بتـــــاريخ : 2/21/2009 6:26:28 PM
الفــــــــئة
  • طرائف وعجائب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 843 0


    أخلاقيات الحرية

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : أفراح بنت علي الحميضي | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    استراحه القراء أخلاقيات الحرية

    إن فوضى الحرية، سواءً الشخصية أو العامة، فضلاً عن تقييدها، يُعد منافياً للإنسانية عامة. فتكريم الإنسان مرتبط بوضع ضوابط على تصرفاته، وبالتزامه بتلك الضوابط، حيث \"لا ضرر ولا ضرار\".

    فحرية الإنسان تتأكد حين يدرك تكريم الله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ…}، حيث الضوابط لا القيود ولا الفوضى، والتزامه بذلك خشية العاقبة: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، أو قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى}.

    الالتزام بضوابط الحرية يعني أداء الأمانة وتحقيق المسؤولية، فالفوضى في التصرفات تتنافى مع أداء الأمانة؛ فحين يشعر الإنسان أنه حر في نفسه، في ماله، في تصرفاته، يفعل ما يشاء بما يشاء، فلا حسيب ولا رقيب، فأين الأمانة والمسؤولية؟!

    إن حرية التدين والعبادة مرتبطة بضوابطها، فلا يعبد إلا الله وفق ما شرع، فتقييدها يعني الحيلولة دون وصول الإنسان إلى عبادة الله وحده، كما أن الفوضى في هذا المجال تعني إتاحة الفرصة للنماذج المارقة عن عبادة الله لتعرض بضائعها فيحال بين المرء وبين دين الله، إما بالشرك بالله والكفر به، وإما بالحكم بغير ما أنزل الله.

    إن أعظم متأثر بإطلاق الحرية بلا ضوابط أو تقييدها في قيم المجتمعات مما يؤدي إلى استبدالها بمفاهيم غريبة مؤدلجة طارئة، وبالتالي تتأثر استقلالية الأمم الفكرية، مما يُضطر معه إلى البحث عن سُبل للخلاص غير مدروسة أو غير صالحة، قد تؤدي إلى الغرق في أوحال المفاهيم السلبية دون أطواق نجاة.

    ترى النظريات الغريبة في التحرر أنه لا يحق لأي إنسان أن يأمر أو ينهى إنساناً آخر أو يضع له قانوناً إلا أن يريد هو ذلك، وهذا المفهوم من الحرية ليس صحيحاً بشكل كامل، كما أنه ليس باطلاً بشكل كامل. فمن يرتبط به الإنسان في وجوده بنحو من الإنحاء له الحق في أن يأتمر بأمره وينتهي بنهيه على قدر ارتباطه به كالوالدين والمعلم والوالي، وأما من ليس له دور فلا حق له في الحكم عليه.

    حق الحرية في المنهج الإسلامي واسع وشامل لكل زمان ومكان؛ لأن نصوص الحرية جاءت عامة مرنة لا تحتاج إلى تبديل أو تعديل، وتتناسب مع تغير الزمان والمكان.

    الحرية في المنهج الإسلامي لا تعني بتاتاً أنه لا يحق لأي موجود أن يحكم الإنسان، فأخلاقيات الحرية الملزمة ترى رفض ذلك قطعياً، فبغض النظر عن كون الإنسان مسؤولاً بعقله وأمام ضميره فإن لله تعالى حق الربوبية (رب العالمين) على الموجودات كلها، ربوبية تشريعية وإلهية تستدعي العبودية. فليس للإنسان أبداً حق التصرف في نفسه إلا بما شرع الله وأذن فيه. والإنسان تبعاً لذلك مسؤول أمام الله تعالى في كل خطوة يخطوها أو عبارة يتلفظ بها، وهي المسؤولية التي تتعارض بشدة مع الحرية المطلقة.

    ومن أخلاقيات الحرية في المنهج الإسلامي: أن الإنسان لا يسعه التحرر من القوانين ومن طاعة الحاكم، فإذا قلنا إن الإنسان حر في ذلك؛ كان علينا أن نقول لا ضرورة للالتزام بقانون ولا أهمية لوجود حاكم. وهذا فيه خلل؛ فالضرورة التي استدعت وجود القانون هي ذات الضرورة التي تستدعي الالتزام به، ولا يعني هذا أن تنقاد الأمم والأفراد لقوانين الجهلة والطغاة، وإنما القانون الذي نقصده هو شرع الله وما اتفقت عليه الأمة للمصلحة العامة. وما يقال في شأن الالتزام بالقانون وضرورة وجوده يقال أيضاً بالنسبة لطاعة الحاكم وأهمية وجوده، فمن ضرورات التجمع الإنساني: أن يقوم للأمة قائد، ولا فائدة لوجوده إذ لم تلتزم الأمة والأفراد بطاعته.

    وفي هذا الصدد يجدر بنا استعراض رأي ابن تيمية في وجود الإمام الذي تأتم به الأمة؛ إذ من رأيه قبول أسوأ أنواع الحكم في سبيل وجود إمام تجتمع الأمة تحت لوائه. بل إنه يرى أن من الضرورات اللازمة للإنسانية: التنظيم الاجتماعي خلف سلطان أو إمام، فليلة واحدة في ظل إمام خير من ستين سنة بدونه.

    وفي أخلاقيات الحرية إمكانية تدخل القانون في الأحوال الشخصية

    * إن الفرق بين مفهوم الحرية في الحقوق الدولية ومفهومها في المنهج الإسلامي من جهة إباحة التدخل في الأحوال الشخصية:

    ففي المفهوم الأول تبيح القانون في الشؤون الاجتماعية وعلاقات الناس فيما بينهم، ولكنها في الوقت ذاته لا تجعل للقانون تدخلاً في الحياة الفردية الخاصة.

    أما في المفهوم الإسلامي فإن الإنسان لا يسعه الخروج عن القوانين العامة بما فيها التكاليف الشرعية، فلو أمكن للإنسان أن يتحرر من القوانين الحقوقية في أحواله الشخصية لما تأتي له ذلك إزاء الأحكام الإلهية والتكاليف الشرعية.

    * إن حرية كل إنسان تنتهي عند الحد الذي تبدأ عنده حريات الآخرين، بمعنى أن كل فرد حر في تصرفه ما دام لم يلحق الضرر بالآخرين. مفهوم يجانبه الصواب؛ إذ إن العبارة لا بد أن تصاغ مرة أخرى كالتالي: إن حرية كل فرد تنتهي عند بداية المصالح المادية والمعنوية للمجتمع.

    ومثال ذلك:

    لــو افترضنا أن مجتمعاً مـا تراضى جميـع أفـراده على قبــول الفوضى الجنسية (sexul amarchy) وأباحوا لكل رجل وامرأة أن يقيما ما شاءا من العلاقات الجنسية مع أي رجل آخر أو امرأة أخرى، وما دام أن الضرر لم يلحق بالآخرين فإنه لا يحق لأحد أن يتقدم بشكوى، ومدونو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يقرون الفوضى الجنسية انطلاقاً من هذا الافتراض.

    وهذا المفهوم يتعارض مع أخلاقيات الحرية؛ لأن الضرر قد لا يلحق بالأفراد، ولكنه يلحق بالتكامل المعنوي للمجتمع الإنساني عموماً.

    *إن القانون المعتبر في أخلاقيات الحرية هو الذي يتوافق مع المصالح الحقيقية للناس. في حين أن القانون المعتبر في الحريات الغربية هو ما ينسج مع الأهواء.

    * الحرية في الإسلام منظمة ومقيدة بحيث لا تمس مصالح الفرد أو المجموعة، فحرية الرأي مثلاً حرية أصيلة في الإسلام، ولكنها محدودة ـ مثلا ـ بألا تؤدي إلى جريمة القذف.

    * والحرية في الإسلام متوازنة، فحيث يمنح الإسلام الفرد الحرية لا يتركها فوضى، بل يضع مبدأ التوازن بين متطلبات الفرد ومتطلبات المجتمع؛ حتى لا يطغى أحدهما على الآخر، فالمجتمع لا يمحو إرادة الفرد ويلغى اعتباره، ولكنه يجعل إرادته للخير الجماعي

    كلمات مفتاحية  :
    استراحه القراء أخلاقيات الحرية

    تعليقات الزوار ()