
    [96] انظر جامع العلوم والحكم ، ص 466.
    [97] سورة الكهف، الآية 82.
    [98] تفسير القرآن العظيم 3/ 97.
    [99] انظر المصدر السابق، وذكر هـذا الأثر ابن الـمبارك في الزهد (332)، والطبري في جامع البيان في تفسير القرآن 16/ 7، والحاكم 2/ 369
    [100] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 432.
    [101] جامع العلوم والحكم ، ص 467.
    [102] المصدر السابق ، الصفحة نفسها .
    [103] الحلية 3/ 148، ورواه ابن المبارك في الزهد (330)، والحميدي (373)، وانظر جامع العلوم والحكم.
    [104] الصيصية: هي الصنّارة التي يغزل بها وينسج. انظر لسان العرب 2/ 501، والنهاية في غريب الحديث والأثر ص533.
    [105] رواه الإمام أحمد في المسند 5/ 67، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 277 وقال: رجاله رجال الصحيح.
    [106] رواه الطبراني في الكبير (6432)، وصححه الحاكم 3/ 606، وانظر الحلية 1/ 369.
    [107] حلية الأولياء 8/ 109، وجامع العلوم والحكم ص 468.

    كلمات مفتاحية  :
    احفظ الله يحفظ

    تعليقات الزوار ()