بتـــــاريخ : 2/21/2009 6:56:54 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 986 0


    أوراق من ملف قضية المرأة

    الناقل : mahmoud | العمر :34 | الكاتب الأصلى : د.صهيب مصطفى العمادي | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    أوراق ملف قضية المرأة

     

    شاركت المرأة في الحياة في كافة مراحل التاريخ ومنذ أقدم العصور فشاركت في العمل في البيت والحقل مع الرجل خصوصاً في العصور القديمة وحياة القبائل البدائية التي اتخذت عادات البدو في الارتحال من مكان إلى آخر، حتى أن بعض الباحثين يعتقدون أن المرأة كانت أول من بدأ بفلاحة الأرض فلولا فضلها في العمل، وتدبيرها شؤون الأسرة لتعذر على الرجل وحده أن يدبَّ في الأرض ويكشفها، وكانت المرأة للرجل بلا شك سلاحاً من أمضى أسلحته ودرعاً من أقوى دروعه وحافزاً من أولى حوافزه وكفاها أن تكون أول من أنشأ فلاحة الأرض، وأول من اكتشف كيف تنبت الحبة فتثمر في أزمان دورية فكان هذا بداية الحضارة الزراعية في العالم القديم كما شاركت المرأة في الحرب والقتال بل إن \"عباس محمود العقاد\" أورد قصة في كتابه \"المرأة ذلك اللغز\" مفادها أن شواطئ البحر الأسود كان يعيش فيها شعب غريب كله من الإناث ولا يوجد فيه ذكر واحد وهو شعب الأمازون وتحكمه ملكة ويحمي بلادهن جيش من النساء يركبن الخيل ويضربن بالسيف ولا تنقطع غاراتهن عن الجيران حتى قيل أنهن هجمن ذات مرة على أرض مصر وهجمن مرات كثيرات على أرض اليونان .

     

    وهن لا يسمحن لرجل أن يقيم في مملكتهن ولكنهن يهاجرن أفواجاً في كل عام ويتصلن برجال الأمم ثم يلدن فيقتلن الذكور ويستحيين الإناث ..

     

    ثم علق \"العقاد\" على هذه القصة قائلا: مما لا شك فيه أن قصة الأمازون سواء إستغربناها أم إستقربناها، قد بلغت أفلاطون وأوحت إليه أن يفرض الجندية على المرأة في جمهوريته المثالية، وأن يجعلها شريكة في الدفاع عن حوزة الوطن، وقد خلد اسم \"الأمازون\" بإطلاقه على النهر الذي يعدونه أضخم الأنهار وإن لم يكن أطولها، وقيل عن هذه التسمية أن رحالة أسبانيا وصل إلى ذلك النهر فوجد عليه قبيلة مقاتلة كلها إناث فسماه بالأمازون بعد أن كان يعرف بالمارانون .

     

    وبالرغم من عطاء المرأة في الحياة منذ القدم ومشاركتها الفاعلة في مختلف الأنشطة الاجتماعية، إلا أن نظرة الأمم الغربية إليها كانت سلبية والتعامل معها كان مبنياً على هذه النظرة، لذا فقد تعرضت المرأة إلى عنف الرجل وحرمت بذلك من معظم حقوقها وقد إستمر إحتقار الغربيين للمرأة وحرمانهم لحقوقها طيلة القرون الوسطى حتى أن العهد الذي كان يظن فيه أن المرأة احتلت شيئاً من المكانة الاجتماعية، حيث كان الفرسان يتغزلون بها ويرفعون من شأنها، لم يكن عهد خير لها بالنسبة لوضعها القانوني والاجتماعي، فقد ظلت تعتبر قاصرة لا حق لها في التصرف بأموالها دون إذن زوجها .

     

    هذا وربما يختلف حال المرأة وواقعها من فترة لأخرى أو من مكان لآخر فنرى في فترة من الفترات بروزاً للمرأة في مجال ما إلا أن ذلك لم يكن عن تخطيط أو وفقاً لقانون معين ومن أعجب حقائق التاريخ أن تتبوأ المرأة أعلى مدارج المجتمع في حكومة إستبدادية كحكومة مصر القديمة، وتتوارى من أفق المجتمع كله في بلاد اليونان التي ورثنا عنها النظم الديمقراطية الحديثة، ولا شك في أنها كانت ذات أثر بالغ في حياة الرومان حتى لقد وجهت سياسة الدولة في عصر \"أوغسطوس\" أول قياصر الرومان.. ويقول \"العقاد\" (فاليونانيون على وفرة نصيبهم من الفلسفة والفن لم يرتفعوا بالمرأة إلى منزلة أعلى من منزلة الخادمة أو مديرة البيت على أحسن الحالات ).

     

    إن الحضارتين المشهورتين اللتين حكمتا البلاد الغربية قديماً هما الحضارة اليونانية والحضارة الرومانية.. أما الحضارة اليونانية فلم تشهد أي دور بارز للمرأة، وأما الحضارة الرومانية فقد شهدت في فترات متباينة اهتماماً بالمرأة ولكن هذا الاهتمام لم يكن وضعاً قانونياً أو إجتماعياً وإنما كان اهتمام ترف وبذخ وشهوة، وربما نالت المرأة حظا من الاهتمام بها في عصور الترف والبذخ التي تنتهي إليها الحضارات الكبرى، وهي لا تنال هذا الحظ من الاهتمام لتقدم الحضارة وارتقاء الشعور بين أصحاب تلك الحضارات ولكنها تناوله لأنها -في عصور البذخ والترف- مطلب من مطالب المتعة والوجاهة الاجتماعية، وقد نالت هذا الحظ من الاهتمام في أوج الحضارة الرومانية مع بقائها قانونياً وعرفاً في منزلة تقارب منزلة الرقيق من وجهة الحقوق الشرعية والنظرة الأدبية .

     

    إذن فالفترات التي شهدت إرتقاءاً للمرأة وتمتعاً لها ببعض الحقوق كانت فترات محددة وفي أماكن محددة ولنساء معدودات وظل الوضع كذلك في عهود الرق والإقطاع في أوروبا والمرأة في جهالتها، تدلّل حيناً تدليل الترف والشهوة وتهمل حيناً كالحيوانات التي تأكل وتشرب وتحمل وتلد وتعمل ليل نهار .

     

    وعندما دخلت الأمم الغربية في المسيحية التي عنيت بتطهير النفس ومحاربة الشهوات، كان لذلك أثره في إصلاح المجتمع الأوروبي من الناحية الأدبية وشهدت المرأة أيضاً تحسناً في أوضاعها من هذه الناحية إلا أن الوضع التشريعي والقانوني بقى على حاله لأن المسيحية لم تأت بشرائع جديدة وإنما جاءت بجملة آداب وأخلاق ولذلك ظلت القوانين الرومانية نافذة في تلك المجتمعات وظلت معها النظرة الدونية للمرأة فقد عقد الفرنسيون في عام 586 م مؤتمراً للبحث هل المرأة تعد إنساناً أم غير إنسان؟ وأخيراً قرروا أنها إنسان خلقت لخدمة الرجل فحسب .

     

    وقد إستمرت هذه النظرة الدونية للمرأة قروناً طويلة حتى أن الحضارات التي برز فيها دور المرأة في بعض مراحلها مثل الحضارة الرومانية دخلت في عصور الظلام وفقدت المرأة ذلك الدور، فلما سقطت الدولة الرومانية وحطمها الهمج الذين هبطوا أوروبا من فجاج آسيا وورثت أوروبا عنهم نظم القطائع إنكفأت المرأة بغريزتها راجعة إلى تلك الحدود التي لزمتها خلال عصور الهمجية الأولى ونزلت عن تلك المكانة السامية التي تربعت على عرشها في بعض المدنيات القديمة، ولقد ظلت المرأة على هذه الحال حتى كانت العصور الحديثة .

     

    مما سبق يتبين أن المرأة في التاريخ القديم لم تشهد وضعاً قانونياً جيداً ولم تتمتع بحقوقها الاجتماعية والسياسية إلا على سبيل الإستثناء والندرة في بعض المجتمعات ولفترات محدودة، ويمكن القول بأن الثورة الصناعية كانت المنعطف الذي حرك قضية المرأة في الغرب، وهذا يمهد الأمر للحديث عن وضع المرأة بعد الثورة الصناعية وعصر النهضة الأوروبية وهو موضوع مقال قادم إن شاء الله .

     

     

     

    المصادر

     

    1. إسماعيل مظهر، المرأة في عصر الديمقراطية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة .

     

    2. عباس محمود العقاد، المرأة ذلك اللغز، دار الكتاب العربي، بيروت، 1970

     

    3. عباس محمود العقاد، المرأة في القرآن الكريم، دار الكتاب العربي، بيروت، 1969

     

    4. د. مصطفى السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، دار السلام، القاهرة، 1998

    5. محمد قطب، شبهات حول الإسلام، دار الشروق، بيروت، 1995

    كلمات مفتاحية  :
    أوراق ملف قضية المرأة

    تعليقات الزوار ()