بتـــــاريخ : 10/14/2008 5:46:14 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1210 0


    دار رباب للنشر والتعزيل

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : محمود إبراهيم الحسن | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :

     

    بدأت رباب يومها الرتيب تكنس وتجلي صحون الإفطار وتشطف الدرج، تغسل وتكوي، هذا بالإضافة إلى أنها يجب أن تجهز الطعام قبل حلول الواحدة ظهراً بتوقيت أم أحمد، وإلا اضطرت لسماع محاضرة لها أول وليس لها آخر في النشاط وكيف كانت النساء أيام زمان.

     

    وقعت بين يديها أثناء التعزيل جرائد ومجلات قديمة، تصفحتها وشاهدت صورها، وحارت بشأن مصيرها فهي لا تجيد من القراءة والكتابة إلا القليل، وما تعلمته في الابتدائية نسيته كله تقريباً الآن، وزوجها أحمد الذي يعلّم في مدرسة القرية يحضر معه جرائد ومجلات بشكل شبه يومي، وربما أراد الاحتفاظ بهذا العدد أو ذاك خصوصاً إذا احتوى العدد على قصيدة نشروها له.

     

     

    وضعت رباب "صينيّة" الطعام المدورة أمام أحمد، ثم عادت أدراجها إلى المطبخ لإعداد الشاي هذه المرة، وتركت أحمد وحيداً، وهو الذي كان يحلم قبل الزواج بأن تكابد رباب الجوع طوال النهار حتى تجلس قبالته وتتغدى معه، لكن أمه "دقّة قديمة" ومستحيل أن تعترف بهذه الرومنسيات، ولن تسمح لرباب أو لأي فتاة ٍ أخرى بسرقة ولدها منها، والدنيا دوّارة يوم لك ويوم عليك فهي أيضاً كانت يوماً ما "كنّة" جديدة في بيت العائلة الكبير، وكل الواجبات التي كانت تؤديها من "فم ساكت" تحوّلت اليوم إلى أوامر عسكرية يجب أن تُنفذها رباب بكامل حذافيرها، فالشاي مثلاً يجب أن يكون ثقيلاً أسوداً سكره قليل يُقدم بعد الطعام مباشرةً، والصحون يجب أن تُجلى فوراً.

     

     

    رباب لا حول لها ولا قوة، تتحمل كل هذا وتسكت وتصبر لأجل عيني أحمد، ولا تشتكي له من أمه أبداً خشية العواقب غير السليمة.

     

     

    أما أحمد فهو شاهد عيان على كل الأحداث، يحب أمه ولا يستطيع التخلي عنها، ورباب فضلها على أكثر من زميلة في كلية الآداب تمنين الارتباط به، فهو الشاب القروي الوسيم، والشاعر الرقيق، لكنه يحمد الله ألف مرة أن ذلك لم يحصل أبداً، فهو لا يتقن مهمة راعٍ لعملية السلام بين نيران التقليدية من جهة، وثورة التحرر واحترام المرأة المتعلمة من جهة أخرى، ثمّ ما الذي ينقص رباب عن بنات الجامعات؟! بالطبع لا شيء، ذنبها الوحيد أنها وُلدت في قرية لا يوجد فيها إعدادية، ويصعب عليها الدراسة في إحدى القرى المجاورة لأسباب مختلفة تبدأ من العادات والتقاليد السائدة، وتنتهي بصعوبة المواصلات وفضول نظرات بعض القرويين وحركات بعض المراهقين إذا مرت من أمامهم فتاة بدون محرم.
     

     

    نبهت عليهما قبل نومها أن ينام أحمد على فراش ورباب على آخر، إلا أنهما اختارا الهيئة التي يفضلانها، ونومها المبكر كل ليلة هو فرصة ذهبية لهما لتبادل الكلام بأنواعه العادي والمعسول.

     

    -وافقت أخيراً دار النشر على طبع ديواني الأول، والإهداء لك ِطبعاً، سأعلّمك القراءة والكتابة كي تقرئيه.

     

    -عن جد؟! أين ومتى وكيف؟

     

    -وسأسجّل لك ِ في الإعدادية تتقدمين إلى الامتحان النهائي مع الأحرار، وسنشتري حاسِباً ..

     

    تزاحمت الأحلام في مخيّلتها، شعرت أن دماغها أصبح يعمل بصورة مختلفة، ما هذه الوصفات السحرية التي يتحدث عنها أحمد، ستنقلب حياتها رأساً على عقب، لكن كيف ستوافق سيّدة المنزل على كل هذا؟! هي عجوز طيبة أحياناً، ولكنها تتحول إلى سعير لاهب عندما يتعلق الأمر برباب.

     

    أتعبها التفكير وتوقعات المستقبل، فغلب عليها النعاس، وغداً ينتظرها نهارٌ طويل، والصباح رباح.

     

    أسندت رأسها الصغير إلى الوسادة وهي لم تفرق تماماً بين دار النشر ونشر الغسيل ..

    **

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()