بتـــــاريخ : 10/27/2008 5:13:10 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1387 0


    ساعة الفطار وضرب النار في رمضان!!!

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ميدوجيمى | المصدر : www.arab2all.com

    كلمات مفتاحية  :

    تتخانق إيه ع الفطار النهاردة

    في ثاني أيام شهر رمضان الكريم وفي عز النهار والحر يجلس "أحمد" بعد أن مرت سنوات خمس على زواجه من "هناء" وهذا أول رمضان يمر عليهم في صيف سبتمبر..

    تأتي دقات الرابعة والنصف تعلن عن نفسها بنغمات مزعجة تزيد من حنق الزوج الغاضب أساسا ليس بسبب صوت الساعة، وإنما بسبب المعنى الذي تحمله هذه الدقات فالرابعة والنصف تعني أنه ما زال هناك ساعة كاملة حتى ميعاد الإفطار.... مع العلم أن "أحمد" مُدخِّن شره اعتاد أن يستنفد ما لا يقل عن علبتين في اليوم الواحد، فالرجل لم يعد يطيق أنفاسه التي تغادر أحشاءه يخرجها ويلعنها دون عودة لما تسببه بمزيد من الخشونة الموجودة وبوفرة داخل حلقه الذي استنجد به منذ أكثر من ساعة ولو برشفة ماء قليلة ولكن ما باليد حيلة... يستمر الزوج في التحديق للساعة على أمل أن تحدث المعجزة وتخطئ عيناه فتكون الخامسة والنصف بدلا من الرابعة والنصف ولكن لا جدوى..

    يرفع يده مكافحا سيل العرق المنهمر من أعلى جبينه وحتى أسفل صدره ويقول بصوت عالٍ تعمّد أن يوصله لزوجته التي تعمل بانهماك شديد داخل المطبخ لكي تنتصر في معركتها مع الوقت لإنهاء الإفطار في الميعاد: يعني فاضل ساعة بس على الفطار ولا شميت ريحة لحمة هنا ولا فراخ هناك ولا سمعت صوت طشة ملوخية هنا ولا قلي في الزيت هناك.. هو إيه؟ إنتِ ناوية تفطريني في مائدة الرحمن اللي تحت البيت؟!

    تحاول "هناء" امتلاك أعصابها وتبتلع سخافة السؤال وترسم هدوءا مفتعلا على نبرة صوتها مع إضافة بعض من الرقة والدلال في الإجابة تجنبا لافتعال المشاكل: حالا يا حبيبي هتشم كل حاجة دلوقتي إدّيني بس نص ساعة والدنيا كلها هتجهز وهتلاقي نفسك قاعد في مطبخ الملك "فاروق" نفسه.

    يرد عليها "أحمد" بسخرية ممزوجة بغضب مكتوم: الكلام دا بيفكرني بالكلام اللي سمعته إمبارح وفي الآخر فطرتيني بعد المدفع بعشر دقائق.

    ترد "هناء" وقد شعرت بإهانة من السخرية التي تمتلئ بها عبارات زوجها: أنا كنت مخلّصة من نص ساعة لولاش أختك اتصلت بيّ عشان مش عارفة تسلق المكرونة.

    حدث ما كانت تخشاه الزوجة فقد فتحت الباب أمام زوجها لكي ينفعل عليها ويفرغ فيها كل ما بداخله من ضيق تسبب فيه ساعات الانتظار المتتالية وحرارة الجو التي يصعب معها تحمل أي استفزاز ولو كان بسيطا مثل ذلك الذي خرج غصبا عن الزوجة:
    يعني إيه؟ خلاص أختي هي المشكلة وهي اللي خلتني أفطر متأخر... قولي بقى كده.. أنتِ أصلا مش طايقاها من الأول.

    أدركت الزوجة ما فعلته من إثارة غضب الزوج في وقت يصعب فيه العراك، فحاولت أن تلملم شراع الخناق الذي انفرد بفضل جملتها الأخيرة وأعطى فرصة لرياح الغضب أن تسوق الزوجين إلى حيث لا ترغب الزوجة فتقول بصوت هادئ جميل كما كان: أنا آسفة يا حبيبي ماقصدش.. أنا بس كل قصدي إني عملت اللي عليّ بس هي الظروف اللي كانت معاكساني.

    ولكن لا فائدة فقد أعطته الفرصة وفات وقت التراجع فقام "أحمد" من جلسته متوجها نحو المطبخ ليكمل ما كان قد بدأه رافضا كل محاولات الزوجة لإعلان الهدنة حتى موعد الإفطار فيقول لها بنبرة صوت مبالغ فيها تملؤها السخونة لا تتفق أبدا مع الموقف: لا بقى قصدك أنا من زمان عارف أنك بتكرهي أهلي وبتغيري منهم عشان ماكانوش موافقين على جوازك مني والظاهر كان عندهم حق.

    ترد الزوجة غير مصدقة لكلام الزوج: يعني إيه بقى إن شاء الله؟ مابقيتش عايزيني خلاص كرهتني ماشي يا سي "أحمد" زي ما إنت عايز لو سمحت إنزل سخّن العربية عشان توديني عند بابا..

    يرد الزوج بلهجة استغناء واضحة: أنا تعبان وداخل أنام إبقي خدي تاكسي وما تنسيش تقفلي الباب وراكِ.

    هذه المشاهد أصبحت مألوفة في بيوتنا قبل ساعة الإفطار بحيث يكون البيت كله على رجل واحدة إذا كان الزوج أو الأب من هواة انتظار المدفع ولا يفضل النوم في الساعة الأخيرة فيتصيّد الأخطاء ويفتعل المشكلات ويرفض التسامح ويعلن الحرب على أي شخص يقترب منه أو يوجه له سؤالا أو عتابا أو حتى مجرد كلام فهذه الساعة هي ساعة طوارئ تزداد فيها المشاكل بين الأزواج بشكل مبالغ فيه.

    هكذا تحدث المشكلة.. موقف بسيط عادي جدًّا كان من الممكن تفاديه في الظروف العادية بل إنه غالبا ما كان ليحدث لو كان في غير نهار رمضان ولكن بما أن الشيطان -توابل أي عراك- غائب في هذه الأيام المباركة فالحر يقوم بدوره وعلى أكمل وجه فكل ما يتطلبه الأمر قليل من الحر المصحوب بالعطش ولا مانع إذا كان الزوج مدخنا -وهذا حال كثيرين- فتشتعل الأزمة المفتعلة بالأساس إما من الزوج وهذا في الغالب أو من الزوجة وهذا أيضا وارد ولكن بدرجة أقل وتكون النتيجة إما خصام أو تتطور لدرجة مغادرة المنزل كما فعلت الزوجة أو في بعض الأحيان من الممكن أن تصل إلى الطلاق إذا كانت العلاقة هشة من الأساس ومليئة بالمشاكل.



    المشكلة فيييييييين؟

    مانقدرش نحمّل المشكلة كلها لطرف وطرف تاني لأ؛ لأن زي ما كلنا متفقين إن الحياة الزوجية مثلها تماما مثل كفتي الميزان إذا اختلت إحداهما تبعته الأخرى وبالتالي لا بد أن نعرض المشكلة من وجهة نظر الطرفين.

    "أحمد": هي دايما بتتعمد تنرفزني بتيجي ساعة الفطار وتأخر الأكل لأ ومابيعجبهاش الكلام كمان أكلمها عشان أستعجلها تقوم مزعقة مش مراعية إني جاي تعبان وقرفان وحران وكل ده وكمان صايم بالذمة مش أنا ليّ الجنة؟!

    "هناء": هو أنا باكلِّمه ولا بافتح بقي حتى أنا بتجنبه خالص وبافضل طول اليوم في المطبخ طالع عيني عشان الأكل ما يتأخرش عليه هو بقى يقعد يجيلي ويقول لي الأكل متأخّر.. الدنيا حر.. المروحة مش بتجيب هوا.. والذي منه، وفي ثانية يفتعل مشكلة من غير أي لازمة وبقت خناقة.. ويا إما ينام لحد بعد الفطار ويتقمص وما يفطرش أو أفطر أنا عند ماما غضبانة.

    هنلاحظ هنا إن الطرفين بيكونوا في الغالب سبب في المشكلة دي يعني مثلا لو ركزنا مع طرف الزوج هنجد إنه فاكر إن هو بس اللي تعبان وهو بس اللي صايم وهو بس اللي بيشتغل في حين إن مراته لو اعتبرنا إنها ست بيت هيّ كمان بتشتغل في البيت وفي المطبخ وبرضه حرانة وعطشانة وصايمة وكل حاجة، فلو فكر هو للحظة واحدة إنها بتتعب هيّ كمان عشان تحضر الأكل في المعاد، لو فكر لثانية قبل ما يزعق في الكلام اللي هيقوله أكيد هيتراجع عنه.

    طيب أما بالنسبة الزوجة فهي الأخرى يقع عليها جزء من المشكلة في هذا الشأن بمعنى أنها يجب أن تراعي أن زوجها أتى لتوّه من محرقة صيفية مريعة وهي الشارع هذا إذا ما أضفنا إليه ضغوط الشغل فهو طوال اليوم يتم شحنه بشكل سلبي وبالتالي لا يجد فرصة لتفريغ هذا الشحن سوى في المنزل وعليه تستطيع الزوجة أن تجعل هذا التفريغ إيجابي وليس سلبي والحل سهل وبسيط....



    نستحمل بعض ولاّ نقلب على بعض

    في نهار 5 رمضان يعود "أحمد" لمنزله في تمام الثالثة والنصف منهكا بعد معاناته مع سلالم العمارة التي تشعره دائما أنه في الخمسين وليس في الثلاثين يفتح الباب في هدوء ويقول:
    - سلام عليكم يا "منال"..
    "منال": وعليكم السلام يا حبيبي البيجاما الزرقا اللي إنت بتحبها هتلاقيها على السرير.
    "أحمد" يرد عليها بإيماءة بالرأس ثم يقول: أنا هادخل آخد دش.
    "هناء": هتلاقي الحمام جاهز.

    يخرج "أحمد" بعد نصف ساعة مستلقيا على الأريكة فيجد رائحة الصالة جميلة نتيجة العطر الطيب المنبعث من الفواحة وجو الغرفة ككل جميل بفعل المروحة التي تركتها الزوجة ما يقرب من ساعة قبل مجيء الزوج حتى تحدث المفعول المطلوب فيستلقي "أحمد" وينام فلا يشعر بنفسه سوى قبل الإفطار بساعة.

    "أحمد": أخبار الأكل إيه يا "هناء"؟
    "هناء": قبل المدفع يا حبيبي بنص ساعة بحالها هيكون الأكل جاهز
    "أحمد": بس كدا الأكل هيبرد..
    "هناء": لا منا هسيبه على السوا ماتقلقش، تعالى نتفرج سوا على تمثيلية الساعة 4.

    بس كده العملية بهذه البساطة بعض التقدير من الزوج بعض اللمسات البسيطة من الزوجة وتفادينا قنبلة موقوتة قادمة كل يوم من الخارج بحيث تتحول ساعات الصيام من ساعات جحيم وخناق وطوارئ على طول الخط إلى ساعات هدوء واسترخاء من صخب النهار، ولكن كما ذكرت كل ما يتطلبه الأمر مراعاة من الجانبين وأن يتوقف كل جانب عن التفكير في نفسه فحسب ويضع نفسه محل الطرف الآخر....



    رمضان في كل الأيام

    هذا في ساعات الصيام لكن ماذا لو جعلنا كل أيامنا ساعات صيام وتعاملنا على هذا الأساس ستصبح الحياة الزوجية عبارة عن شهر عسل كبير يتمتع فيه كل طرف بوقت هادئ خالٍ من المشاكل والصوت العالي والإهانات وتبادل الإتهامات.. ماذا لو جعلنا كل أيامنا رمضان وكل سلوكنا بقى سلوك صيام الحياة هتبقى أبسط وأسهل، ممكن ولاّ فات وقت الكلام؟

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()