بتـــــاريخ : 2/20/2009 5:50:49 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1286 1


    الفاتح القذافي والدكتورالترابي تصريحاتهما وفتواهما في حلة جديدة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. آوات محمد أمين | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    فتوى

    في يومين متتاليين صدمنا بتصريحات وفتاوى سياسية وفقهية من شخصين هما من أكثر الشخصيات مثاراَ للجدل في العالم العربي، وأحيانا في العالم الغربي، مع الفارق الكبير بينهما ولكنهما يتفقان دوماَ في اثارة مثل هذه الأمور.
    القذافي في آخر الهام ديني سياسي، وفي ذكرى المولد النبوي، يناقض نفسه، ويسخر من عقول الذين يستمعون اليه، بل يخرف وينشر سمومه من جديد ففي خطاب ألقاه في جموع من الأفارقة بمدينة تمبكتو في مالي، بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشرف، قال الزعيم الليبي \\\"يجب على العالم أن يعيد النظر في معطيات مسلم بها وهي خطأ. فالإنجيل مزور وعيسى نبي الإسرائيلين، وليس موجها إلى أوروبا أو إفريقيا أو أمريكا، وعلى اليهود أن يتبعوا عيسى لأنه لو كان موسى موجودا أثناء وجود عيسى لأصبح مسيحيا\\\". وأضاف \\\"لو أراد الغرب السلام معنا يجب أن يعيد النظر أيضا في منهجه المبني على الحقد والكراهية وان تشكل لجان إسلامية لذلك\\\".
    أتفق معه في هذا المقطع، وهذا من المسلمات بأن عيسى عليه السلام جاء لخراف بني اسرائيل الضالة وأنه برئ من كل ما نسب اليه من قبل النصارى، وأن موسى لو كان حياً ما وسعه الا أن يتبعه كما أخبر الصادق المصدوق بهذا عن موسى لوكان حياً ما وسعه الا أن يتبع دين محمد، هذا الموضوع لا غبار عليه.
    وفي مقطع آخر من حديثه أشار القذافي الى مسألة علاقة الإرهاب بالدين وذلك عندما صور كلاً من عيسى عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأنهما شوها صورتهما من قبل اتباههما فقال إذا كنا ندٌعي حرية التعبير فنتوقع أن تظهر صورة عيسى وفوق رأسه قنابل ذرية لأن أتباع عيسى صنعوا القنابل الذرية وهم رسموا محمدا وعلى رأسه قنبلة يد صغيرة يدوية.. طبعا محمد برئ من القنبلة، ولكن المقصود أن أتباع محمد يستعملون هذه القنبلة.. فكذلك عيسى عليه السلام برئ من القنبلة الذرية ولكن أتباع عيسى هم الذين صنعوا القنبلة الذرية..\\\".
    واستمر في حديثه حتى أوقعه في الخطأ الفادح والكبير فقال \\\"في اسكندنافيا.. النساء عاريات ويدٌعين أنهن من أتباع عيسى.. طبعا عيسى برئ من النساء العاريات ومحمد برئ من النساء الملثمات.. لكن حرية النشر التي استندوا عليها تستلزم أن يْرسم عن عيسى وحوله نساء مثلما رْسم عن محمد وحوله نساء\\\" .
    القذافي يتبع هواه في كل شيء وليس هناك ضابط له، فهو يقول ما يحلو له لا ما يطلب منه الدين أو السياسة أو العقل عليه فهذا غير مستغرب من رجل مثل القذافي، ماذا يعني بقوله بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم برئ من النساء الملثمات، هل استعمل المثلم مرادفاً وبديلاً للمحجب وهذا الذي يفهم من كلامه ومن سياق النص فهذا تحريف وتبديل وتغيير لما أوجبه الله على النساء المسلمات، أم أنه يقصد الملثم الذي يغطي وجهه وهذا الأمر غريب جداً لأن القذافي وهو من يغطي وجهه ويظهر أمام الكاميرات ملثماً.
    فالحجاب أمر الهي لنساء المسلمين بأن يدنوا عليهن من جلابيبهن، والآيات والأحاديث في هذا الأمر مستفيض، وشكله وحدوده معروفة لدى كل المسملين الا من يعاند ويكابر، والذي استغرب منه أن القذافي يكرر ما يقوله جمال البنا حول مسألة الحجاب والذي هو عين الخطأ، لأن هذا الأمر مجمع عليه بين أهل الملة الإسلامية، وهناك نصوص تعضد هذا الجانب أي الذي عليه جميع الأمة ما عدا الشواذ، بأن الحجاب بالشكل المعروف والمتداول حاليا أمر الهي ولابد علي النساء المؤمنات الإلتزام بها.
    أما عن الطواف حول الكعبة فقد سرد موقع قناة العربية قول القذافي في هذا الموضوع بهذا الشكل وبرر القذافي دعوته إلى المسيحيين واليهود ليطوفوا حول الكعبة قائلا\\\" في القرآن \\\"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين\\\".. يعني للعالمين ليس العرب فقط ليس المسلمين فقط، كما أن القرآن يقول أيضا \\\"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس\\\".. يعني مثابة ملتقى لكل الناس.. كل الناس من حقها أن تحج إلى مكة وتطوف بالكعبة وتسعى بين الصفا والمروة وتقف على جبل عرفات وترجم تمثال الشيطان في العقبة بالجمرات.
    فأي تفسير هذا الذي يقوله القذافي عن هذه الآيات، وأي تحليل هذا الذي خرج به القذافي عن شعيرة الحج والطواف بالكعبة، واذا قلنا بأنه كان يقصد طواف هؤلاء بالكعبة بعد أن يصبحوا مسلمين فهذا لا جدال ولا مراء فيه، ويحسب له لا عليه علماً أنني لا أعرف أن القائد الفاتح هو ذاته زار الكعبة وطوف حوله أم لا، على كل فهو اما أن يقصد أنه يريد من كل الناس ليطوفوا بالكعبة وهذا خطأ محض ولا يقبله أي مسلم عاقل وهنا مكمن النقد والقدح، أو أنه قال هذا الكلام تحدياً للغرب النصراني، وهذا أيضاً يدخل في باب السياسة والصراع السياسي.
    على أية حال لو قال القذافي أكثر من ذلك لهان عليَّ لأنني في الأساس لا اؤمن بمقدرة هذا الرجل سياسياً ودينياً، رغم أنه يطيل علينا في أحايين كثيرة بمثل هذه الآراء الشاذة، ويخرج ما في جعبته، ولا أعرف ما الذي يبغيه من وراء ذلك، واظن بأن هناك شيء ما في قلب قذافي يريد ابرازها بمثل هذه المواقف والتصرفات، ويا ليته قد أعلن للملأ ما يريده، وان كان هو من محبي الإنسانية والقيم النبيلية فلماذا لا يبدأ بنفسه وببلده، والذي نعرف بأنه استخف بكل ما في ليبيا حتى أطاعوه، والخيار منهم فروا بدينهم الى المهجر فهم مشردون بين الشرق والغرب، فحالهم لا يختلف كثيراً عن حالنا في زمن طاغية بغداد، فليقل القذافي ما يحلو له، ولكن لماذا ينجرف الترابي الى مثل هذه المزالق، ويفتي فتوى عجيبة في أمور الدين ويخالف كل ما أجمع عليه أهل الإسلام، فما الدافع وراء ذلك.
    الترابي، وما أدراك ما الترابي؟ جلست في كثير من محاضراته، وأحسن وصف له هو أنه ساحر، اذا كان البيان سحراً، وأنه لاعب ماهر بالكلمات، والمدلولات والمراد من المعاني، وله ذخيرة فكرية كبيرة، وقد اجتهد في كثير من الأمور منها ما أصاب ومنها ما أخطأ فيها، وأنه معروف بسلاسة لسانه، وروحه المرح، وترابيته، ولكن كل هذا في جانب وما خرج به مؤخراً في جانب آخر.
    ولست أدري لماذا يخالف الترابي كبير علماء الإسلام؟ وما الحاجة لمثل هذه الفتوى؟ وما الذي يبغيه من وراء ذلك؟ وهل هو مقتنع تماماً بأنه على صواب وغيره على خطا؟ كل ما أخاف منه هو أنه لم يخرج علينا بمثل هذه الآراء افتراضياً بل أنه يدعي فيه الأحقية، ومما يلي نذكر أنفسنا والعلماء بما أقدم عليه الشيخ الترابي من المسائل الحساسة في الدين.
    نشرت موقع قناة العربية خبر وتعليقات القراء على آخر التطورات الدينية في السودان وذكر أنه في إفتاءات جديدة مثيرة للجدل، وفي ندوة حضرها حشد من السياسيين وعلماء الدين في الخرطوم، أجاز الزعيم الإسلامي السوداني الدكتور حسن الترابي زواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابي \\\"مسيحيا كان أو يهوديا\\\"، قبل أن يصف أن القول بحرمة ذلك، \\\"مجرد أقاويل وتخرصات وأوهام وتضليل\\\" الهدف منها جر المرأة الى الوراء.
    من أين له هذا؟ ومن الذي أحل لهم هذا؟ وهل تقبل النصرانية أو اليهودية بهذا؟ هل نسي الترابي ما قرأه في الذكر الحكيم عن هذا الموضوع؟ وأقدم على تفسيره في (التفسير التوحيدي) الذي قال عنه كنت أرجو أن أدون كل ما أصبو اليه من خواطر وأفكار عن الآيات القرآنية ولكن لم أستطيع، مع هذا فهو لم يذكر في تفسيره مثل هذه الأمور.
    أحل الترابي زواج المرأة المسلمة بالنصراني واليهودي، ووصف القول بحرمة هذا الزواج بأنه مجرد أقاويل وتخرصات وأوهام وتضليل وبرر الإقدام على هذا الفتوى بأن الهدف منها جر المرأة الى الوراء ، وهذا الأمر حسب علمي وفهمي غير صائب، لأنه يتنافي مع الغاية من الزواج واقامة العلاقة الشرعية بين الزوجين الذي هو خلق جو وفضاء يملؤها السكينة والمودة والرحمة، والقرآن بصريح العبارة ينهي عن مثل هذا الزواج، فيقول عز من قائل: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}.
    فخلاصة القول بأن العلماء قد اجتهدوا قديماً وحديثاً بأن زواج المسلمة باليهود والنصارى حرام، والذي يبيح مثل هذا الزواج عليه أن يعرض دليله والسبب الذي دفعه أن يخرج عن هذا الإجماع، وعن هذه النصوص والوقائع المتواترة التي توحي كلها بحرمة مثل هذا الزواج.
    أما في موضوع الشهادة، فقد أوصله الترابي اجتهاده الى رفع الفرق بين الرجل والمرأة في موضوع الشهادة كلياً دون الدخول في التفاصيل الضرورية لهذا الأمر لأن الأمور تختلف من شيء الى شئ آخر بحسب الخبرة والإختصاص، وهذا أيضاً يؤخذ عليه لأنه يخالف نص القرآن، ولم نعرف تفسيره للنصوص التي تشير الى هذا الأمر.
    وقال بأن شهادة المرأة توازي شهادة الرجل وتوازيه ثم هاجم الرأي المخالف له بأنه (ليس ذلك من الدين أو الإسلام، بل هو مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء).
    وليت شعري كيف يفسر الترابي قوله تعالى في هذا الصدد: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)، وقد ثبت علمياً أن النسيان في النساء أكثر من الرجال، وكون شهادة الرجل بشهادة امرأتين ليس مطلقاً بل ذلك يكون في المعاملات المالية ونحوها وهناك مواطن تقبل فيها شهادة النساء وحدهن ولو امرأة واحدة كما أن هناك مواطن لا تقبل فيها شهادة المرأة، فتقبل شهادة المرأة وحدها في الرضاع وفي البكارة والثيوبة وعيوب النكاح وكل مالا يطلع عليه الرجال غالباً، ولا تقبل شهادة المرأة فيما يطلع عليه الرجال غالباً كالشهادة على الزنا والعقوبات ( الحدود والقصاص) ونحو ذلك، هذا وإن شريعة الله جاءت موافقة للفطرة التي فطر الله سبحانه وتعالى عباده عليها لتكون صالحة لكل زمان ومكان.
    ومن التعليقات التي أعجبني في رد الدكتور الترابي ما ذكره الأخ عبد الله من السعودية حول مسألة شهادة الرجل والمرأة فقال: فقد اظهرت دراسة علمية فى امريكا اقامها باحث على مخ المراة والرجل وهنا ظهرت المعجزه بان ملاكات التفكير والنطق عند الرجل توجد على غلاف المخ من الناحيتين اليمين والشمال مساويه لعدد ملاكات التفكير والنطق للمراه ولكن الخلاف ان المراة تاتى النطق فى جهة والتفكير فى الجهة الاخرى ومن هنا يستدل على شهادة امراتان برجل لأن المراة عندما تنطق واحدة الاخرى تبداء فى الاستحظار فى التفكير بينما الرجل يستطيع ان يتكلم ويفكر فى ما سيقول فى نفس الوقت لقد بين العلم الحديت اصل شهادة المراة بالنسبة للرجل.
    أما عن موضوع الحجاب، فقد أفصح عن رأيه صراحة بأن \\\"الحجاب\\\ " للنساء، يعني الستار وهو الخمار لتغطية الصدر وجزء من محاسن المرأة، \\\"ولا يعني تكميم النساء\\\"، بناء على الفهم الخاطئ لمقاصد الدين، والآيات التي نزلت بخصوص الحجاب والخمار، ويسمي من يفسر الحجاب بالشكل المعروف شرعاً بأنه فهم خاطئ لمفاهيم الدين، وعن مفاهيم هو يتحدث؟ عن الذي يؤمن به أو الذي لا يؤمن به ويدعو اليه؟ فهو لا يستطيع تطبيقه في الدائرة الضيقة لحياته، وفتواه الأخرى لا يغدو مجرد كلام لا أعرف ماذا يريد من وارئه، ومثل هذا الفتوى كمثل فتواه الآخر عن جواز امامة المرأة للصلاة للرجال، واعتبر هذه من الأخطاء والزلات التي وقع فيها الترابي.
    وقد أوضحنا قبل هذا شيئاً عن موضوع الحجاب ولكن للذكرى أقول لمن يعجبهم هذه الفتوى كيف يفسرون قوله تعالى: (يأيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين، و كان الله غفوراً رحيما )الأحزاب59.
    والحجاب حشمة وجمال للمرأة المسلمة بعد اعلانها الإلتزام بما اوجبه الله عليها، وهو \\\"الحجاب\\\ " في الحقيقة رفعة للمرأة وهو يحفظ كرامة المرأة، ويجعل منها شخصية قوية تعتز بتميزها وبالتزامها.
    وقد قال الشاعر عن الحجاب:
    أختاه يا بنت الأباة تحشمي لا ترفع عنك الخمار فتندمي
    ان الخمار يزيد من وجهك بهجة وحلاوة العينين أن تتلثمي
    ودعي الهراء القائلين سفاهة بأن التقدم بالسفور الأعجمي.
    وفي ختام هذا المقال الذي أردت أن أبين فيه مواطن الخطأ الذي وقع فيه المذكورين أعلاه كل من القائد الفاتح معمر القذافي، والشيخ الدكتور حسن الترابي، أقول بأن الدين والقيم أعلى من كل شيء، والإنسان يتحكم فيه جملة من الغرائز والأهواء، واعتبره ما فاجئا به العالم من التصريحات والفتوى من قبيل الإنجرار وراء الأهواء، والله المستعان

    كلمات مفتاحية  :
    فتوى

    تعليقات الزوار ()