بتـــــاريخ : 3/15/2009 6:13:48 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1160 0


    النهي عن كتابة الحديث حفظاً للقرآن

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طريق القرآن | المصدر : www.quranway.net

    كلمات مفتاحية  :

    لم يكتب الحديث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما كتب القرآن الكريم ولم يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه كتبة يكتبون الحديث - ويرى بعضهم أن ذلك يرجع إلى ندرة الوسائل الكتابية وإلى ضعف البواعث النفسية عند أكثرهم على كتابة السنة - ولسنا مع هذا الرأي لأن ندرة الوسائل لا تقف أمام عمل كبير مهم ككتابة الحديث وأما البواعث النفسية فما لا ريب فيه أنها قوية لاسيما وأن الصحابة يعلمون مكانة السنة من الدين.

    وقد ثبت أن امتناع الصحابة رضي الله عنهم عن الكتابة إنما جاء عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال :" لا تكتبوا عني،ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج".

    ثم جاء الإذن من الني صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بالكتابة فقد جاء عن قوله :" كنت اكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ؟! ورسول الله صلى الله عليه وسلم وبشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال :" أكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا الحق".

    ويمكن التوفيق بين النصين سيراً على طريقة أهل العلم في اعتبار الإذن بالكتابة هو آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم ويقال:-

    1. لقد شاء الله تعالى أن يحفظ كتابه الكريم من التحريف والاختلاف فصانه من كل شيء يكتب إلى جانبه حتى ولو كانت السنة التي هي وحي أيضاً. وهذا من الشواهد على صدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنه صلى الله عليه وسلم ميز كتاب الله تعالى عن سنته كي يبقى الكتاب معجزة الإسلام الكبرى، ولولا ذلك لكثرت الشروح والتعليقات على آيات القرآن الكريم ثم اختلط الأمر على الكاتبين فلا يستطيعون حينئذً تمييز النص المتعبد بتلاوته عن سائر النصوص، وهذا ما حدث لرسالات الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم فقد اختلطت الحقيقة بالخيال والخطأ بالصواب والوحي بالرؤى والأحلام حتى ذهب الأصل واختفى تحت وطأة الزيادات والإضافات فلم يعد للوحي تميزه وهيمنته وأصبح الوحي عند اليهود والنصارى بمثابة حركة الله في التاريخ بمعنى أن كل شيء يحدث في التاريخ يضاف إلى الوحي باعتباره إرادة الله وحركته في الأحداث، وما القراءات الشاذة عندنا إلا إضافات تفسيرية كتبت إلى جانب الآيات ثم ظن الكاتب أنها من القرآن الكريم ولكن الكثرة من الصحابة الذين أفردوا النص ولم يكتبوا شياً إلى جانبه بالإضافة إلى الذين حفظوه كل هؤلاء تواترت الرواية القرآنية عنهم وحكموا على الزيادة بالشذوذ وعدم القبول. ونستطيع القول بأن تواتر القرآن كان بتوفيق الله وحفظه ثم بالمنهج الذي صابة ولولا هذا النهي عن كتابة الحديث لتعددت الروايات والألفاظ ولما حصل هذا التواتر.وصدق الله العظيم إذ يقول : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) وقد عقب الإمام الخطابي على حديث النهي بقوله :-" وقد قيل إنه إنما نهي أن يكتب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، لئلا يختلط به، ويشتبه على القارئ، فأما أن يكون نفس الكتابة محظورة وتقييد العلم بالخط منهما عنه، فلا. وقد جار هذا القول بعد أن قال:- "يشبهن يكون النهى متقدماً آخر الأمرين الإباحة ".

    2. كان الإذن منه صلى الله عليه وسلم بالكتابة بعد السنة السابعة لأن عبدالله بن عمرو هاجر مع أبيه بعد الحديبية ويظهر من النص أن عبد الله أفرد كتابة الحديث في كتاب ولم يجعله مع القرآن.

    3. لما كانت السنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نامية باعتبار توالى صدورها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاف إليه أن هذه السنة قد تتناول أحكاماً مرحلية يعتريها النسخ، فقد كان النهي عن كتابتها له فوائده المنهجية حتى لا يأخذ المكتوب طابع النهائية ولو أطلق العنان للصحابة من أدل الأمر في الكتابة لوصلتنا نسخ عديدة فيها الاختلاف وكل يجزم بصحة نسخته لذ لك كانت السياسة العامة هي النهي عن كتابة السنة فيما عدا الإذن الخاص أو في مسائل محددة ذات أنصبة وفروض وأرقام يصعب ضبطها من عير كتاب. وهذا المحظور يزول بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم لأن السنة قد توقف صدور المزيد منها إلى جانب ثبات أحكامها ووصولها إلى المرحلة النهائية. وكتابة الكتب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا تأخذ طابع القبول الذي تأخذه لو كتبت في عهده صلى الله عليه وسلم بل يبقى الأمر بعد وفاته صلى الله عليه وسلم موضع اجتهاد وحوار وقد يحظر بعض الصحابة بعضهم لبعض ويدعى أحدهم نسخ حديث يعتبره غيره محكماً غير منسوخ.

    4. لو قُدرٌ للسنة أن تجمع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما ظهرت هذه النزعة النقدية المنهجية التي مدت آثارها إلى مختلف جوانب المعرفة الإسلامية والتي كانت ميدان تنافس بين العلماء وسبقتهم كذلك إلى يوم القيامة بإذن الله.

    5. إن كتابة السنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أمر يشغل المسلمين بنصية السنة أكثر مما يشغلهم بالصحبة والممارسة والإقتداء والمباشرة الفعلية للإسلام وهو ما يميز جيل الصحابة عن كل جيل بعدهم إذ أنهم تعاملوا مع شخص النبي صلى الله عليه وسلم. ونخلص من هذا إلى أن النهي عن كتابة السنة كان منهياً نصياً ومنهجياً والإذن بكتابتها كان محدوداً في الأشخاص المعينين وفي الموضوعات التي تحتاج إلى تذكر وللوافدين الذين يرجعون إلى أقوامهم ويريدون شيئاً مكتوباً إما لإتقانه وتذكره وإما زيادة في التوثيق والتصديق. فقد أخرج البخاري في صحيحه من رواية أبي هريرة أن خزاعة قتلوا رجلاً من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فركب راحلته فحطب فقال: "إن الله حبس عن أهل مكة القتل أو الغيل، - شك أبو عبد الله - ، وسلط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ألا إنها لم تحل لأحد قبلي ولم تحل لأحد بعدي، ألا وإنها حلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلي شوكها ولا يعضد شجرها ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، فمن قتل فهو بخير النظرين، إما أن يعقل أو يقاد أهل القتيل"

    فجاء رجل من أهل اليمن فقال: أكتب لي يا رسول الله فقال: " أكتبوا لأبي فلان".

    فقال رجل من قريش: إلا الإذخر يا رسول الله فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" إلا الإذخر".

    قال أبو عبدالله: يقال يقاد بالقاف، فقيل لأبي عبدالله: أي شيء كتب له؟ قال: كتب له هذه الخطبة.

    فلا يفهم من هذا الحديث الإذن العام وإنما الإذن الخاص لمن إحتاج إلى الكتابة وأما حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ففيه أمران: الإذن بالكتابة والرد على قولهم: ورسول الله بشر يتكلم في الرضا والغضب،فرد النبي صلى الله عليه وسلم على قولهم هذا بقوله:" أكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا الحق " وهذا الموضوع من الحديث أبلغ في الاعتبار وأهم من الإذن بالكتابة. فيكون إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على قول من ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسائر البشر قد يخرجه الغضب عن الحق والصواب فيكون سياق الحديث في معرض الإنكار على من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم في الرضا والغضب وقد يحمله هذا على الغضب فيخطئ.

    كتـابـة الحـديـث بعـد وفـاة النبـي صلى الله عليه وسلم

    بقى أمر كتابة الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم موضع خلاف بين الصحابة بين النهي عن الكتابة نظراً لبقاء علة النهي وهي الخوف من انشغال المسلمين بالحديث وكتابته عن القرآن وحفظه وكان هذا الاتجاه قوياً في صدر خلافة الراشدين ومن أصحاب هذا الرأي عمر وأبو سعيد الجذري وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم. وذهب جمهور الصحابة إلى إباحة الكتابة وزوال المانع منها وكتب الكثيرون منهم أو كُتب لهم فقد كتب عبدالله بن عمرو بن العاص في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة قوله: " ما أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أكثر حديثاً مني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عبدالله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب".

    وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يكتب أو يأمر بالكتابة فقد أخرج مسلم بسنده إلى محمود بن الربيع حديثاً جاء فيه: لما حدث عتبان بن مالك، قال أنس: فأعجبني الحديث فقلت لأبني: أكتبه فكتبه، وكتب جابر بن عبدالله رضي الله عنهما كتاباً صغيراً فيه مناسك الحج، وكتب سمرة بن جتدب وصية لأبنائه ضمنها أحاديث سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها وصية لأبنائه.

    وذكر البخاري طرفاً منها. وكتب أبو سبرة رضي الله عنه ما أملاه عليه عبدالله بن عمرو.وهكذا فإن كتابة الحديث قد شاعت بين الصحابة حتى كان الكاتبون منهم أكثر من الناهين عن ذلك.

    أما التابعون فقد ظهر من ينادي بترك كتابة الحديث كعامر بن شراحيل الشعبي (توفي سنة 103هـ) ويونس بن عبيد (توفي سنة 140هـ) وخالد الحداد (توفي سنة141هـ). ولكن جمهور التابعين 000 على إباحة الكتابة وفعلها ومنهم عبد العزيز بن مروان (توفي بعد 80هـ) الذي كتب إلى كثير بن مرة الحضرمي وكان قد أدرك سبعين بدرياً، أن يكتب إلية مما سمع من أحاديث الصحابة إلا حديث أبي هريرة فإنه عندنا. وكتب مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما وخالد بن معدان الكلاعي (توفي سنة103هـ) وكان علمه في مصحف له أزرار وعُرى، ومقسم بن بكرة (توفي سنة101هـ) وكان حديثه مدوناً في كتاب، وكتب عبد الرحمن بن هرمز الأعرج (توفي سنة117هـ) عن أبي هريرة كتاباً، وخلاصة القول أن عدد الذين كتبوا الحديث من الصحابة والتابعين يكفي للقول بأن السنة نقلت بالكتابة كما نقلت بالمشافهة، واجتمع الرأيان على نقل السُنة: الرأي بكتابتها والرأي بنقلها مشافهة.


    تـدويـن الحـديـث

    نقصد بالتدوين جمع الأحاديث في ديوان واحد وهو غير الكتابة لأن الكتابة مجهود فردي حيث يقوم الراوي بكتابة مسموعاته في كتاب لنفسه، وأول من عزم على تدوين الحديث عبدالعزيز بن مروان وكان أميراً على مصر إلا أنه مات قبل أن ينفذ عزمه فشرع في هذا العمل ولده الخليفة عمر بن عبدالعزيز (توفي سنة101هـ) وكان الدافع لهذا التدوين أمران:

    صيانة الحديث بعد أن اتسعت رواياته من أن يختلط الصحيح منه بالموضوع، ويروى عن ابن شهاب الزهري أنه قال: "لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها ولا نعرفها ما كتبت حديثاً ولا أذنت في الكتابة"

    الخوف على الحديث من الضياع بموت علمائه ورواته، وعندما أمر عمر بن عبدالعزيز بالتدوين كتب إلى أهل المدينة يقول " انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبوه، فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله".

    وكان على رأس المحدثين الذين ندبهم عمر بن عبدالعزيز لهذه المهمة أبو بكر بن محمد بن حزم ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري وكان في كتاب عمر إلى أبي بكر بن محمد بن حزم: " انظروا ما كان من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فأكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وَلْتُفشوا العلم ولتجلسوا حتى يُعَلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً "، وقد أمر عمر أبا بكر بن محمد بن حزم أن يكتب له العلم من عند عمرة بنت عبدالرحمن والقاسم بن محمد فكتب له - وقد نشأت عمرة في حجر عائشة رضي الله عنه وكانت من أثبت الناس في حديث عائشة وأما القاسم بن محمد فهو ابن أخي عائشة وكان عالم زمانه زمن فقهاء المدينة السبعة (توفي سنة 103هـ)

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()