بتـــــاريخ : 6/24/2008 2:43:57 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 840 1


    اروع ماقيل في الغزل

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : abdelouahd_la | المصدر : www.startimes2.com

    كلمات مفتاحية  :
    شعر عربي

    الأعشى

    أوَصَلْتَ صُرْمَ الحَبْلِ مِنْ * سَلْمَى لِطُولِ جِنَابِهَا

    وَرَجَعْتَ بَعْدَ الشّيْبِ تَبْـ * غِي وُدّهَا

    بِطِلابِهَا أقْصِرْ، فَإنّكَ طَالَمَا * أُوضِعْتَ في إعْجَابِهَا

    أوَلَنْ يُلاحَمَ في الزّجَا * جَةِ صَدْعُهَا بِعِصَابِهَا

    أوَلَنْ تَرَى في الزُّبْرِ بَيَـ * ـنَةً بِحُسْنِ كِتَابِهَا

    إنّ القُرَى يِوْماً سَتَهْـ * ـلِكُ قَبْلَ حَقّ عَذَابِهَا

    وَتَصِيرُ بَعْدَ عِمَارَةٍ * يَوْماً لـأمْرِ خَرَابِهَا

    **********

    وَدّعْ هُرَيْرَةَ إنّ الرَّكْبَ مرْتَحِلُ، * وَهَلْ تُطِيقُ وَداعاً أيّهَا الرّجُلُ؟

    غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها، * تَمشِي الـهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ

    كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا * مَرُّ السّحَابَةِ، لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ

    تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ * كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ

    لَيستْ كمَنْ يكرَهُ الجيرَانُ طَلعَتَهَا، * وَلا تَرَاهَا لسِرّ الجَارِ تَخْتَتِلُ

    يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا، * إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ

    إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعةً فَتَرَتْ، * وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ

    مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَةٌ * إذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ

    صَدّتْ هُرَيْرَةُ عَنّا ما تُكَلّمُنَا، * جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبلَ من تَصِلُ؟

    **********

    المرقشين

    أغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبَابَةً * وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالُبُهْ

    يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه * كذاك الـهوى إمرارُه وعواقِبُهْ

    أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء * قد نأى بِغَمْزٍ من الواشين وازورَّ جانبُهْ

    وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً * وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ

    إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني * يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ

    **********

    قُلْ لـأسماء أَنْجِزي الميعادا * وانْظُري أنْ تُزوِّدي منكِ زادا

    أَينما كنتِ أو حَلَلتِ بأَرضٍ * أو بلادٍ أَحيَيْتِ تلكَ البلادا

    إن تَكُونِي تَرَكْتِ رَبْعَكِ بالشَّأ * مِ وجاوَزْتِ حِمْيراً ومُرادا

    فارْتجِي أَن أَكونَ منكِ قريباً * فاسْألي الصَّادِرِين والوُرَّادا

    وإذا ما رأَيْتِ رَكْباً مُخِّبِيـ * ـنَ يَقُودونَ مُقْرَباتٍ جِيادا

    فَهُمُ صُحْبتِي على أَرْحُلِ المَيْـ * ـسِ يُزَجُّونَ أَيْنُقاً أَفْرادا

    وإذا ما سمَعتِ من نحوِ أَرضٍ * بِمُحِبٍّ قد ماتَ أَو قِيلَ كادا

    فاعْلَمِي غيرَ عِلْمِ شَكٍّ بأَنِّي * ذاكِ، وابْكِي لِمُصْفَدٍ أَنْ يُفادى

    أو تناءت بك النوى فلقد قدتِ * فؤادِي لحينه فانقادا

    ذاك أنِّي علقت منك جوى الحبّ * وليداً فزدتُ سنّاً فزادا

    خليليّ عوجا باركَ اللـه فيكما وإن * لم تَكُنْ هندٌ لـأرضِكما قَصْدا

    وقولا لـها: ليس الضلالُ أجازَنا * ولكنّنا جُزنا لنلقاكمُ عَمدا

    تخيّرتُ من نعمان عودَ أراكةٍ * لـهندٍ فمن هذا يُبلِّغه هِندا؟

    وأنطيتُهُ سيفي لكيما أقيمَهُ * فلا أوداً فيه استبنتُ ولا خَضْدا

    ستبلُغ هنداً إن سلِمْنا قلائصٌ * مَهارى يُقطِّعْنَ الفَلاةَ بنا وَخْدا

    فلمّا أنخنا العيسَ قد طال سيُرها * إليهم وجدناهم لنا بالقرى حَشْدا

    فناولتها المسواك والقلب خائف * وقلت لـها: يا هند أهلكتِنا وَجْدا

    فمدَّت يداً في حُسْنِ كلٍّ تناولاً * إليه وقالت: ما أرى مثل ذا يُهْدى

    وأقبلت كالمجتاز أدّى رسالةً * وقامت تَجُرُّ المَيْسَنانِيَّ والبُردا

    تَعَرَّضُ للحي الذينَ أريدهم * وما التمستْ إلاّ لتقتلني عمدا

    فما شبهٍ هند غيرُ أدماءَ خاذِلٍ * من الوحشِ مرتاعٍ تُراعى طَلاًّ فَرْدا

    وما نطفَة من مُزْنَةٍ في وَقيعَةٍ * على متن صخر في صفاً خالطت شهْدا

    بأطيب من ريّا عُلالة ريقها * غداة هضاب الطلّ في روضة تندى

    **********

    سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى * فَأَرَّقَني وأصْحابي هُجُودُ

    فَبِتُّ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ * وأَرْقُبُ أَهْلَها وهُمُ بعيدُ

    عَلى أَنْ قَدْ سَما طَرْفِي لِنارٍ * يُشَبُّ لـها بذِي الـأَرْطى وَقُودُ

    حَوالَيْها مَهاً جُمُّ التَّراقي * وأَرْآمٌ وغِزْلانٌ رُقُودُ

    نَواعِمُ لا تُعالِجُ يُؤْسَ عَيْشٍ * أَوانِسُ لا تُراحُ وَلا تَرُودُ

    يَزُحْنَ مَعاً بِطاءَ المَشْيِ بُدّاً * عليهنَّ المَجاسِدُ والبُرُودُ

    سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أُخْرى * وقُطِّعَتِ المواثِقُ والعُهُودُ

    **********

    إمرؤ القيس

    أفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هذا التّدَلُّلِ * وَإن كُنتِ قد أزمعْتِ صَرْمي فأجْمِلي

    أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي * وَأنّكِ مهما تأْمُري القلبَ يَفْعلِ

    وَإنْ تكُ قد ساءتْكِ مني خَليقَةٌ * فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَن

    **********

    مهفهفة بيضاء غير مفاضة * ترائبها مصقولة كالسجنجل

    كبكرة المقاناة البياض بصفرة * غذاها نمير الماء غير المحلل

    تصد وتبدي عن أسيل وتتقي * بناظرة من وحش وجرة مطفل

    وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش * إذا هي تصته ولا بمعطل

    وفرع يزين المتن أسود فاحم * أثبت كقنو النخلة المتعثكل

    غدائره مستشزرات إلى العلا * تضل المدارى في مثنى ومرسل

    وتعطو برخص غير شثن كأنه * أساريع ظبى أو مساويك اسحل

    وتضحى فتبت المسك فوق فراشها * نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل

    تضئ الظلام بالعشاء كأنها * منارة ممسى راهب متبتل

    إلى مثلها يرنو الحليم صبابة * إذا ما اسبكرتت من درع ومجول

    **********

    جميل بن المعمر

    ألا ليت ريعان الشباب جديد * ودهرا تولى - يا بثين - يعود

    فنبقى كما كنا نكون وأنتمو * قريب وإذ ما تبذلين زهيد

    وما أنسى الأشياء لا أنسى قولها * وقد قربت نضوي : أمصر تريد

    و لا قولها : لولا العيون التي ترى * لزرتك فاعذرني فدتك جدود

    خليلي ما ألقى من الوجد باطن * ودمعي - بما أخفي الغداة - شهيد

    إذا قلت : ما بي يا بثينة قاتلي * من الحب قالت : ثابت ويزيد

    وإن قلت : ردي بعض عقلي أعش به * تولت وقالت : ذاك منك بعيد

    فلا أنا مردود بما جئت طالبا * ولا حبها فيما يبيد يبيد

    جزتك الجوازي يا بثين سلامة * إذا ما خليل بان وهو حميد

    وقلت لها : بيني وبينك فاعملي * من الله ميثاق له وعهود

    وقد كان حبيكم طريفا وتالدا * وما الحب إلا طارف وتليد

    وإن عروض الوصل بيني وبينها * وإن سهلته بالمنى لكؤود

    وأفنيت عمري بانتظاري وعدها * وأبليت فيها الدهر وهو جديد

    ويحسب نسوان من الجهل أنني * إذا جئت إياهن كنت أريد

    فأقسم طرفي بينهن فيستوي * وفي الصدر بون بينهن بعيد

    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بوادي القري إني إذن لسعيد

    وهل أهبطن أرضا تظل رياحها * لها بالثنايا القاويات وئيد

    وهل ألقين " سعدي " من الدهر مرة * وما رث من حبل الصفاء جديد

    وقد تلتقي الأشتات بعد تفرق * وقد تدرك الحاجات وهي بعيد

    إذا جئتها يوما من الدهر زائرا * تعرض منفوض اليدين صدود

    يصد ويغضي عن هواي ويجتني * ذنوبا عليها إنه لعنود

    فأصرمها خوفا كأني مجانب * ويغفل عنا مرة فعنود

    ومن يعط في الدنيا قرينا كمثلها * فذلك في عيش الحياة رشيد

    يموت الهوى مني إذا ما لقيتها * ويحيا إذا فارقتها فيعود

    يقولون : جاهد يا جميل بغزوة * وأي جهاد غيرهن أريد

    لكل حديث عندهن بشاشة * وكل قتيل عندهن شهيد

    وأحسن أيامي وأبهج عيشتي * إذا هيج بي يوما وهو قعود

    تذكرت ليلى فالفؤاد عميد * وشطت نواها فالمزار بعيد

    علقت الهوى منها وليدا فلم يزل * إلى اليوم ينمي حبها ويزيد

    فما ذكر الخلان إلا ذكرتها * ولا البخل إلا قلت سوف تجود

    إذا فكرت قالت : قد أدركت وده * وما ضرني بخلي فكيف أجود

    فلو تكشف الأشياء صودف تحتها * لبثنة حب طارف وتليد

    ألم تعلمي يا أم ذي الودع انني * أضاحك ذكراكم وأنت صلود !

    فهل القين فردا بثينة ليلة * تجود لنا من ودها ونجود

    ومن كان في حبي بثينة يمتري * " فبرقاء ذي ضال " علي شهيد

    **********

    أبي القلب إلا حب بثنة لم يرد * سواها وحب القلب بثنة لا يجدي

    أبي القلب إلا حب بثنة لم يرد * سواها وحب القلب بثنة لا يجدي

    تعلق روحي روحها قبل خلقنا * ومن بعد ما كنا نطافا وفي المهد

    فزاد كما زدنا فأصبح ناميا * وليس إذا متنا بمنتقض العهد

    ولكنه باق على كل حالة * وزائرنا في ظلمة القبر واللحد

    على أن من قد مات صادف راحة * وما بفؤادي من رواح ولا رشد

    يكاد فضيض الماء يخدش جلدها * إذا اغتسلت بالماء من رقة الجلد

    وقد لامني فيها أخ ذو قرابة * حبيب إليه من ملامته رشدي

    وقال أفق حتى متى أنت هائم * ببثنة فيها قد تعيد وقد تبدي

    فقلت له فيها قضى الله ما ترى * علي وهل فيما قضى الله من رد

    فإن كان رشدا حبها أو غواية * فقد جئته ما كان مني على عمد

    **********

    طرفة بن العبد

    أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ، * كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ

    بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي، * منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه

    دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى، * وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه

    وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها، * لـها نَظَرٌ ساجٍ إليكَ، تُوَاغِلُهْ

    غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً، * كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه

    لَيَاليَ أقْتادُ الصِّبا ويَقُودُني، * يَجُولُ بنَا رَيعانُهُ ويُحاوِلُه

    سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها * سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ فأمايِلُهْ

    فذُو النّيرِ فالـأعلامُ من جانبِ الحِمى * وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجلـه

    وأنّى اهْتَدَتْ سلمى وَسائلَ، بَيننا * بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ

    وكم دُونَ سَلمى من عدُوٍّ وبلدةٍ * يَحارُ بها الـهادي، الخفيفُ ذلاذلُه

    يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ * رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ، ويُضائلُهْ

    وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ، * إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلـهْ

    وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ، * فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلـه

    كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ * بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايلـه

    وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي * بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصَابَ مُقاتِلـه

    فلمّا رأى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ، * وأنّ هَوَى أسْماءَ لا بُدّ قاتِلـه

    تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ * على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِلـه

    إلى السّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الـهوى، * ولم يَدْرِ أنّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلـه

    فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ، * مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِلـه

    **********

    عنترة بن شداد

    بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ * إذا أتاني بريحهِ العطِرِ

    ألذُّ عندي مِمَّا حَوتْهُ يدي * مِنَ اللآلي والمالِ والبِدَر

    ومِلْكُ كِسْرَى لا أَشتَهيه إذا * ما غابَ وجهُ الحبيبِ عنْ نظري

    سقى الخِيامَ التي نُصبْنَ على * شربَّةِ الـأُنسِ وابلُ المطر

    منازلٌ تَطْلعُ البدورُ بها * مبَرْقعاتٍ بظُلمةِ الشَّعر

    تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لاهِيَةٌ * كأنّما شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ

    بيضٌ وسُمْرٌ تَحْمي مَضاربَها * أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر

    صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جاريةٌ * مكْحولةُ المقْلتين بالحور

    تريكَ مِنْ ثغرِها إذا ابتَسمت * كأسَ مُدامٍ قد حُفَّ بالدُّررِ

    أعارت الظَّبيَ سِحرَ مقْلتها * وباتَ ليثُ الشَّرَى على حذَر

    خودٌ رداحٌ هيفاءُ فاتِنةٌ * تُخجلُ بالحُسنِ بهجةَ القمر

    يا عبلَ نارُ الغرام في كَبدي * ترمي فؤَادي بأَسْهُم الشرر

    **********

    إن طيف الخيال يا عبل يشفي * ويداوي به فؤادي الكئيب

    وهلاكي في الحب أهون عندي * من حياتي إذا جفاني الحبيب

    يا نسيم الحجاز لولاك تطفا * نار قلبي أذاب جسمي اللهيب

    لك منى إذا تنفست حر * ولرياك من عبيلة طيب

    ولقد ناح في الغصون حمام * فشجاني حنينه والنحيب

    بات يشكو فراق إلف بعيد * وينادي أنا الوحيد الغريب

    يا حمام الغصون لو كنت مثلي * عاشقا لم يرقك غصن رطيب

    فاترك الوجد والهوى لمحب * قلبه قد أذابه التعذيب

    كل يوم له عتاب مع الدهر * وأمر يحار فيه اللبيب

    وبلايا ما تنقضي ورزايا * ما لها من نهاية وخطوب

    **********

    أشاقك من عبل الخيال المبهج * فقلبك منه لاعج يتوهج

    فقدت التي بانت فبت معذبا * وتلك احتواها عنك للبين هودج

    كأن فؤادي يوم قمت مودعا * عبيلة مني هارب يتمعج

    خليلي ما أنساكما بل فداكما * أبي وأبوها أين أين المعرج

    الماء بماء الدحرضين فكلما * ديار التي في حبها بت ألهج

    ديار لذات الخدر عبلة أصبحت * بها الأربع الهوج العواصف ترهج

    الا هل ترى إن سط عني مزارها * وأزعجها عن أهلها الآن مزعج

    فهل تبلغني دارها شدنية * هملعة بين القفار تهملج

    **********

    أرض الشربة شعب ووادي * رحلت وأهلها في فؤادي

    يحلون فيه وفي ناظري * وإن أبعدوا في محل السواد

    إذا خفق البرق من حيهم * أرقت وبت حليف السهاد

    وريح الخزامى يذكر أنفي * نسيم عذارى وذات الأيادي

    أيا عبل مني بطيف الخيال * على المستهام وطيب الرقاد

    عسى نظرة منك تحيا بها * حشاشة ميت الجفا والبعاد

    أيا عبل ما كنت لولا هواك * قليل الصديق كثير الأعادي

    وحقك لا زال ظهر الجواد * مقيلي وسيفي ودرعي وسادي

    إلى أن أدوس بلاد العراق * وأفني حواضرها والبوادي

    إذا قام سوق لبيع النفوس * ونادى وأعلن فيه المنادي

    وأقبلت الخيل تحت الغبار * بوقع الرماح وضرب الحداد

    وأرجع والنوق موقورة * تسير الهويني وسيبوب حادى

    وتسهر لي أعين الحاسدين * وترقد أعين أهل الوداد

    **********

    ترى هذه ريح أرض الشربه * أم المسك هب مع الريح هبه

    ومن دار عبلة نار بدت * أم البرق سل من الغيم عضبه

    أعبلة قد زاد شوقي وما * أرى الدهر يدني إلى الأحبة

    وكم جهد نائبة قد لقيت * لأجلك يا بنت عمي ونكبه

    فلو أن عينيك يوم اللقاء * ترى موقفي زدت لي في المحبه

    يفيض سناني دماء النحور * ورمحي يشك مع الدرع قلبه

    وأفرح بالسيف تحت الغبار * إذا ما ضربت به ألف ضربه

    وتشهد لي الخيل يوم الطعان * بأني أفرقها ألف سربه

    وإن كان جلدي يرى أسودا * فلى في المكارم عز ورتبه

    ولو صلت العرب يوم الوغى * لأبطالها كنت للعرب كعبه

    ولو أن للموت شخصا يرى * لروعته ولأكثرت رعبه

    **********

    إذا رشقت قلبي سهام من الصد * وبدل قربي حادث الدهر بالبعد

    لبست لها درعا من الصبر مانعا * ولاقيت جيش الشوق منفردا وحدي

    وبت بطيف منك يا عبل قانعا * ولو بات يسري في الظلام على خدي

    فبالله يا ريح الحجاز تنفسي * على كبد حري تذوب من الوجد

    ويا برق إن عرضت من جانب الحمى * فحي بن عبس على العلم السعدي

    وإن خمدت نيران عبلة موهنا * فكن أنت في أكنافها نير الوقد

    وخل الندى ينهل فوق خيامها * يذكرها أني مقيم على العهد

    عدمت اللقا إن كنت بعد فراقها * رقدت وما مثلت صورتها عندي

    وما شاق قلبي في الدجى غير طائر * ينوح على غصن رطيب من الرند

    به مثل ما بي فهو يخفى من الجوى * كمثل الذي أخفي ويبدي الذي أبدي

    ألا قاتل الله الهوى كم بسيفه * قتيل غرام لا يوسد في اللحد

    **********

    ولولا فتاة في الخيام مقيمة * لما اخترت قرب الدار يوما على البعد

    مهفهفة والسحر من لحظاتها * إذا كلمت ميتا يقوم من اللحدا

    أشارت إليها الشمس عند غروبها * تقول إذا اسود الدجى فاطلعي بعدي

    وقال لها البدر المنير ألا اسفري * فإنك مثلي في الكمال وفي السعد

    فولت حياء ثم أرخت لثامها * وقد نثرت من خدها رطب الورد

    وسلت حساما من سواجي جفونها * كسيف أبيها القاطع المرهف الحد

    تقاتل عيناها به وهو مغمد * ومن عجب أن يقطع السيف في الغمد

    مرنحة الأعطاف مهضومة الحشا * منعمة الأطراف مائسة القد

    يبيت فتات المسك تحت لثامها * فيزداد من أنفاسها أرج الند

    ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها * فيغشاه ليل من دجى شعرها الجعد

    وبين ثناياها إذا ما تبسمت * مدير مدام يمزج الراح بالشهد

    شكا نحرها من عقدها متظلما * فواحربا من ذلك النحر والعقد

    فهل تسمح الأيام يابنة مالك * بوصل يداوي القلب من ألم الصد

    سأحلم عن قومي ولو سفكوا دمي * وأجرع فيك الصبر دون الملا وحدي

    **********

    جفون العذارى من خلال البراقع * أحد من البيض الرقاق القواطع

    إذا جردت ذل الشجاع وأصبحت * محاجره قرحى بفيض المدامع

    سقى الله عمي من يد الموت جرعة * وشلت يداه بعد قطع الأصابع

    كما قاد مثلي بالمحال إلى الردى * وعلق آمالي بذيل المطامع

    لقد ودعتني عبلة يوم بينها * وداع يقين أنني غير راجع

    وناحت وقالت كيف تصبح بعدنا * إذا غبت عنا في القفار الشواسع

    وحقك لا حاولت في الدهر سلوة * ولا غيرتني عن هواك مطامعي

    فكن واثقا مني بحسن مودة * وعش ناعما في غبطة غير جازع

    فقلت لها يا عبل إني مسافر * ولو عرضت دوني حدود القواطع

    خلقنا لهذا الحب من قبل يومنا * فما يدخل التفنيد فيه مسامعي

    أيا علم السعدى هل أنا راجع * وانظر في قطريك زهر الأراجع

    وتبصر عيني الربوتين وحاجرا * وسكان ذاك الجرع بين المراتع

    وتجمعنا أرض الشربة واللوى * ونرتع في أكناف تلك المرابع

    فيا نسمات البان بالله خبري * عبيلة عن رحلي بأي المواضع

    ويا برق بلغها الغداة تحيتي * وحي دياري في الحمى ومضاجعي

    وحقك أشجاني التباعد بعدكم * فهل أنتم أشجاكم البعد من بعدي

    **********

    رَمَتِ الفُؤَادَ مَلِيحَةٌ عَذْرَاءُ * بِسِهَامِ لَحْظٍ ما لَهُنَّ دَوَاءُ

    مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ * مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ

    فاغْتَالَني سَقَمِي الَّذِي في بَاطِني * أخْفَيْتُهُ فأَذَاعَهُ الإخْفَاءُ

    خَطَرَتْ فَقُلْتُ قَضِيبُ بَانٍ حَرّكَتْ * أعْطَافَهعُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ

    وَرَنَتْ فَقُلْتُ غَزَالةٌ مَذْعُورَةٌ * قَدْ رَاعَهَا وَسْطَ الفلاَةِ بلاَءُ

    وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَةَ تِمِّهِ * قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ

    بسَمَتْ فلاَحَ ضياءُ لؤلؤ ثَغْرِها * فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ

    سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ * لِجَلاَلِها أَرْبابُنا العُظَمَاءُ

    يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ * عِنْدي إذَا وَقَعَ الإيَاسُ رَجَاءُ

    إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني * في هِمَّتي لِصُرُوفِهِ أزراءُ

    **********

    إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي * طَفا برْدُها حرَّ الصبابةِ والوَجدِ

    وذكَّرني قوْماً حَفِظتُ عهُودَهُمْ * فما عَرفُوا قَدري ولاَ حَفِظُوا عهدي

    ولولاَ فتاةٌ في الخيامِ مُقيمَةٌ * لما اختَرْتُ قربَ الدَّار يوماً على البعدِ

    مُهفْهَفةٌ والسِّحرُ من لَحظاتها * إذا كلَّمتْ ميْتاً يقُوم منَ اللَّحْدِ

    أشارتْ إليها الشَّمْسُ عِنْد غرُوبها * تقُول: إذا اسودَّ الدُّجى فاطْلعي بعدي

    وقال لـها البدْرُ المنير ألاَ اسْفري * فإنَّك مثْلي في الكَمال وفي السَّعْدِ

    فوَلّتْ حياءً ثم أَرْخَتْ لِثامَها * وقد نثرَتْ منْ خَدِّها رطِبَ الورْد

    وَسَلَّتْ حُساماً من سَواجي جفُونها * كسيْفِ أبيها القاطع المرهفِ الحدّ

    تُقاتلُ عيناها به وَهْوَ مُغمدٌ * ومنْ عَجبٍ أنْ يَقْطع السَّيْفُ في الغِمْدِ

    مُرنِّحةُ الـأَعطاف مَهْضومةُ الحَشا * منَعَّمة الـأَطْرافِ مائسة القَدِّ

    يبيتُ فُتاتُ المسْكِ تحتَ لثامها * فيزدادُ منْ أنْفاسها أرَجُ النَّدِّ

    ويطْلُع ضَوءُ الصبْح تَحتَ جَبينها * فيغْشاهُ ليلٌ منْ دجى شَعرها الجَعد

    وبين ثناياها إذا ما تَبسَّمتْ * مديرُ مُدامٍ يَمزجُ الرَّاحَ بالشَّهد

    شكا نَحْرُها منْ عِقدها متظلِّماً * فَواحَربا منْ ذلكَ النَّحْر والعقْدِ

    فهلْ تسمَحُ الـأَيامُ يا ابْنةَ مالكٍ * بوَصْلٍ يُدَاوي القَلْبَ منْ ألم الصَّدِّ

    سأَحْلُم عنْ قومي ولو سَفكوا دمي * وأجرعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ الملا وحدي

    وحَقّكِ أَشْجاني التَّباعدُ بعدكم * فهل أنتمُ أشْجاكُم البُعدُ منْ بعدي

    حَذِرْتُ من البيْن المفرِّق بيْننا * وقد كانَ ظنِّي لا أُفارقكمْ جَهدي

    فإنْ عاينت عيني المَطايا وركْبها * فرشتُ لدَى أخْفافها صَفحةَ الخدّ

    **********

    لعُوبٌ بأَلْبابِ الرّجال كأَنَّها * إذا أَسْفَرَتْ بَدْرٌ بدا في المَحَاشِدِ

    شَكَتْ سَقَماً كيْما تُعَادَ وما بها * سِوَى فَتْرةِ العيْنَين سقْمٌ لِعائِدِ

    منَ البيض لا تلْقاكَ إلاَّ مَصونَةً * وتمْشي كَغُصْنِ البانِ بينَ الولائِدِ

    كأَنَّ الثُّريَّا حينَ لاحَتْ عَشيَّةً * على نَحْرِها مَنْظُومَةٌ في القَلائِدِ

    منَعَّمةُ الـأَطْرافِ خَوْدٌ كأَنَّها * هِلالٌ على غُصْنٍ من البانِ مائِدِ

    حَوَى كلَّ حُسْنٍ في الكَوَاعِبِ شَخْصُها * فليْسَ بها إلاَّ عُيوبُ الحَواسد

    إذا كانَ دمْعي شاهدي كيفَ أجْحَدُ * ونارُ اشْتياقي في الحَشا تَتَوَقَّد

    وهيْهاتَ يَخْفى ما أُكِنُّ مِنَ الـهَوَى * وثَوْبُ سَقامي كلَّ يوْمٍ يُجدَّدُ

    أُقاتِلُ أشواقي بصبْري تجلّداً * وقَلبيَ في قَيْدِ الغَرامِ مُقَيَّد

    إلى اللـه أشكُو جَوْرَ قَوْمي وظُلْمَهُمْ * إذا لم أجِدْ خِلاً على البُعد يَعْضُدُ

    خَليلَيَّ أمسى حُبُّ عبلةَ قاتِلي * وبأْسِي شديدٌ والحُسامُ مُهَنَّدُ

    حَرامٌ عليّ النَّوْمُ يا ابنَةَ مالكِ * ومَنْ فَرْشُهُ جمْرُ الغَضا كيْف يَرْقُدُ

    سأَنْدبُ حتى يَعْلَم الطَّيْرُ أنني * حَزينٌ ويَرْثي لي الحمامُ المغَرِّدُ

    وأَلثِمُ أرْضاً أنْتِ فيها مقيمَةٌ * لَعَلَّ لَهيبي مِنْ ثرى الـأَرضِ يَبْرُدُ

    رَحَلْتِ وقلْبي يا ابْنَةَ العمِّ تائهٌ * على أثَرِ الـأَظْعَانِ للرِّكْب يَنْشدُ

    لئنْ تَشْمَتِ الـأَعداءُ يا بنْتَ مالكٍ * فإن ودادي مثْلما كانَ يُعهَدُ

    **********

    ذَنبي لِعبْلةَ ذنبٌ غير مغتفرِ * لمّا تَبلَّجَ صبُح الشَّيبِ في شعري

    رَمتْ عُبيلةُ قلْبي من لواحِظِها * بكُلِّ سهْم غريق النَّزعْ في الحَوَرِ

    فاعْجب لـهنّ سهاماً غيْرَ طائِشَةٍ * من الجفُونِ بلا قوْسٍ ولا وَتَرِ

    كم قد حفِظْتُ ذمامَ القوم من ولَهٍ * يَعْتادني لبناتِ الدَّلِّ والخَفَرِ

    مُهفْهفاتٍ يَغارُ الغُصنُ حين يَرَى * قدودَها بيْنَ مَيَّادٍ ومنْهصر

    يا منْزلاً أدْمعي تجري عليهِ إذا * ضَنَّ السَّحابُ على الـأَطْلال بالمطر

    أرضُ الشَّربَّةِ كم قضَّيت مُبتهجاً * فيها مَعَ الغيدِ والـأَتْرابِ من وَطَرِ

    أيّامَ غُصْنُ شَبابي في نعُومتِهِ * ألْهُو بما فيهه من زهرٍ ومن أَثرِ

    في كلِّ يومٍ لنا من نَشْرها سَحَراً * ريحٌ شَذَاها كنَشْر الزّهر في السَّحر

    وكلُّ غصنٍ قويمٍ راق منْظرهُ * ما حَظُّ عاشِقها مِنْه سوى النَّظرِ

    أخْشى عليها ولَوْلا ذاكَ ما وَقَفَتْ * ركائبي بينَ وِرْدِ العَزْمِ والصَّدَرِ

    كلاّ ولاَ كُنْتُ بَعد القُرْبِ مُقْتنِعاً * منها على طولِ بُعْدِ الدَّار بالخبر

    هُمُ الـأَحبَّةُ إنْ خانُوا وإنْ نَقَضوا * عَهدي فما حُلْتُ عَنْ وَجْدي ولا فِكري

    أَشكُو منَ الـهَجر في سِرٍّ وفي عَلَنٍ * شكْوَى تُؤَثرُ في صلْدِ منَ الحجر

    **********

    زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَةَ في الكَرى * لمُتيِّم نشوانَ محلولِ العُرى

    فنهضتُ أشكُو ما لَقيتُ لبُعدها * فتنفَّسَتْ مِسكاً يخالطُ عَنْبَرا

    فضَممتُها كيما أقبِّلَ ثغرَها * والدَّمعُ منْ جَفنيَّ قد بلَّ الثرى

    وكشفتُ بُرقُعَها فأَشرَقَ وجهُها * حتى أعادَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً

    عربيَّةٌ يهْتزُّ لِينُ قوَامِها * فيخالُه العشَّاقُ رُمحاً أسمرا

    محجوبةٌ بصَوارمٍ وَذَوابلٍ * سمرٌ ودُونَ خبائها أسدُ الشَّرى

    يا عَبلَ إنَّ هَواكِ قد جازَ المَدى * وأنا المُعنَّى فيكِ منْ دُون الورى

    يا عَبلَ حبُّكِ في عِظامي مَعَ دَمي * لمَّا جرت روحي بجمسي قدْ جرَى

    وَلقد عَلِقْتُ بذَيلِ مَنْ فَخُرتْ به * عَبْسٌ وَسيْفُ أبيهِ أفنى حِمْيَرا

    يا شأْسُ جرْني منْ غرامٍ قاتلٍ * أبداً أزيدُ بهِ غراماً مُسْعرا

    يا شأسُ لولاَ أنّ سلْطانَ الـهوى * ماضي العَزِيمةِ ما تملّكَ عنتَرا

    **********

    سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم * وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ

    وأطْمعُ من دَهري بما لا أنالـهُ * وألزمُ منه ذُلَّ منْ ليسَ يرْحمُ

    وأَرجو التَّداني منكِ يا ابنةَ مالكٍ * ودونَ التَّداني نارُ حَرْبٍ تُضَرَّمُ

    فَمُنِّي بطيْفٍ من خيالِكِ واسأَلي * إذا عادَ عني كيفَ باتَ المتيَّمُ

    ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي * فما لي بعْدَ الـهجرِ لَحمٌ ولا دَمُ

    ألم تسْمعي نَوْحَ الحمائِم في الدجى * فمنْ بَعضِ أشْجاني وَنَوْحي تعلّموا

    ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ * سوى كبدٍ حَرَّى تذوبُ فأَسقمُ

    وتلكَ عِظامٌ بالياتٌ وأَضْلعٌ * على جلدِها جيْشُ الصُّدودِ مخيِّمُ

    وإنْ عشْتُ منْ بَعد الفراقِ فما أنا * كما أدَّعي أني بعبلةَ مُغْرَمُ

    وإنْ نامَ جفني كانَ نوْمي عُلاَلةً * أقولُ: لعلَّ الطَّيْفَ يأْتي يُسلِّمُ

    أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما * غدَا طائرٌ في أيكَةٍ يترَنَّمُ

    بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني * صبُورٌ على طعْن القَنا لو عَلمتُمُ

    **********

    لمن الشُّمُوسُ عزيزَةُ الـأَحداج * يَطْلُعنَ بينَ الوشْيِ والدِّيباج

    مِنْ كلّ فائِقةِ الجمال كَدُميَةٍ * من لؤْلُؤٍ قدْ صُوِّرَتْ في عاج

    تمشي وَتُرفِلُ في الثِّيابِ كأَنَّها * غُصْنٌ تَرَنَّحَ في نَقاً رجَّراج

    حفَّتْ بهن مَناصلٌ وذَوابلٌ * ومَشَتْ بهنَّ ذَواملٌ وَنواجي

    فيهن هَيفاءُ القَوامِ كأَنها * فُلكٌ مُشرَّعةٌ على الـأَمواج

    خطَفَ الظَّلامُ كسارقٍ من شعرها * فكأَنَّما قرَنَ الدُّجى بدَياجي

    أبْصَرْتُ ثمَّ هَويتُ ثمَّ كَتَمْتُ ما * أَلقى وَلمْ يَعْلَمْ بذَاكَ مُناجي

    فوَصلْتُ ثمَّ قَدَرْتُ ثمَّ عَفَفْتُ من * شرَفٍ تناهى بي إلى الإنضاج

    **********

    لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي * مَحتْ آثارَهُ ريحُ الشمالِ

    وَقَفتُ به وَدَمْعي مِنْ جُفُوني * يَفيضُ على مَغانيهِ الخَوالي

    أُسائِلُ عَنْ فَتاةِ بني قُرادٍ * وعنْ أتْرابها ذَاتِ الجمال

    وكَيفَ يُجيبني رَسْمٌ مُحيلٌ * بعيدٌ لا يَرُدُّ على سُؤَالي

    إذا صاحَ الغُرابُ به شجاني * وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي

    وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا * وبالـهِجْرانِ منْ بعد الوصال

    غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ * تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي

    كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي * فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال

    وخبّرْ عنْ عُبيْلةَ أَيْنَ حلّت * وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي

    أنا دَمْعي يَفيضُ وأَنْتَ باكٍ * بلاَ دَمْعٍ فذَاكَ بُكاءُ سالِ

    لَحى اللـه الفِراقَ ولاَ رَعاهُ * فَكَمْ قدْ شَكَّ قلبي بالنّبال

    أُقاتِلُ كلَّ جبَّارٍ عَنيدٍ * ويَقْتُلْني الفِراقُ بلا قِتالِ

    **********

    سلا القلب عما كان يهوى ويطلب * وأصبح لا يشكو ولا يتعتب

    صحا بعد سكر وانتخى بعد ذلة * وقلب الذي يهوى العلا يتقلب

    إلى كم أداري من تريد مذلتي * وأبذل جهدي في رضاها وتغضب

    عبيلة أيام الجمال قليلة * لها دولة معلومة ثم تذهب

    فلا تحسبي أني على البعد نادم * ولا القلب في نار الغرام معذب

    وقد قلت إني قد سلوت عن الهوى * ومن كان مثلي لا يقول ويكذب

    هجرتك فامضي حيث شئت وجربي * من الناس غيري فاللبيب يجرب

    لقد ذل من أمسي على ربع منزل * ينوح على رسم الديار ويندب

    وقد فاز من في الحرب أصبح جائل * يطاعن قرنا والغبار مطنب

    نديمي رعاك الله قم عن لي على * كؤوس المنايا من دم حين أشرب

    ولا تسقني كأس المدام فإنها * يضل بها عقل الشجاع ويذهب

    **********

    قيس بن الخطيم

    رَدَّ الخَلِيطُ الجِمَالَ فانْصَرَفُوا * ماذَا عَلَيْهِمْ لَوَ انّهُمْ وَقَفُوا

    لَوْ وَقَفُوا ساعةً نُسَائلُهُمْ * رَيْثَ يُضَحّي جِمَالَهُ السَّلَفُ

    فِيهِمْ لَعُوبُ العِشاء آنِسَهُ الـ * ـدَّلّ، عَرُوبٌ يَسُوءُها الخُلُفُ

    بَيْنَ شُكولِ النّساء خِلْقَتُها * قَصْدٌ، فَلا جَبْلَةٌ وَلا قَضَفُ

    تَنامُ عَنْ كُبْرِ شَأنِها فإذا * قَامَتْ رُوَيْداً تَكادُ تَنْغَرِفُ

    حَوْراءُ جَيْداءُ يُسْتَضاء بها * كأنّها خُوطُ بَانَةٍ قَصِفُ

    تَمْشي كمَشْيِ الزَّهراء في دَمَثِ الـ * ـرَّمْلِ إلى السّهْلِ دونَهُ الجُرُفُ

    ولا يَغِثُّ الحَدِيثُ ما نَطَقَتْ * وَهْوَ بِفِيها ذُو لَذَّةٍ طَرِفُ

    تَخْزُنُهُ وَهْوَ مُشْتَهًى حَسَنٌ * وَهْوَ إذا ما تَكَلّمَتْ أُنُفُ

    يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني * قضيْتُ لَيلي بالنوحِ والسَّهَرِ

    يا عبلَ كَمْ فِتْنةٍ بَليتُ بها * وخُضتُها بالمُهنَّدِ الذَّكر

    والخيلُ سُودُ الوجوه كالحةٌ * تخوضُ بحْرَ الـهلاَكِ والخطَر

    أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ * أُطيق دفعَ القَضاءِ والقَدَرِ

    بَلْ لَيْتَ أهْلي وأهْلَ أَثْلَةَ في * دارٍ قَرِيبٍ مِنْ حَيْثُ تَخْتَلِفُ

    أَيْهاتَ مَنْ أهْلُهُ بِيَثْرِبَ قَدْ * أمْسَى وَمَنْ دُونَ أهْلِهِ سَرِفُ

    يا رَبِّ لا تُبْعِدَنْ دِيارَ بَني * عُذْرَة حَيْثُ انصرَفْتُ وانصرَفوا

    أبْلِغْ بَني جَحْجَبَى وَقَوْمَهُمُ * خَطْمَةَ أنّا وَرَاءهُمْ أُنُفُ

    وأنّنا دُونَ ما يَسومُهُمُ الـأعـ * ـداءُ مِنْ ضَيْمِ خُطّةٍ نُكُفُ

    نَفْلي بِحَدّ الصَّفِيحِ هامَهُمُ * وَفَلْيُنا هَامَهُمْ بِنا عُنُفُ

    **********

    قيس بن الملوح

    تذكرت ليلى والسنين الخواليا * وأيام لا تخشى على اللهو ناهيا

    ويوم كظل الرمح قصرت ظله * بليلى فلهاني وما كنت ناسيا

    " بتمدين " لاحت نار ليلى وصحبتي * " بذات الغضى " نزجي المطي النواجيا

    فقال بصير القوم ألمحت كوكبا * بدا في سواد الليل فردا يمانيا

    فقلت له : بل نار ليلى توقدت * " بعليا " تسامى ضوؤها فبدا ليا

    فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى * وليت " الغضى " ما شى الركاب لياليا

    فيا ليل كم من حاجة لي مهمة * إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا

    خليلي إن لا تباكياني ألتمس * خليلا إذا أنزفت دمعي بكي ليا

    فما أشرف الأيفاع إلا صبابة * ولا أنشد الأشعار إلا تداويا

    وقد يجمع الله الشتيتين بعدما * يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

    **********

    قيس بن ذريح

    عفا سرف من أهله فسراوع * فجنبا أريك فالتلاع الدوافع

    لعل لبيني أن يحم لقاؤها * ببعض البلاد إن ما حم واقع

    بجزع من الوادي خلا عن أنيسه * عفا وتخطته العيون الخوادع

    ولما بدا منها الفراق كما بدا * بظهر الصفا الصلد الشقوق الشوائع

    تمنيت أن تلقي لبيناك والمنى * تعاصيك أحيانا وحينا تطاوع

    وما من حبيب وامق لحبيبه * ولا ذي هوى إلا له الدهر فاجمع

    وطار غراب البين وانشقت العصا * ببين كما شق الأديم الصوانع

    ألا يا غراب البين قد طرت بالذي * أحاذر من لبني فهل أنت واقع!

    وإنك لو أبلغتها قليلك : اسلمي * طوت حزنا وارفض منها المدامع

    أتبكي على لبني وأنت تركتها * وكنت كآت غيه وهو طائع

    فلا تبكين في إثر شئ ندامة * إذا نزعته من يديك النوازع

    فليس لأمر حاول الله جمعه * مشت ولا ما فرق الله جامع

    طمعت بلبني أن تريع وإنما * تقطع أعناق الرجال المطامع

    كأنك لم تقنع إذا لم تلاقها * وإن تلقها فالقلب راض وقانع

    فيا قلب خبرني إذا شطت النوى * بلبني وصدت عنك ما أنت صانع

    أتصبر للبين المشت مع الجوى * أم أنت امرؤ ناسي الحياء فجازع

    فما أنا إن بانت لبيني بهاجع * إذا ما استقلت بالنيام المضاجع

    وكيف ينام المرء مستشعر الجوى * ضجيع الأسى فيها نكاس روادع

    فلا خير في الدنيا إذا لم تواتنا * لبيني ولم يجمع لنا الشمل جامع

    أليست لبين تحت سقف يكنها * وإياي هذا إن نأت لي نافع

    ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا * ونبصر ضوء الصبح والفجر ساطع

    تطاتحت رجليها بساطا وبعضه * أطاه برجلي ليس يطويه مانع

    وأفرح إن أمست بخير وإن يكن * بها الحدث العادي توعني الروائع

    كأنك بدع لم تر الناس قبلها * ولم يطلعك الدهر فيمن يطالع

    فقد كنت أبكي والنوى مطمئنة * بنا وبكم من علم ما البين صانع

    وأهجركم هجر البغيض وحبكم * على كبدي منه كلوم صوادع

    فواكبدي من شدة الشوق والأسى * وواكبدي إني إلى الله راجع

    وأعجل للإشفاق حتى يشفني * مخافة وشك البين والشمل جامع

    وأعمد للأرض التي من ورائكم * لترجعني يوما إليك الرواجع

    فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى * ويا حبها قع بالذي أنت واقع

    لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعة * من الناس ما اختيرت عليه المضاجع

    ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها * وللبين غم ما يزال ينازع

    إذا لم يكن إلا الجوى فكفى به * جوى خزق قد ضمنتها الأضالع

    أبائنة لبنى ولم تقطع المدى * بوصل ولا صرم فييأس طامع

    يظل نهار الوالهين نهاره * وتهدنه في النائمين المضاجع

    سواء فليلي من نهاري وإنما * تقسم بين الهالكين المصارع

    ولولا رجاء القلب أن تسعف النوى * لما حملته بينهن الأضالع

    له وجبات إثر لبنى كأنها * شقائق برق في السحاب لوامع

    نهاري نهار الناس حتى إذا دجا * لي الليل هزتني إليك المضاجع

    أقضي نهاري بالحديث وبالمنى * ويجمعني والهم بالليل جامع

    لقد ثبتت في القلب منك مودة * كما تثبتت في الراحتين الأصابع

    أبى الله أن يلقى الرشاد متيم * ألا كل أمر حم لابد واقع

    هما برحا بي معولين كلاهما * فؤاد وعين جفنها - الدهر - دامع

    إذا نحن أنفدنا البكاء عشية * فموعدنا قرن من الشمس طالع

    وللحب آيات تبين بالفتى * شحوب وتعرى من يديه الأشاجع

    وما كل ما منتك نفسك خاليا * تلاقي ولا كل الهوى أنت تابع

    تداعت له الأحزان من كل وجهة * فحن كما حن الظؤار السواجع

    وجانب قرب الناس يخلو بهمه * وعاوده فيها هيام مراجع

    أراك اجتنبت الحي من غير بغضة * ولو شئت لم تجنح إليك الأصابع

    كأن بلاد الله ما لم تكن بها * وإن كان فيها الخلق قفر بلاقع

    ألا إنما أبكي لما هو واقع * وهل جزع من وشك بينك نافع

    أحال على الدهر من كل جانب * ودامت فلم تبرح على الفجائع

    فمن كان محزونا غدا لفراقنا * فملآن فليبك لما هو واقع

    كلمات مفتاحية  :
    شعر عربي

    تعليقات الزوار ()