بتـــــاريخ : 6/11/2008 8:02:07 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1626 0


    الترويج للرؤية واستقطاب الأتباع

    الناقل : heba | العمر :42 | المصدر : www.islammemo.cc

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال فن الادارة القيادة

    تكلمنا في المرة السابقة عن الوسيلة الأولى التي تمكنك كقائد من استقطاب الناس حولك ألا وهي " اهتم بالآخرين وعاملهم بما تحب أن يعاملوك به " وهذه الحلقة استكمال للحلقة السابقة حيث سنعرض إن شاء الله الوسيلة الثانية لكيفية استقطاب القادة لأتباعه ألا وهي " الترويج لرؤيتك "      

          ولا ننسى أننا كنا قد  تكلمنا من قبل أن الركن الأول لصناعة أي قائد هو " الرؤية المستقبلية " وأن الدور الأعظم لأي قائد هو بلورة الرؤية والأهداف البعيدة ، فالقيادة هي تحريك للناس نحو الهدف ،وحتى يتمكن القائد من ذلك عليه  أن يمتلك رؤية واضحة للأهداف التي سيحرك أتباعه تجاهها . ومن هنا يأتي  امتلاك الرؤية والترويج لها جزء أساسي في استقطاب الأتباع ، بها يتمكن القائد من  تجميع الناس حوله من خلال جذب الناس وإقناعهم برؤيته ودفعهم ليعملوا معه على تحقيق هذه الرؤية في الواقع .

       نصف الرؤية الآخر  :

    يقول وليام كوهين " والرؤية شئ واضح الأهمية ، ولكن تبني هدف يحدد ما تود أن تؤول إليه المؤسسة لا يمثل إلا نصف ما ينبغي عليك القيام به ، اما النصف الآخر فيكمن في أن تضمن معرفة الآخرين بماهية رؤيتك ، فمن خلال تبليغ رؤيتك تحصل على إجماع من تقودهم "  ويقول جون بانج رئيس هيوليت-باكارد (HP) :" إن الشركات الناجحة تحظى بالاتفاق من القمة إلى القاع على مجموعة من الأهداف ، فألمع الاستراتيجيات الإدارية ستفشل إذا ما كان ذلك الإجماع مفتقدا" , وهذا القول يكشف لنا عن سر خطير وهو أن دورك كقائد ليس فقط أن تمتلك رؤية وهدف تريد الوصول إليه ، بل أن تروج لرؤيتك وتدعو إليها وتجعل أتباعك يتشبعون بالإيمان بهذه الرؤية ويشاركونك الحرص على الوصول إليها ويستشعرون جميعا أنهم مسؤولون عن تحقيق هذه الرؤية في الواقع , بهذه الطريقة وبهذه الروح تكون قائدا ناجحا لك أتباع مخلصون ملتفون دائما حولك بل ويرون فيك المثل والقدوة لهم في الحرص على تطبيق هذه الرؤية في الواقع فإذا ما أصابهم بعض الكسل أو بعض الفتور سرعان ما يعودون إلى نشاطهم من جديد بالنظر إليك وأنت مفعم بالحيوية والنشاط وشديد الإصرار على تحقيق "رؤيتكم" في الواقع .

    إشراك الأتباع في صناعة الرؤية :

    لا يكفي إقناع الأتباع بالرؤية فقط ، وإنما يجب أن تجعلهم يساعدونك على الوصول إلى الرؤية ، بذلك تضمن اتفاقهم معك وعزمهم على تنفيذها في أرض الواقع ، بل وأصبح تحقيقهم لذاتهم ولأحلامهم في الحياة مرتبط بتحقيق هذه الرؤية والنجاح في غرسها في الحياة ، يقول كوزس بوسنر " تذكر أن القيادة حوار وليست خطبة كذلك فالقيادة ليست فرض حلم القائد وحده وإنما تحمل معنى تكوين قدر مشترك إنها إشراك الآخرين لكي يروا أن طموحاتهم واهتامامتهم توحدت مع الرؤية ، وكذلك أصبحت تحرك طاقات الفرد لكي تصبح الرؤية حقيقية ، فالرؤية عطاء لطموحات المساعدين وهي النموذج والصورة الفريدة للمستقبل وللصالح المشترك "

    أمثلة من  المؤسسات :

    1- كيف استطاع ويليام ج. مكجون-مؤسس شركة إم.سي.آي كوميونيكيشنز  كوربوريشن للاتصالات ذات المليار دولاركسر الاحتكار الذي دام طويلا من جانب شركة أمريكان  تليفون آند تليجراف (AT&T) ؟ ذكر مكجون السر وراء ذلك فإذا هو الترويج لرؤية هذه الشركة وهو خوض التحدي وتأسيس شركة جديدة في الاتصالات قال مكجون : الناس لا يأتون إلى إم . سي . آي  طلبا للأمن بل يأتون طلبا للتحدي وليكونوا أعضاء في شئ جديد "

    2- أسس جميس إ. بيرجر –ناشر مجلة ترافيلبوست ناشيونال – مطبعته الخاصة باتباع مبدأ الترويج للرؤية  . كان أمامه خمسة وأربعون يوما فحسب – بعد تقديمه لطلب شراء المطبعة – لجمع مبلغ مائة ألف دولار ،وإعداد تجهيزاته والحصول على مشغلين مدربين  والعثور على مبنى يضع فيه كل هذه الأشياء وأنجز كل هذا بتبليغ أهدافه بشكل فعال لمن معه فالأمر كما قال " إن الهدف السري لا يمكنه الإفادة من مشاركة الآخرين وقوتهم فالهدف الواضح والمعروف للآخرين والمتقد حماسا سيجذب طاقة وقوى فائقة لا تخمد "

    3- قام الأستاذان وارين بينيس وبيرت نانوس (جامعة جنوبي كاليفورنيا) بمحاورة تسعين من القادة من بينهم ستون من مدراء العموم التنفيذين الناجحين وثلاثون من القادة البارزين من القطاع العام وجميع القادة التسعين كانت لديهم رؤية واضحة واستخلص وارين بينيس وبيرت نانوس بعد هذه الدراسة النتيجة الآتية : " إن رؤاهم ومفاهيمهم جذابة تشد الأفراد نحوهم "

    اجعل رؤيتك تنبض بالحياة :

    عندما سئلت " ليلى مرزوق " كيف استطاعت أن تقود فريق التنمية لأسرة "بي سي نت " للأجهزة المتطورة الصغيرة متخطية كل الحواجز ومنتجة لمجموعة من المنتجات الناجحة جدا ، أجابت ببساطة " آمنت بالفكرة " إن اول شئ عليك فعله أيها القائد هو أن تؤمن بفكرتك أن تؤمن برؤيتك ، هذا ما يجعلها حية في قلبك وبالتالي تحيا في قلوب الناس وبالتالي تتحقق في الواقع .

    وعندما تؤمن برؤيتك تأكد من أنك ستسطيع الترويج لها والدعاية إليها بصورة فعالة ، لأنك تراها في نفسك وتشعر بها وتشتاق إلى رؤيتها في الواقع ولذا فحين تكلم الناس ستكلمهم وانت ترى المستقبل أمام عينيك وأنت مستبشر ومتأكد من أن رؤيتك سوف تتحقق لأنك تؤمن بها ؛ ستتمكن من التعبير عن رؤيتك بشكل ملموس وهو أمر أساسي ومحوري في التعبير عن الرؤية ، إذ لا يكفي مجرد  الكلام التجريدي النظري بل يجب التعبير  بشكل حسي معنوي يجعل الأتباع يرون رؤيتك رؤية الشمس في وضح النهار ويشعرون بها شعور الظمآن بالماء يرتوي به في اليوم الحار المجحف الجاف  ، يقول كوزس بوسنر " رؤيتك المجردة يجب جعلها ملموسة . استخدم أنماطا عديدة للتعبير بقدر المستطاع ، لكي تجعل رؤيتك أكثر من مجرد أمر ملموس . اجعل أي معنى مجرد- مثل الحرية والخدمة والاحترام والجودة والإبداع أمرا ملموسا لكي تجعل الآخرين يتخيلوه فعند الحديث عن الرؤى كلنا نريد مزيدا من التوضيح ؛ أثرٍ لغتك بقصص واستعارات وتشبيهات وأمثلة " 

       الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم قائد في التاريخ :

    حينما تقرأ في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبين لك كيف كان بالفعل أعظم قائد في التاريخ ويتضح لك بجلاء شديد كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن برسالته ورؤيته أعظم إيمان

    لقد كانت رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحة تماما في ذهنه وكان مؤمنا بها أكمل إيمان ، كانت رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نشر الإسلام في العالم كله وتبليغ هذا الدين إلى البشر أجمعين ولك أن تتخيل رجل يبدأ وحده في قلب الصحراء في زمن لا توجد فيه وسائل الاتصالات الحديثة ويحلم بهذا الحلم ويعمل على تحقيق هذه الرؤية بثقة تامة وإيمان كامل بنصر وتوفيق الله تبارك وتعالى ولعل أول هدف استراتيجي رئيسي كان إقامة دولة للمسلمين في شبه الجزيرة العربية لتكون منطلقا بعد ذلك لنشر الإسلام في الأرض كلها وقد تحقق في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تابع أصحابه من بعده- الذين أخرجهم قادة يؤمنون برؤيتهم ويريدون تحقيقها في الواقع- نشر هذا الدين في العالم أجمع ومازالت أجيال الأمة تتولى أمانة تحقيق الرؤية ونشر الإسلام في العالم أجمع جيلا بعد جيل حتى رأينا في عالمنا اليوم هذا الانتشار العجيب للإسلام في العالم أجمع ، وحتى رأينا دخول الآلاف سنويا  في الإسلام من جميع أنحاء العالم.

    ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجحا إلى أبعد حد في جعل رؤيته محسوسة ملموسة في نفوس أصحابه بل في نفوس جميع أبناء أمته إلى قيام الساعة ولذا فانظر إلى هذه الأحاديث التي يعبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رؤيته وانظر إلى إيمانه العميق برؤيته وتأمل في كيفية جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملموسة مؤثرة لا يسمعها أحد من أبناء أمته إلا تأثر بها

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "   ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر"

    وفي أثناء شدة التعذيب في مكة يأتي خباب بن الأرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"  يا رسول الله ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ فقال: إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه، ثم قال: والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".

    فانظر إلى مدى إيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم برؤيته منذ ان كان الصحابة يعذبون في مكة والإسلام مستضعف والخطر يحيط بهم من كل جانب ولم يمنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوة الإيمان برؤيته والتعبير عنها بشكل ملموس يفهمه الجميع .

    ولما جاء عدي بن حاتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ياعدي بن حاتم أسلم تسلم ثلاثا قال عدي :  قلت : إني على دين قال: أنا أعلم بدينك منك فقلت : أنت أعلم بديني مني قال نعم ألست من الركوسية وأنت تأكل مرباع قومك قلت بلى قال فإن هذا لا يحل لك في دينك قال فلم يعد أن قالها فتواضعت لها فقال أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب أتعرف الحيرة قلت لم أرها وقد سمعت بها قال فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز قال قلت كسرى بن هرمز قال نعم كسرى بن هرمز وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد قال عدي بن حاتم فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها "  . وقد حدثت الثالثة بالفعل في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه

    وبعد أيها الأخ فهذه مجرد أمثلة بسيطة لبعض بشارات رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحقق رؤيته وإلا فالأمثلة كثيرة جدا في السنة النبوية وما هذا إلا مرشد لنا لنقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ونعمل بإيمان وصدق تام على استكمال تحقيق رؤيته في الواقع ونشر الإسلام ورفع شأنه وإعلاء كلمته في العالم أجمع . 

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال فن الادارة القيادة

    تعليقات الزوار ()