بتـــــاريخ : 5/31/2008 8:20:32 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 3251 0


    تفسير الإمام مالك بن أنس

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : . محمد بن عبدالعزيز المسند | المصدر : www.islamlight.net

    كلمات مفتاحية  :
    تفسير

        *
     

    تفسير الإمام

    مالك بن أنس

     

    من سورة الكهف إلى سورة الأحزاب

    ( جمعاً وترتيباً وتعليقاً )

     

     

    إعداد:

    محمد بن عبد العزيز المسند

     

    إشراف:

    فضلية الشيخ د/ سعود الفنسيان

     

     1415هـ

     

     

     

     

     

     

    المقدّمة

    الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ...

    أما بعد..

    فهذا جزء من بحث مشترك في تفسير الإمام مالك رحمه الله ؛ إمام دار الهجرة – عليه رحمة الله – ( جمع وترتيب ) اشترك فيه عدد من طلاب الدراسات العليا ، قسم القرآن الكريم بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. بتكليف من فضيلة الشيخ د. سعود الفنيسان حفظه الله ، وقد تم الاجتماع ومن ثم تقسيم المراجع التي هي مظنة وجود أقوال الإمام مالك في التفسير ، وبذل كل طالب من المجموعة جهداً مشكوراً في البحث والجمع والتنقيب ، وتسجيل الأقوال في بطاقات، وقد جُمعت البطاقات بالترتيب ثم وزعت على المجموعة بالتساوي، وكان من نصيبي هذا الجزء من تفسير مالك ؛ من سورة الكهف إلى سورة الأحزاب .

    وقد بدأت هذا البحث بذكر ترجمة موجزة لحياة الإمام مالك وسيرته مع كتاب الله عز وجل، ومنهجه في التفسير، ثم أعقبت ذلك بذكر ابرز تلاميذه ممن ورد ذكرهم في هذا البحث والترجمة لهم بإيجاز .

    أما ما يتعلق بموضوع البحث وهو تفسير مالك رحمه الله ( جمع وترتيب ) فقد كان عملي فيه كما يلي :

    أولاً : وضع عنوان مناسب للآية وتفسيرها .

    ثانياً : كتابة الآيات حسب الرسم العثماني .

    ثالثاً :  ذكر قول مالك رحمه الله أو روايته في الآية .

    رابعاً : التعليق على قول مالك بتوضيح أو موافقة أو مخالفة مع الترجيح إن أمكن .

    خامساً : بيان الغريب من الكلمات والألفاظ .

    سادساً : ذكر بعض الفوائد والدلالات اللغوية المتعلقة بالآية .

    سابعاً : ذكر بعض القراءات التي لها تأثير في المعنى .

    ثامناً : مناقشة بعض الأحكام الفقهية مما له تعلُّق بالآية، وبيان الأقوال والراجح .

    وقد ختمت هذا البحث بتفسير سورة الأحزاب مما عثرنا عليه من أقوال الإمام مالك كسائر السور التي قبلها ، ولم أر ما يستدعي وضع خاتمة للبحث ، إذ أن المقصود هو الجمع والترتيب .

    وألحقت هذا البحث بفهارس للآيات والأحاديث والأبيات الشعرية والأعلام والمراجع والموضوعات ، كما جرت العادة في البحوث العلمية .

    هذا وأعترف مسبقاً بالتقصير الشديد ، فلقد حال ضيق الوقت وتعدد البحوث دون تقديم الجيد والأفضل. والله ولي التوفيق .


    تمهيد

    منهج مالك- رحمه الله – وآثاره

    في التفسير

    « لا يُفتى ومالك في المدينة » عبارة ذاعت واشتهرت حتى أصبحت مثلاً يُضرب لكل عالم يسود زمانه ، ويبز أقرانه في العلم والفقه والدين، ومالك– رحمه الله – إذا ذكر العلماء فهو تاجهم ومقدمهم في زمانه ، شهد بفضله القاصي والداني ، وسارت بذكره وأحاديثه الركبان .

    ولئن عُرف – رحمه الله – محدثاً وفقيهاً؛ فقد كان قرآنياً عالماً بكتاب الله ،

     معظماً له، مهتماً به. وفيما يلي نبذة مختصرة عن حياته مع كتاب الله وآثاره ومنهجه في التفسير حسب ما ظهر لي من تتبع كامل سيرته، وأقوال العلماء فيه، سائلاً المولى عز وجل أن يلهمني التوفيق والسداد .

    أولاً : عقيدته في القرآن :

    عقيدة مالك في القرآن هي عقيدة السلف الصالح عليهم رضوان الله. قال ابن أبي أويس :« سمعت مالكاً يقول : القرآن كلام الله ، وكلام الله منه ، وليس من الله شيء مخلوق »  ([1]) .

    قال رحمه الله : « من قال : القرآن مخلوق ؛ يُجلد ويُحبس » ([2]) .

     وفي رواية عنه أنه قال : « يُقتل ، ولا يقبل له توبة » ([3]) . وفي هذا دليل على تعظيمه لكتاب الله عز وجل .

     

    ثانياً : علاقته بالقرآن :

    كان رحمه الله شديد الصلة بالقرآن ملازماً له كما حدثت بذلك أخته . قال ابن وهب : « قيل لأخت مالك : ما كان شغل مالك في بيته ؟ قالت : المصحف ، التلاوة » ([4]) . وتلاوة العالم ليست كتلاوة سائر الناس .

    وقال بهلول بن راشد : « ما رأيت أنزع بآية من مالك ، مع معرفته بالصحيح والسقيم » ([5]) . وهذا هو العلم : آية محكمة وخبر صحيح ، مع فهم ثاقب ، ونظر متعاقب .

    ثالثاً : موقفه من التفسير بالرأي :

    إن مما اشتهر به الإمام مالك رحمه الله شدة ورعه عن القول على الله بغير علم ولذا كان كثيراً ما يقول إذا سُئل : « لا أدري » ، وأُثر عنه
    أنه قال : « جُنة العالِم لا أدري؛ فإذا أغفلها أُصيبت مقاتله » (
    [6])  . ولم يكن رحمه الله ممن يقول و لا يفعل ، فلقد روى ابن وهب – وهو من أخصّ تلاميذه – قال : « لو شئت أن أملأ أَلواحي من قول مالك : ( لا أدري ) لفعلت» ([7]) . وهذا

    – لعمر الله – هو الورع، لا ورع أهل العراق! .

    ومن هنا كان موقفه رحمه الله من التفسير بالرأي شديداً حتى قال : « لو أن لي سلطان على من يفسر القرآن لضربت رأسه »

    قال الذهبي رحمه الله تعليقاً على ذلك : « قلت : يعني تفسيره برأيه ، وكذلك جاء عن مالك من طريق أخرى » ([8])  . فأما الاستنباط المبني على علم وفقه ودراية، فهذا لا حرج فيه، بل هو محمود كما دلّت على ذلك الأخبار والآثار . والله تعالى أعلم .

    رابعاً : منهجه في التفسير :

    من خلال دراسة سيرة مالك -رحمه الله - ودراسة ما تيسر لنا جمعه من أقواله في التفسير، يتجلَّى منهجه في تفسير القرآن فيما يلي :

    1- عنايته بأسباب النزول ، كما في الآية الخامسة والخمسين من سورة النور من هذا البحث ، وكذلك الآيتين الحادية والستين والثانية والستين من السورة نفسها ([9]) .

    2- عنايته بذكر الأماكن والبقاع ، كتحديده موقع الكهف الذي أوى إليه  الفتية، وربوة عيسى عليه السلام ، والشجرة المباركة التي في سورة  النور ، ومكان سليمان عليه السلام ، وبلقيس ملكة سبأ .. ([10]) .

    3- أخذه بعموم الآيات ، كآية البُدن التي في سورة الحج ، وآية إنزال الماء التي في المؤمنون ([11]) . وهذا إذا لم يرد مخصص ، فإذا ورد مخصص فالعموم باق فيما لم يخصص .

    4-    تفسيره القرآن بالقرآن وبالسنة وبأقوال الصحابة والتابعين ...

    أما بالقرآن فمنه ما ذكره القاضي عياض في سيرة مالك : « قال ابن نافع وأشهب – وأحدهما يزيد على الآخر - : قلت : يا أبا عبد الله : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{23} } [ القيامة /22-23] ؛ ينظرون إلى الله ؟ قال : نعم ، بأعينهم هاتين ( كذا ) . قلت : فإنَّ قوماً يقولون : {نَاظِرَةٌ} بمعنى: منتظرة إلى الثواب . قال : بل تنظر إلى الله ، أما سمعت قول موسى : { رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } [ الأعراف /143]  أتراه سأل محالاً ؟ قال الله : { لَن تَرَانِي} في الدنيا لأنها دار فناء ، فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى . قال تعالى :{ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } [ المطففين /15 ] " ([12])  .

    وأما بالسنة فكما في قول الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } [ مريم /96 ] ([13]) .

    وأما بأقوال الصحابة فكما في الآية 51 من سورة المؤمنون ([14]) . وأخذه بقول ابن مسعود في تحريم نكاح الزاني بالزانية حتى يستبرئها من مائه الفاسد ([15]). وأما التابعون فيأخذ بأقوال ابن المسيب ونافع وعبد الله بن دينار ومحمد بن المنكدر وغيرهم ، ويروي عنهم أحياناً بالأسانيد ([16]) .

      خامساً : موقفه من الإسرائيليات :

    يستشهد مالك رحمه الله في تفسيره ببعض القصص والآثار الإسرائيلية ، وله في ذلك منهج أوجزه الإمام ابن العربي بقوله : « كان  - يعني مالكاً – يذكر من  أخبار الإسرائيليات ما وافق القرآن أو وافق السنة ، أو الحكمة ، أو قامت به المصلحة التي لم تختلف فيها الشرائع . وعلى هذه النكتة عوّل في جامع الموطأ"([17])  ويتضح ذلك جلياً – في الآيات التي معنا في هذا البحث – عند تفسيره للآية الثالثة والستين من سورة الشعراء ، والآية السادسة عشرة من سورة النمل ، والآية السابعة والعشرين وما بعدها من سورة القصص ([18]) .

    سادساً : آثاره العلمية في التفسير:

    أما آثاره العلمية في التفسير فقد ذُكر في بعض التراجم أنَّ له جزءاً في التفسير يرويه خالد بن عبد الرحمن المخزومي ([19])  . لكنه لم يصل إلينا ، فلعله لم يزل مخطوطاً أو مفقوداً فالله تعالى أعلم .

    وقد صنَّف الإمام مكي بن أبي طالب ([20]) كتاباً فيما روي عن مالك في التفسير ومعاني القرآن ([21]) والله أعلم ما إذا كان موجوداً أو في عداد الكتب المفقودة أيضاً.

    التعريف بأبرز تلاميذ مالك رحمه الله :

     للإمام مالك تلاميذ كُثُر من أبرزهم اثنان تكرر ذكرهما في هذا البحث أكثر من ستة عشر مرة ، وهما: ابن القاسم وابن وهب .

     

    أما ابن القاسم فهو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي ، عالم الديار المصرية ومفتيها ، كان ممن اختص بمالك وانقطع له ، وعنه أخذ سحنون مسائل المدوَّنة ، كان في الزهد والورع شيئاً عجبياً ، وتوفي سنة 191هـ ([22]) .

    وأما ابن وهب فهو : أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الإمام الحافظ ، كان من أوعية العلم ومن كنوز العمل ، وثَّقه كبار الأئمة كأحمد وغيره ، أصاب منزلة رفيعة عند مالك حتى كان يلقبه مفتي مصر ، توفي سنة 197 هـ ([23]) .

    ومن أبرز تلاميذ مالك الذين ورد ذكرهم في هذا البحث :

    أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم أبو عمرو القيسي ، يقال اسمه مسكين ، وأشهب لقب له ، كان فقيهاً حسن الرأي والنظر، قال فيه الشافعي : ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه ، انتهت إليه رئاسة المدرسة المالكية بعد ابن القاسم ، توفي سنة 204هـ ([24]) .

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    تفسير الإمام مالك

    من سورة الكهف إلى سورة الأحزاب

     

     

     

     

     

            

          

     

     

     

    { سورة الكهف }

    الصعيد وجه الأرض

     

    قوله تعالى : { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } [ الكهف /8 ]

    وقوله تعالى : {... فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } [ الكهف /40]

    استدلَّ مالك رحمه الله بهاتين الآيتين – في إحدى الروايتين عنه – على جواز التيمم على الثلج ونحوه ، وقال : ( كل ما صعد على وجه الأرض فهو صعيد ) ([25])

    وأجاز مالك التيمم بالحصباء والجبل والرمل والتراب ، وكل ما كان على وجه الأرض([26]).
    وقال ابن خويز منداد : ويجوز التيمم عند مالك على الحشيش إذا كان دون الأرض (
    [27])

    ومن حجته في ذلك قول الله عز وجل : {صَعِيداً جُرُزاً } أي أرضاً غليظة لا تنبت شيئاً ، و{صَعِيداً زَلَقاً } ، وقول الرسول r : ( يحشر الناس على صعيد واحد)([28]) أي: أرض واحدة .

                                 

     

    ذكر الله والاستـثـنـاء

     

    قوله تعالى : { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً{23} إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ... } [ الكهف /23، 24

    قال ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم وأسامة بن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن مالك : إن قول الله تعالى : {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً } [الكهف23 ]  إنه إنما قصد بذلك ذكر الله عند السهو والغفلة وليس باستثناء .([29])

    وردّه ابن العربي ، فقال : ( وهذا الذي قاله مالك رضي الله عنه ،لم أجد عليه دليلاً .... وإنما الذي قاله مالك من أن النبي r أُمر بذكر الله عند السهو والغفلة يصح أن يكون تفسيراً لقوله : { وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } ([30]) .

     

    تحديد موقع الكهف

    قوله تعالى : { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً } [ الكهف /25] قال مالك : ( الكهف من ناحية الروم ) ([31]) .

    ورجَّحه ابن العربي ([32]) . وقد كره أهل العلم تكلّف معرفة مثل هذه الأمور والاشتغال بها والسؤال عنها كأسماء أصحاب أهل الكهف وعددهم ولون كلبهم ... ونحو ذلك مما تعمد القرآن إغفاله وإهماله ، ولو كان في ذكره فائدة ما أُغفل وأُهمل.

    وفي هذه الآية فوائد، منها:

    1.   جواز الفرار من الظالم الذي يُخشى بطشه.

    2.   جواز العزلة عن الناس إذا تحقّق موجبها، والله تعالى اعلم .

     

    ما يقال عند دخول المنزل

    قوله تعالى : { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ...} [الكهف /39 ] .

    قال أشهب : قال مالك : ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا ([33]) .

    قال ابن كثير رحمه الله : ( وقد رُوي فيه حديث مرفوع أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده ، حدثنا جراح بن مخلد ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عيسى بن عون ، حدثنا عبد الملك بن زرارة ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : "ما انعم الله على عبد نعمة ، من أهل أو مال أو ولد ، فيقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفة دون الموت ". وكان يتأول هذه الآية .....

    قال الحافظ أبو الفتح الأزدي : عيسي بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس لا يصح حديثه ) ([34]) .

    وقد ضعَّف هذا الحديث الشيخ الألباني وذكره في ضعيف الجامع ([35])   .

     

    الحسبان : العذاب

     وقوله تعالى : {... وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ ...} الكهف /41 .

    روى مالك عن الزهري : أي عذاباً من السماء ([36]).

    وفسَّر ابن كثير العذاب فقال : والظاهر أنه مطر عظيم مزعج يقلع زرعها وأشجارها ، ولهذا قال : { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } أي بلقعاً تراباً أملس لا يثبت فيه قدم ([37]).

     

    الباقيات الصالحات

    قوله تعالى : { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ...} الكهف /46 .

    روى مالك عن سعيد بن المسيب أنَّ الباقيات الصالحات قول العبد : الله أكبر، وسبحان الله ، والحمد لله ،ولا إله إلا الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ([38]).

     

     


    { سورة مريم  }

    الحُكم والحِكمة

     

    قوله تعالى : {... وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً } [ مريم /12]

    روى ابن وهب عن مالك في قوله: { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً } : قال عيسى : أوصيكم بالحكمة ([39]).

      قال ابن العربي : « والحكمة في قول مالك هي طاعة الله والاتباع لها، والفقه في الدين ، والعمل به. وقال : ويُبـين ذلك أنك تجد الرجل عاقلاً في أمر الدنيا، ذا بصر فيها ، وتجد آخر ضعيفاً في أمر دنياه ،عالماً بأمر دينه، بصيراً به؛ يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا . فالحكمة الفقه في دين الله »([40]) .

    وروى عنه ابن القاسم أنه سئل عن تفسير هذه الآية ، فقال : المعرفة والعمل به . انتهى قول مالك ([41]) .

    والمقصود أن يحيى عليه السلام أوتي في صغره الحكمة والفهم والعلم ، وقيل النبوة . وذكر بعض المفسرين أن الصبيان دعوه ليشاركهم في اللعب ،فقال : ما للعب خلقنا ، فنزلت هذه الآية .. ([42]) .واصفةً إياه بهذا الوصف .

     

     


    حقيقة الرطب الجني

      

    قوله تعالى : {... تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } [ مريم /25 ]

    قال ابن وهب : قال مالك : الجني ما طاب من غير نقش ولا إفساد.  والنقش أن ينقش في أسفل البسرة حتى ترطب ،  فهذا مكروه .

    قال ابن العربي : يعني مالك أن هذا تعجيل للشيء قبل وقته ، وإفساد لجناه،  فلا ينبغي لأحد أن يفعله ، ولو فعله فاعل ؛ ما كان ذلك مجوّزاً لبيعه ، ولا حكماً بطيبه ([43]).

     ومن دلائل الإعجاز في هذه الآية ، ما ذكره علماء السلف ، وأثبته الطب الحديث من أن الرطب نافع للمرأة الحامل والنفساء ، وفيما يلي ذكر بعض الأقوال:

    قال عمرو بن ميمون : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب .. ثم تلا هذه الآية الكريمة ([44]) .

    وقال الربيع بن خثيم : ما للنفساء عندي خير من الرطب لهذه الآية ؛ ولو علم الله شيئا هو أفضل من الرطب للنفساء لأطعمه مريم ([45]) . 

    وذكر أطباء النساء والتوليد حديثاً أن الرطب يحتوي على هرمون أُطلق عليه اسم :( البيثوسين ) ، وأن هذا الهرمون يقوي عضلات الرحم ، وينظم الانقباضات العضلية.

     وقالوا إنه يزيد من الطلق في الحوامل عند الولادة إذا كان الطلق بارداً، ويقلل منه إذا كان حامياً أكثر مما ينبغي؛ أي أنه ينظم الطلق ، ويجعله متوازناً مع درجات اكتمال الحمل وساعات الولادة ، فهو بذلك أكبر مساعد دوائي طبيعي للوضع .

    وفي الوقت نفسه قالوا : إن هذا الهرمون له خاصية منع النزيف عقب الولادة ، كما أنه يقي الأم من أمراض الولادة ؛ وعلى رأسها حمى النفاس ... ([46]) إلى فوائد أخرى كثيرة ، فسبحان الحكيم العليم .

    ويستفاد من الآية الكريمة مشروعية الأخذ بالأسباب ؛ فقد أمر الله مريم عليها السلام وهي في حال الضعف أن تهز إليها بجذع النخلة مع قوتها وثباتها، ولو شاء سبحانه لأسقط عليها الرطب دون هز ، ولكن ليعلمنا كيف نأخذ بالأسباب، وفي هذا يقول الشاعر :

     توكل على الرحمن في الأمر كله            ولا تكسلن بالعجز يوماً عن الطلب

     ألــم تر أن الله قال لمــريم              تهز إليها الجذع يسَّــاقط الرطب

    ولو شاء أن تجنيه من غير هزه              جنته ؛ ولكــن كل شيء له سـبب

     

     

    أشد الآيات على أهل القدر

     قوله تعالى : { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } [ مريم /30]

    قال مالك بن أنس رحمه الله تعالى في هذه الآية : ما أشدها على أهل القدر؛  أخبر عيسى عليه السلام بما قضي من أمره ، وبما هو كائن إلى أن يموت ([47]) .

    قوله: { آتَانِيَ الْكِتَابَ.. }أي قضى أن يؤتيني الكتاب ([48])  وهو الإنجيل ، وفيه رد على منكري القدر كما ذكر الإمام مالك رحمه الله .

    وقوله: { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ } فيه رد على النصارى الذين قالوا :إن الله هو المسيح ابن مريم .

     

    طعام المؤمنين مرتان

    قوله تعالى : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } [ مريم /62 ]

    روى الزبير بن بكار ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، قال : قال مالك بن أنس : طعام المؤمنين في اليوم مرتان . وتلا قوله تعالى: { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ ..}الآية ، ثم قال : وعوّض الله عز وجل المؤمنين في الصيام السحور بدلاً من الغداء ليقووا به على عبادة ربهم ([49]).

    وقد كانت العرب فيما مضى؛ من وجد منهم غداءً وعشاءً في يومه كان متنعماً عندهم ، فأنزل الله هذه الآية في أهل الجنة ([50]) ، وهذه هي طريقة القرآن في مخاطبة الناس على قدر عقولهم وبما يعرفون . ولهذا قال بعض السلف :  حـدِّثوا الناس بما يعرفون ؛ أتريدون أن يكذب الله ورسوله .

    فائدة:

     ليس في الجنة ليل أو نهار وإنما هو ضوء ونور .

     قال مجاهد : ليس بكرة ولا عشي ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا ([51]) .

    ومن فوائد الآية : ما يُفهم من كلام مالك رحمه الله ؛ وهو أن الاقتصار على وجبتين في اليوم هو الكمال وما زاد على ذلك فهو فضول وإفراط . والله تعالى أعلم .

     


    ميزان القبول في الأرض

    قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } [ مريم /96]

    روى مالك وغيره من الأئمة ؛ قال النبي r : إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل : إني أحب فلاناً فأحبه؛ فيحبه جبريل ، ثم ينادي ملائكة السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فتحبه ملائكة السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ، فذلك قول الله سبحانه :{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً }([52]) .

    قال الزمخشري : وقرأ جناح بن حبيش (وِداً) بالكسر ، والمعنى سيحدث لهم في القلوب مودة ، ويزرعها لهم فيها من غير تودد منهم ، ولا تعرض للأسباب التي توجب الود ... وإنما هو اختراع منه ابتداء؛ اختصاصاً منه لأوليائه بكرامة خاصة ، كما قذف في قلوب أعدائهم الرعب والهيبة ، إعظاماً لهم ، وإجلالاً لمكانهم ([53])  .

    فإن قال قائل : فما سر الإتيان بسين المستقبل مع الفعل المضارع ؟ فالجواب: إما لأن السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة؛ فوعدهم الله تعالى ذلك إذا دجا الإسلام . وإما أن يكون ذلك يوم القيامة ، يحببهم إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم ، وينشر من ديوان أعمالهم ([54]) . ولا يمنع أن يكون ذلك في الدارين .

    ولا يزال الناس يرون بأعينهم كيف تقبل القلوب على أناس من أهل العلم وغيرهم؛ فتلهج الألسن بالثناء عليهم ومحبتهم حتى من بعض من يكرهون الحق ويعادونه ، فسبحان من بيده قلوب العباد . وقد روى ابن وهب ، عن مالك في حديث : ( اتق الله يحبك الناس وإن كرهوك )([55])  فقال : هذا حق . وقرأ الآية .. ([56])

     

     

    { سورة طه }

    القول الحق في صفات الله

     

    قوله  تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [ طه /5] .

    قيل لمالك رحمه الله : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } كيف استوى ؟ فقال مالك : استواؤه معقول ، وكيفيته مجهولة ، وسؤالك عن هذا بدعة ، وأراك رجل سوء ([57])  .

     وفي رواية أن مهدي بن جعفر سأل مالك بن أنس عن قول الله  {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } كيف استوى ؟ قال : فأطرق مالك ، ثم قال : استواؤه غير مجهول ، والفعل منه غير معقول ، والمسألة عن هذا بدعة ([58])  .

    قال بقيّ : وحـدثنا أيوب بن صلاح المخزومي بالرملة ، قال : كنا عند مالك إذ جاءه عراقي ، فقال له : يا أبا عبد الله؛ مسألة أريد أن أسالك عنها ؟ فطأطأ مالك رأسه ، فقال له : يا أبا عبد الله : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }  كيف استوى ؟ قال : سألت عن غير مجهول ، وتكلمت في غير معقول؛ إنك امرؤ سوء ، أخرجوه . فأخذوا بضبعيه فأخرجوه ([59]).

    وروي عن مالك أنه قال : الله عز وجل في السماء ، وعلمه في كل مكان؛  لا يخلو منه مكان ([60]) .

    وقد اشتهرت هذه الأقوال عن مالك ، وتناقلها علماء السلف في الرد على أهل التأويل والتعطيل ، وهي في غاية الجودة والقوة ، فرحم الله الإمام مالك وأئمة السلف أجمعين .

     


    { سورة الحج }

    الناس في الحرم سواء

     

    قول تعالى : { ...سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ... } [ الحج /25 ]

    قال ابن وهب : سألت مالكاً عن قول الله : { سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ } فقال لي مالك : السعة والأمن والحق . قال مالك : وقد كانت الفساطيط تُضرب في الدور ينزلها الناس ([61]) .

    قال ابن القاسم : وسئل مالك عن ذلك، فقال : سواء في الحق والسعة. والبادي : أهل البادية ومن يقدم عليهم ، وقد كانت تضرب الفساطيط في الدور، ولقد سمعت أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ  كان ينزع أبواب مكة إذا قدم الناس قال : والحج كله في كتاب الله ([62]) .

    فائدة : قوله ( سواء ) قرئت بالرفع والخفض ، والقراءة المشهورة عن حفص بالنصب وأنكرها ابن جرير رحمه الله، وقال : إنها وإن كان لها وجه في العربية إلا أني لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القراء على خلافه ([63]) .

    قلت : الحجة من القراء لم يجمعوا على بطلانها ، فما دامت قد صح سندها ، ولها وجه في العربية؛ فلا وجه لردها , والله تعالى أعلم .

     


    الأيام المعلومات

     

    قوله تعالى : { .. وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ .. } [ الحج /28].  روى ابن القاسم عن مالك : الأيام المعلومات أيام النحر؛ يوم النحر، ويومان بعده. وقال : هو النهار دون الليل . ومثله روى أشهب وابن الحكم عن مالك ([64]) .

       وهذا الذي قاله مالك رحمه الله مرجوح ،والقول الراجح – والله تعالى أعلم – قول من قال إنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده ، وهو مروي عن علي t ، ومذهب إمام أهل البصرة الحسن ، وإمام أهل مكة عطاء بن أبي رباح ، وإمام أهل الشام الأوزاعي ، وإمام فقهاء أهل الحديث الشافعي رحمه الله ، واختاره ابن المنذر وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم عليهم جميعاً رحمة الله ،  لحديث : ( كل أيام التشريق ذبح ) ([65]).

    قال ابن القيم رحمه الله : ولأن الثلاثة تختص بكونها أيام منى ، وأيام الرمي، وأيام التشريق ، ويحرم صيامها ، فهي إخوة في هذه الأحكام ، فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نص ولا إجماع ..([66]).

     وقوله : { فِي أَيَّامٍ .. } : إذا أطلقت الأيام دخلت فيها الليالي ، والعكس صحيح ، بدليل دخول الليالي في الأيام في الذكر أيام التشريق ، وعلى هذا؛ لا يختص الذبح بالنهار دون الليل خلاف ما ذهب إليه مالك رحمه الله ، وذلك أن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل ؛ ولا دليل على الكراهة ([67]).


                       من أحكام المناسك

     قوله تعالى : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ .. } [ الحج /29 ].

    قال ابن وهب عن مالك : التفث حلق الشعر ، ولبس الثياب ، وما أتبع ذلك مما يحل به المحرم ([68]). وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ([69]) .
           قال ابن العربي : ( ... تتبعت التفث لغة؛ فرأيت أبا عبيدة معمر بن المثنى قد قال: إنه قص الأظفار،وأخذ الشارب،وكل ما يحرم على المحرم إلا النكاح ...) ثم ذكر أقوال بعض أهل اللغة ، وانتهى إلى أن القول الصحيح هو ما قاله مالك رحمه الله (
    [70]) . والله تعالى أعلم .

    وقوله تعالى : { ..وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ..}

    قال مالك في رواية ابن وهب وابن القاسم وابن بكير : إنه رمي الجمار؛ لأن النذر هو العقل ، فهو رمي الجمار لأجل النذر .قال ابن العربي : يعني بالعقل الدية ([71]).

     وقوله تعالى : { ..وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }

    حكى القرطبي عن مالك أن المراد بالطواف في الآية طواف الإفاضة ([72]) .

    و( العتيق ) : القديم ، قيل: لأنه أول بيت وضع الناس ، وقيل: أعتقه الله من الجبابرة؛ فما سلط عليه جبار إلا منعه الله وأخزاه ، وقيل : الكريم؛ من قولهم : عتاق الخيل؛ أي: كرامها ([73]). ومنه قول المتـنبي :

    ويـبـين عتق الخيل في أصواتها.

    أي: كرمها ([74]).

    البُدْن ذكور أم إناث ؟

     

     قوله تعالى : { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ... } [ الحج /36 ] .

    تعجب مالك رحمه الله ممن يقول في البدن : هي الإناث دون الذكور، وقال: وليس هكذا . قال الله تبارك وتعالى في كتابه : { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم } ولم يقل ذكراً ولا أنثى ([75]) .

    وحكى القرطبي عن مالك في معنى ( صواف ) أنه قال : تقيدها ثم تَصُفُّها ([76]).

     

     

    سجدة الحج الثانية هل هي من عزائم السجود ؟

     قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ... } [ الحج /77] .

    روى ابن وهب وغيره عن مالك ، عن نافع ، أنَّ رجلاً من الأنصار أخبره أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ  قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين ([77]).

     

    قال مالك : وحدثني عبد الله بن دينار ، قال : رأيت ابن عمر يسجد في سورة الحج سجدتين ، وكان ابن عمر أكثر الخلق بالنبي r قدوة ([78]) .

    وقال القرطبي رحمه الله : وهذه السجدة الثانية لم يرها مالك وأبو حنيفة من العزائم ، لأنه قرن الركوع بالسجود ، وأن المراد بها الصلاة المفروضة ([79]).

          { سورة المؤمنون }

    حقيقة الخشوع

     

    قوله تعالى : { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ  } [ المؤمنون /5] .

    قال ابن القاسم عن مالك في قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ .. } قال : الإقبال عليها ([80]) .

    فائدة :

    أضيفت الصلاة إليهم لأن الصلاة دائرة بين المصلي والمصلّى له؛ فالمصلي هو المنتفع بها وحده ، وهي عدته وذخيرته ، فهي صلاته . أما المصلّى له فغني متعالٍ عن الحاجة إليها والانتفاع بها ([81]) .

     

     

    حكم جَلد عميرة

    (الاستمناء)

    قوله تعالى:  { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } [المؤمنون/5]

    قال محمد بن الحكم : سمعت حرملة بن عبد العزيز قال : سألت مالكاً عن الرجل يجلد عميرة؛ فتلا هذه الآيات ([82]) .

     وذلك أنهم يكنون عن الذكر بعميرة كما قال الشاعر :

     إذا حللت بواد لا أنيس به                 فاجلد عميرة لا داء ولا حرجُ

    ويسميه أهل العراق : الاستمناء ، وهو استفعال من المني ([83]) . ويسمى أيضاً بالخضخضة ، والعادة السرية؛ وهي التسمية الغالبة في هذا الزمن .

    وفي هذه الآية دليل قوي على تحريم هذه العادة حيث لم تُستثن في الآية مما حرم الله ، هذا فضلاً عما فيها من الأضرار النفسية والصحية . ومن أحسن ما كُتب فيها ، ما كتبه أبو الفضل عبد الله بن محمد الصديق الحسني الإدريسي في كتابه الذي سماه : ( الاستقصاء ، لأدلة تحريم الاستمناء من الناحيتين ؛ الدينية والصحية ) فقد أجاد فيه وأفاد ، وأتى بما لم يأت به غيره حسبما ذكر في مقدمة كتابه المذكور .

    ـ قوله : { عَلَى أَزْوَاجِهِمْ } ذكر الزمخشري أنه في موضع الحال ، أي: قوامين على أزواجهم ، ونظير ذلك قولهم : كان زياد على البصرة؛ أي: والياً عليها ، فيكون المعنى: أنهم لفروجهم حافظون في كافة الأحوال إلا في حال تزوجهم أو تسريهم .

    أو تكون ( على ) متعلقة بمحذوف دل عليه قوله : { غَيْرُ مَلُومِينَ  } ، كأنه قيل : يلامون إلا على أزواجهم .... ([84]).

     وأنكر ذلك أبو حيان ، وقال : إن هذه الوجوه متكلفة ، واستظهر أن يكون الكلام من باب التضمين؛ ضمّن { حَافِظُونَ } معنى ممسكون أو قاصرون ، وكلاهما يتعدى بعلى ، كقوله { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ .. } ([85]).

     وقوله : { مَا مَلَكَتْ } ولم يقل ( من ملكت ) قال الزمخشري : لأنه أريد من جنس العقلاء من يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث ([86]). وتوضيح ذلك : أن الإماء لما كن يتصفن ببعض صفات غير العقلاء كبيعهن وشرائهن ونحو ذلك؛ كان ذلك مسوغاً لإطلاق لفظ ( ما ) عليهن، والعلم عند الله ([87]).

    أرخص موجود وأعز مفقود

     

    قوله تعالى: { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ.. } المؤمنون/18] 

    روى أشهب عن مالك أنه سئل عن قول الله : { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ.. } الآية، أهو في الخريف فيما بلغك؟ قال : لا والله؛ بل في الخريف والشتاء، وكل شيء ينزل ماؤه من السماء إذا شاء، ثم هو على ذهاب به لقادر ([88]).

    وقوله : { فِي الْأَرْضِ}؛ قال أشهب : قال مالك : هي الأرض التي لا نبات فيها.  يعني قوله: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً .. } [السجدة 27 ] ([89]).

     

     

          تحديد موقع ربوة عيسى وأمه

    عليهما السلام

     

    قوله تعالى : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } [ المؤمنون /50 ] .

    روى ابن وهب وأشهب عن مالك أنها دمشق ([90]) .

    وقيل : هي الرملة من فلسطين . وأنكره ابن جرير رحمه الله ، وقال : وليس كذلك صفة الرملة؛ لأن الرملة لا ماء بها معين ([91]) .وقيل بيت المقدس . والله تعالى أعلم.

    والربوة هي الأرض المرتفعة .


    الله طيب لا يقبل إلا طيباً

     

    قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً .. }[المؤمنون/51]

    الطيبات : الحلال ، كذا فسره مالك في رواية أبي بكر بن عبد العزيز العمري عنه .

    وقد روى مالك عن عثمان t، أنه قال في خطبته : وعليكم من المطاعم بما طاب منها ، وقد روى أبو هريرة أن النبي r قال : يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ... الآية } ثم قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه : يا رب يا رب ... مطمعه حرام، ومشربه حرام ،وملبسه حرام ،وغذي بالحرام ،فأنى يستجاب له..([92]).

     

     

     

     


    { سورة النور }

    ماء المهانة لا يمزج بماء العزة

     

    قوله تعالى : { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ... } [ النور /3 ] .

    قال ابن العربي رحمه الله : كان ابن مسعود يرى أن الرجل إذا زنى بالمرأة ثم نكحها أنهما زانيان ما عاشا .

    وقال : وأخذ مالك بقول ابن مسعود ، فرأى أنه لا ينكحها حتى يستبرئها من مائه الفاسد ، وروى الشافعي وأبوحنيفة أن ذلك الماء لا حرمة له ، ورأى مالك أن ماء الزنى وإن كان لا حرمة له؛ فماء النكاح له حرمة ، ومن حرمته ألا يصب على ماء السفاح فيخلط الحرام بالحلال ، ويمزج ماء المهانة بماء العزة ، فكان نظر مالك أشد من نظر سائر فقهاء الأمصار ([93]).

    وقد روى مالك عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال: { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً... } قال : نَسَخَتْ هذه الآيةَ الآيةُ التي بعدها : { وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ ...}. وأنكر ذلك ابن العربي ، وقال إن ذلك ليس بنسخ؛ وإنما هو من باب تخصيص العام وبيان المجمل ([94]).

      


    حكم شهادة القاذف

    قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء ...}[النور/4،5]   قوله { يَرْمُونَ }؛ قال مالك : هو القذف ([95]).

     وقال رحمه الله : « الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يُجلد الحد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته ، وهو أحب ما سمعت إليَّ في ذلك » ([96]) .

     وهل تقبل شهادته في كل شيء بعد التوبة ؟

    قال مالك : « تجوز في كل شيء مطلقاً ، وكذلك كل من حُد في شيء من الأشياء» رواه نافع وابن الحكم عنه ([97]) .

    ومن فوائد هاتين الآيتين :

     1- قوله : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ... }؛ الرمي يطلق في اللغة على رمي شخص لآخر بلسانه بالكلام القبيح ، ومنه قول عمرو بن أحمر الباهلي :

         رماني بأمر كنت منه ووالدي       بريئاً ومن أجل الطويّ رماني ([98]).

     فإن قيل : ما الدليل على أن معنى يرمون في هذه الآية هو القذف بصريح الزني ، أو بما يستلزمه كنفي النسب ؟  

    فالجواب : دلَّ عليه شيئان : أحدهما : ذكر المحصنات عقيب الزواني . والثاني : اشتراط أربعة شهداء ، لأن القذف بغير الزنا يكفي فيه شاهدان ([99]) .

    2- في التعبير بالإحصان في الآية إشارة دقيقة إلى أن من عُرف بالفجور، واشتُهر بالمجون فلا حد على قاذفه ، لأنه لا كرامة لفاسق ماجن ([100]) .

    3- اختُلف في الاستثناء إذا تعقب جملاً معطوفة؛ هل يعود إلى جميعها أم إلى الأخير منها ؟ فمذهب مالك والشافعي وأصحابهما أنه يعود إلى جميعها ([101]) . والله تعالى أعلم.

     

    الاستئناس من الاستئذان

     

    قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ... } [ النور /27 ] .

    روى ابن وهب وابن القاسم ،عن مالك ، أنَّ الاستئناس هو الاستئذان ([102]) .

    وقال ابن القاسم : قال مالك : « ويستأذن الرجل على أمه وأخته إذا أراد أن يدخل عليهما » ([103]) .

     

    زينة المرأة الظاهرة والحجاب

     

     قوله تعالى : { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا... } النور /31 .

    قال ابن القاسم عن مالك : « الخضاب ليس من الزينة الظاهرة » ([104]).

    وقد اختلف العلماء في معنى قوله { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } على قولين :

    الأول : أنه الثياب الظاهرة . وهو قول ابن مسعود t .

    والثاني : أنه الوجه والكفان . وهو مروي عن ابن  عباس رضي الله عنهما .

    ومنشأ الخلاف اختلافهم في ما يقع عليه الظهور في الآية. والأظهر ـ والله أعلم ـ هو القول الأول لوجوه ، منها :

    الأول: أن الله قال: { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }؛ ولو كان المراد الوجه والكفين لقال ( إلا ما أظهرن منها ). يوضحه:

    الوجه الثاني : وهو أن الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها؛ كالحلي والحلل ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر ، ولا يحوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه ، وبه يُعلم أن قول من قال : الزنية الظاهرة الوجه والكفان.. خلاف ظاهر معنى لفظ الآية ، وذلك قرينة على عدم صحة هذا القول ... ([105]). والله أعلم.

     

     

    بعض أحكام النظر بين الحرة ومملوكها

     

    قوله تعالى {.. أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ..} النور /31 .

    روى ابن وهب وابن القاسم عن مالك – دخل حديث بعضهم في بعض – قال مالك : « أكره أن يسافر الرجل بامرأة أبيه أو ابنه » .

    قالا : قال : مالك : « وإذا كان بعض الجارية حراً فلا يجوز لمن يملك بقيتها أن ينظر إلى شيء منها غير شعرها كما ينظر غيره . ولا بأس أن يدخل على زوجته ومعها المرأة إذا كانت عليها ثيابها ، وإذا كان بعض الغلام حراً فلا يرى شعر من يملك بقيته . وإن كان خصيّاً لا تملكه لم ينظر شعرها وصدرها ، ولا بأس أن ينظر خصيان العبيد إلى شعور النساء ، فأما الأحرار فلا ، وذلك في الوغد منهم ([106]) فأما من له المنظرة فلا » وقال مالك : « يجوز للوغد أن يأكل مع سيدته ، ولا يجوز ذلك لذي المنظرة » ([107]).

     

     وقال ابن القاسم : سمعت مالكاً يحدث أن عائشة دخل عليها رجل أعمى، وأنها احتجبت منه، فقيل لها : يا أم المؤمنين؛ إنه أعمى لا ينظر إليك . قالت : ولكني أنظر إليه ([108]) .

    وقال أشهب : سئل مالك : أتلقي المرأة خمارها بين يدي الخصي ؟ وهل هو من غير أولي الإربة ؟ فقال : نعم ، إذا كان مملوكاً لها أو لغيرها ، فأما الحر فلا. وإن كان فحلاً كبيراً وغداً تملكه لا هيئة له ولا منظرة فلينظر إلى شعرها ([109]).

    وقال أشهب: قال مالك : «  ليس بواسع أن تدخل جارية الزوجة أو الولد على الرجل المرحاض ، قال الله: { إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ.. } [المؤمنون 6]  ([110]).

     وقال أشهب عن مالك : « ينظر الغلام الوغد إلى شعر سيدته ، ولا أحبه لغلام الزوج » ([111]).

    في المكاتبة

    قوله تعالى : {.. فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ..} [ النور /33] .

    خيراً : القدرة على السعي والاكتساب . قاله مالك والشافعي ([112]) .

     وقوله : { ..وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ.. } قال مالك : إنه مال الزكاة ([113]) .

    وفي رواية عنه قال : هو أن يوضع عن المكاتب من آخر كتابته شيء . قال: وقد وضع ابن عمر خمسة آلاف درهم من خمسة وثلاثين ألفاً ... وكان مالك يرى هذا ندباً واستحساناً ، ويستحبه ولا يجبر عليه ولا يوجبه ([114]) .

    وقوله تعالى : { وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً...}

     قال ابن العربي : روى الزهري أنه كان لعبد الله بن أبي جارية يقال لها معاذة ، وكان رجل من قريش أُسر يوم بدر؛ فكان عنده ، وكان القرشي يريد الجارية على نفسها ، وكانت الجارية تمتنع منه لإسلامها ، وكان عبد الله بن أبي يضربها على امتناعها من القرشي رجاء أن تحمل منه فيطلب فداء ولده ، فأنزل الله الآية. وكذا روى مالك عن الزهري نحوه ([115]).

    فائدة : قال الزمخشري : « يكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة، وفي الحديث:" ليقل أحدكم فتاي وفتاتي ، ولا يقل عبدي وأمتي " » ([116]).

     

     

    الشجرة المباركة

    قوله تعالى : {.. يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ..} النور 35 .

    قال ابن العربي : « اختُلف في هذه الشجرة على ستة أقوال :

    الأول : أنها ليست من شجر الشرق دون الغرب ، ولا من شجر الغرب دون الشرق؛ لأن الذي يختص بإحدى الجهتين كان أدنى زيتاً ، وأضعف ضوءاً ، ولكنها ما بين الشرق والغرب كالشام ، لاجتماع الأمرين فيه. وهو قول مالك» ([117]).

    وفي رواية ابن وهب عنه ، قال : « هو الشام، الشرق من ها هنا ، والغرب من ها هنا .. » ([118]) .

    وقال الحسن البصري : لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية ، ولكن مثل ضربه الله تعالى لنوره ([119]). واختار هذا القول سيد في الظلال؛ فقال : « ..فهذه الشجرة ليست شجرة بعينها ، وليست متحيزة إلى مكان أو جهة،  إنما هي مثل مجرد للتقريب؛ لا شرقية ولا غربية ...» ([120]) . وأبى ذلك ابن جرير وابن كثير رحمهما الله، ورجحا القول الأول . والله تعالى أعلم .

     

    الوعد الحق

     

    قوله تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ..} [ النور /55]

    قال مالك : « نزلت هذه الآية في أبي بكر وعمر » ([121]).

    والعبرة عند جمهور العلماء بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فجدير بالمسلمين اليوم حكاماً ومحكومين ، شعوباً وأفراداً وجماعات أن يتدبروا هذه الآيات ويعملوا بها؛ ففيها المخرج مما وصل إليه حالهم من التخلف والتخبط والضعف والسير في مؤخرة الركب حتى انطبق عليهم قول الشاعر :

    ويُقضى الأمر حين تغيب تيم                 ولا يُستأذنون وهـــم شهود

    فإلى الله المشتكى .

    ومن فوائد هذا الآية :

    1-     قوله : { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم } جاء مؤكداً باللام والنون مما يدل على وجود القسم ، وهو محذوف ، تقديره : وعدهم الله وأقسم ليستخلفنهم ([122]).

    2-                وقوله : { يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } فيه فائدتان :

     الأولى : أن العبادة وحدها لا تكفي فلا بد من اجتناب الشرك بجميع أشكاله وأنواعه ، وما أكثر العُبّاد اليوم في أمتنا المهزومة ، وما أقل الموحدين .

    الثانية : أنه قال { شَيْئاً } ولم يقل صنماً أو وثناً .... الخ ، فيدخل فيه كل شيء يُشرَك به مع الله تعالى أيَّـاً كان نوعه أو جنسه ، وعلى قدر توحيد الأمة وإخلاصها لله يكون النصر والظفر .

     

                                 العِشاء والعتمة

     

    قوله تعالى : {... وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء .. } [ النور /58 ]

    قال ابن القاسم : قال مالك : « فالله سماها صلاة العشاء؛ فأحب النبي r أن تسمى بما سماها به الله ، ويعلمها الإنسان أهله وولده ، ولا يقل عتمة إلا عند خطاب من لا يفهم... » ([123]) .

    قلت : وفي ذلك دليل على عناية الشارع بالألفاظ وحثه على اختيار أحسنها، ولهذا أمثلة كثيرة في الكتاب والسنة ، منها قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا.. } [ البقرة 104 ] ، ونهي النبي r عن تسمية العنب كرماً ، والمدنية بيثرب ، كما غيَّر النبي r أسماء بعض أصحابه من الرجال والنساء ... والله تعالى أعلم .

                           من آداب الاجتماع والتفرق

    قوله تعالى : {  لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ .. } [ النور /61 ]

    روى مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن الآية  نزلت في أناس كانوا إذا خرجوا مع رسول الله r – يعني إلى الجهاد – وضعوا مفاتيح بيوتهم عند أهل العلة ممن يتخلف عن رسول الله r ؛ عند الأعمى والأعرج والمريض ، وعند أقاربهم ، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا من بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك ، فكانوا يتقونه ويقولون : نخشى ألا تكون نفوسهم بذلك طيبة ؛ فأنزل الله هذه الآية يحله لهم ([124]) .

    فـائدة :

    قوله : { أَوْ صَدِيقِكُمْ } لفظ الصديق في اللغة يصدق على الواحد والجمع ، ومثله: العدد ، والخليط.... ([125]).

     

     

    الاستئذان من خصال الإيمان

     

    قوله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ ... } النور /62 .

    روى أشهب ويحيى بن بكير وعبد الله بن عبد الحكم عن مالك أن هذه الآية إنما كانت في حرب رسول الله r يوم الخندق ([126]) .

    فـائدة :

    إن المتأمل في هذه الآية على وجه الخصوص ، و في السورة على وجه العموم يلحظ عناية الشارع الحكيم بقضية الاستئذان بمختلف أنواعه وصوره ، في الأحوال الخاصة والعامة، فلا جرم أن كانت هذه القضية هي المحور الأساسي لهذه السورة من أولها إلى آخرها؛ فقد بدأت السورة بالحديث عن جريمة الزنى وما يتعلق بها ، والتي سببها الأساس الإخلال بهذا الأمر ، ثم أعقب ذلك الحديث عن الإفك ، ورمي الصديقة بنت الصديق بما هي منه براء ، وكانت قد انقطع عقد لها فذهبت تبحث عنه ولم تستأذن في الذهاب لحداثة سنها؛ فسار القوم وتركوها ، فحدث ما حدث ، ثم أعقب ذلك الحديث عن الاستئذان عند دخول البيوت ونحوها { لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا }، ثم الحديث عن غض البصر لأن الاستئذان إنما شُرع من أجل البصر كما ورد في الحديث ([127]).  ثم الحديث عن استئذان الصغار والمماليك ، واستئذان البالغين ، ثم ختم الله السورة بالحديث عن الاستئذان في الأماكن الجامعة ... فلو قال قائل إن هذه السورة هي سورة الاستئذان لما كان مبتعداً عن الصواب. والله تعالى أعلم.

     

     

     

     

     

     

     

     

    { سورة الفرقان }

    الزنـا يحرِّم المصاهرة

     

    قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً.. }[ الفرقان/54]

    روي عن مالك أن الزنـى يحرّم المصاهرة ([128]).

     

    السامع والمستمع

     

    قوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً }                                    [الفرقان /73 ]

     ذكر مالك أن الرجل إذا تلا القرآن وقرأ السجدة فإن كان الذي جلس معه جلس إليه ليسمعه فليسجد معه ، وإن لم يلتزم السماع معه فلا سجود عليه ([129]) .
    وقد ذكر هذه المسألة فقهاء الحنابلة ونصوا عليها ، وعبارة صاحب الزاد : « تسن [ أي سجدة التلاوة ] للقارئ والمستمع دون السامع » (
    [130]). والمستمع هو المنصت ، والسامع كالمار ونحوه .


    { سورة الشعراء }

    موسى وانفلاق البحر

    قوله تعالى: { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ..} الشعراء /63.

    « قال ابن القاسم : قال مالك : خرج مع موسى رجلان من التجار إلى البحر فلما أتيا إليه قالا له : بم أمرك الله ؟ قال : أمرني أن أضرب البحر بعصاي هذه فيجف. فقالا له : افعل ما أمرك به ربك فلن يخلفك. ثم ألقيا أنفسهما في البحر تصديقاً له،فما زال كذلك البحر حتى دخل فرعون ومن معه،ثم ارتد كما كان» ([131]).

    و في رواية عمرو بن ميمون أن موسى قال للبحر انفلق ، قال لقد استكبرت يا موسى! ما انفرقت لأحد من ولد آدم، فأنفلق لك . فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم . فصار لموسى وأصحابه البحر طريقاً يابساً ، فلما خرج أصحاب موسى ، وتكامل آخر أصحاب فرعون ، انصب عليهم البحر ، وغرق فرعون . فقال بعض أصحاب موسى : ما غرق فرعون . فنُبذ على ساحل البحر حتى ينظروا إليه (1) .

    قال ابن العربي رحمه الله : في هذا دليل على أن مالكاً كان يذكر من أخبار الإسرائيليات ما وافق القرآن أو وافق السنة أو الحكمة أو قامت به المصلحة التي تختلف فيها الشرائع . وعلى هذه النكتة عوّل في جامع الموطأ ([132]).

     

     ومن فوائد هذه الآية ما سبق ذكره ([133]) من مشروعية الأخذ بالأسباب ، فالله عز وجل قادر على فلق البحر لموسى عليه السلام دون حاجة إلى ضرب موسى له بالعصا . وفي هذا درس عظيم للدعاة ألا يستهينوا بالأسباب مهما قلت أو صغرت، وإلا فما الذي يغني ضرب بحر متلاطم بعصا خشبية ؟.

    قال مالك رحمه الله : دعا موسى فرعون أربعين سنة إلى الإسلام ، وإن السحرة آمنوا في يوم واحد ([134]).

     

    النبي r لا يغني عن غيره شيئا في حياته،

    فكيف بعد موته

     

     قوله تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [ الشعراء /214 ]

     روى ابن القاسم عن مالك قال : قال رسول الله r في اليوم الذي مات فيه: لا يتكل الناس عليّ بشيء؛ لا أحلّ إلا ما أحلّ الله في كتابه ، ولا أحرّم إلا ما حرّم الله في كتابه . يا فاطمة بنت رسول الله ، يا صفية عمّة رسول الله ، اعملا لما عند الله ، فإني لا أغني عنكما من الله شيئاً ([135]).

     هذا ما رواه ابن القاسم عن مالك؛ أنّ الإنذار كان يوم وفاته r ، والذي في الصحيحين ([136]) وغيرهما أن ذلك كان في مكة بعد نزول الآية ، فإن السورة مكية، وهذا لا يتعارض مع ذكره مالك رحمه الله إن صح عنه ، فيكون فعله r من باب تأكيد الإنذار وتكراره . ولكن ما في الصحيحين أولى بالذكر عند تفسير هذه الآية. والله تعالى أعلم .

     

     


    { سورة النمل }

    النبي المَلِك

    قوله تعالى : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ.. } [ النمل /16 ]

    روى ابن وهب عن مالك أن سليمان النبي مرَّ على قصر بالعراق فإذا فيه كتاب :

    خرجنا من قرى اصطخر              إلى القصر قفلنــــاه

    فمن سال عن القصــر              فمبنياً وجــدنــــاه

     وعلى القصر نسر ، فناداه سليمان ، فأقبل إليه فقال : مذ كم أنت ها هنا ؟ قال : مذ تسعمائة سنة . ووجدت القصر على هيئته ... وعن مالك بن أنس عن سعيد بن المسيب : كان سليمان بن داود يركب الريح من اصطخر فيتغدى ببيت المقدس ، ثم يعود فيتعشى باصطخر ... وروى مالك وغيره في الحديث عن النبي r ([137]) أنه قال : نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة ، فأمر بجهازه ، فأخرج من تحتها ، ثم أمر ببيتها فأحرق ، فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة ([138]) .

    فائدة :

    قوله: { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ.. } ، ثبت في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله r قال : ( لا نورث ، ما تركنا صدقة ) ([139]) ، وفي رواية عند الترمذي بإسناد صحيح : ( نحن معشر الأنبياء لا نورث ) ([140]) ،» فتعيّن حمل الآية هنا على ميراث النبوة إذ لو كان في المال لما خُص من بين إخوته بذلك ، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة؛ إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولد يرث أباه ؛ فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها .... » ([141]). وفي هذا رد على الرافضة لعنهم الله ، الذين يزعمون أن الصديق الأكبر غمط فاطمة الزهراء حقها من ميراث أبيها r ، ولكن الحقد أعمى قلوبهم وعقولهم ؛ فأبوا إلا الطعن في أصحاب رسول الله r .

     

     

    سليمان وعرش بلقيس 

     

     قوله تعالى : {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ .. } النمل /38-40 .

    قال ابن وهب : حدثني مالك في هذه الآية ، قال : كانت [ يعني بلقيس ] باليمن ، وسليمان بالشام .... ([142]).

    قال ابن العربي : أراد مالك أن هذه معجزة ، لأن قطع المسافة البعيدة في المدة القصيرة لا يكون إلا بأحد وجهين : إما أن تعدم المسافة بين الشام واليمن ، وإما أن يعدم العرش باليمن ويوجد بالشام ، والكل لله سبحانه مقدور عليه هيِّن ، وهو عندنا غير متعين ([143]).

     

     

     

     


    { سورة القصص }

    القلب الفارغ

     

    قوله تعالى : { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً... } [ القصص /10 ]  .

    قوله { فَارِغاً }: أي من العقل . قاله مالك ([144]) .

    وروى ابن القاسم عن مالك : هو ذهاب العقل ([145]) .

    قال الزمخشري : » { فَارِغاً }: صفراً من العقل ، والمعنى: أنها لما سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع والدهش. ونحوه قوله تعالى { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء } [ إبراهيم 43 ]  أي جوف لا عقول فيها .... » ([146])

    واختُلف هل الفؤاد هو القلب ؟ هذا هو المشهور؛ أن الفؤاد هو القلب .

    وقيل إن الفؤاد أخص من القلب ، فهو عين القلب ، وقيل باطنه ، وقيل غشاؤه ... ([147]). والله تعالى أعلم .

    في قوله : { لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا .. } استعارة لطيفة؛ شبه ما قذف في قلبها من الصبر بربط الشيء المنفلت خشية الضياع ، واستعار لفظ الربط للصبر([148]).


    البكر هل تستأمر؟

    قوله تعالى:{ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ..}[القصص/27،28]  

     احتج مالك بهذه الآية على أن الأب له أن يزوج ابنته البكر من غير استئمار ([149]).

     وهذا الذي ذكره مالك رحمه الله موافق لما جاء في السنة المطهرة؛ فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة أن النبي r قال : « لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن » قالوا : يا رسول الله: وكيف إذنها ؟ قال : « أن تسكت « ([150]). وفي رواية عند البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله: إن البكر تستحي قال : « رضاها صمتها »

    فجعل الاستئمار للأيم ، وهي الثيب ، أما البكر فإذنها أن تسكت .

       قال ابن العربي : « واحتجاج مالك بهذه الآية يدل على أنه كان يعول على الإسرائيليات ، وفيها أنهما كانتا بكرين ، وبينا ذلك في شرح الموطأ ، ومسائل الحديث " ([151]).

     ومن فوائد هذه الآية :

    1- عرض الولي ابنته على الرجل الصالح ، وهي سنة حسنة ، فعلها عمر t فقد عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ، وفعلها غيره من السلف .

    2- حكى القرطبي عن مكي أنه قال : »  في هذه الآية خصائص في النكاح ، منها أنه لم يعيّن الزوجة ، ولا حد أول الأمد ، وجعل المهر إجارة ، ودخل و لم ينقد شيئاً .. » وأجاب القرطبي عن هذه المسائل الأربع التي ذكرها مكي ([152])؛ هذا إذا سلمنا أن شرع من قبلنا شرع لنا ، وهذه مسألة أخرى ليس هذا مكان بحثها .

    3- النكاح بالإجارة : ـ وهو أن تكون منفعة الحر صداقاً ـ كرهه مالك رحمه الله ([153]).

    4- ذُكر أن القائل ها هنا هو: شعيب النبي عليه السلام صاحب مدين ، وهو المشهور عند كثير من العلماء . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن عبدالعزيز الأودي ، حدثنا مالك بن أنس؛ أنه بلغه أن شعيباً هو الذي قص عليه موسى القصص قال : { لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } ([154]). وقيل إنه ابن أخي شعيب ، وقيل رجل مؤمن من آل شعيب . وقد توقف ابن جرير في ذلك ، وقال : « وهذا مما لا يدرك علمه إلا بخبر ، ولا خبر بذلك تجب حجته ، فلا قول في ذلك أولى بالصواب » ([155]).

     ورجَّح ابن كثير رحمه الله أن لا يكون شعيباً ، فقال : « .. ثم من المقوي لكونه ليس بشعيب؛ أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن ها هنا ، وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى لم يصح إسناده.. " ([156]). والله تعالى أعلم .

    المنهج الإلهي القويم    

    قوله تعالى : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ..}[ القصص /77]

    قال مالك : هو الأكل والشرب بلا سرف ([157]) .

    ومن فوائد هذه الآية أن العمل للآخرة هو الأصل والأساس ، وإنما يتزود الإنسان من هذه الدنيا بقدر البلاغ .

    يقول سيد قطب رحمه الله في تعليقه على هذه الآية : « وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم ، المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة ، ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة ، بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفاًًً؛ كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها .. وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان ، ويمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة التي لا حرمان فيها ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة » ([158]).

     

    حرية الرأي

    قوله تعالى : { وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ.. } [ القصص /77 ]

    قال مالك : معناها : تعيش وتأكل وتشرب غير مضيَّق عليك في رأي ([159]).

    قال القاضي : أرى مالكاً أراد الرد على من يرى من الغالين في العبادة التقشف والتقصف والبأساء؛ فإن النبي r كان يأكل الحلوى ، ويشرب العسل ، ويستعمل الشواء ، ويشرب الماء البارد .... ([160]).

     والمسألة التي أشار إليها مالك بقوله : ( غير مضيَّق عليك في رأي ) هي ما يعرف اليوم بحرية الرأي ، وهي من المسائل التي كثيراً ما يطنطن حولها أصحاب المذاهب الفاسدة ، والأفكار المنحرفة لا سيما في المجتمعات الإسلامية المحافظة؛ بغية نشر فسادهم وأفكارهم حتى إذا ما تمكنوا قلبوا للحق ظهر المجن. والدين الإسلامي لا يضيق على أحد في رأي ولا غيره في حدود ما شرع الله حتى لا تتحول الحرية إلى فوضى . والله تعالى أعلم .

    { سورة العنكبوت }

    الهجرة ضرورة لإقامة الدين

     

    قوله تعالى :{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ }            [ العنكبوت/56 ]

    اختُلف في تفسير هذه الآية؛ فذهب مالك وغيره إلى أن الأرض التي فيها الظلم والمنكر ، تترتب فيها هذه الآية ، وتلزم الهجرة عنها إلى بلد الحق ([161]). ورجح ذلك ابن جرير([162]) ، وابن كثير ، ولم يذكر غيره ([163])، واستدلوا بقوله في آخر الآية { فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } فإذا لم يتمكن المسلم من إظهار دينه ، وخاف على نفسه الفتنة لزمه – إن استطاع – أن يهاجر إلى بلد يأمن فيها على دينه ونفسه كما فعل المسلمون الأوائل في هجرتهم إلى الحبشة مرتين ثم إلى المدينة .

     


    { سورة الروم }

    معنى الفطرة 

     

    قوله تعالى:  { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ .. } [ الروم /30 ]

    قال القرطبي رحمه الله : « اختلف العلماء في معنى الفطرة .... » فذكر القول الأول ، ثم قال : « وقال آخرون : الفطرة هي البداءة التي ابتدأهم الله عليها، أي على ما فطر الله عليه خلقه من أنه ابتدأهم للحياة والموت ، والسعادة والشقاء ، وإلى ما يصيرون إليه عند البلوغ ...» ثم قال : « قال أبو عمرو في كتاب التمهيد له : ما رسمه مالك في موطئه وذكر في باب القدر فيه من الآثار، يدل على أن مذهبه في ذلك نحو هذا . والله أعلم » ([164]) .

    قوله : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ .. } فيه تمثيل للإقبال على هذا الدين والاستقامة عليه من غير الالتفات يميناً أو شمالاً؛ فإن من اهتم بشيء لم يلتفت إلى غيره ... ([165]).

    وقوله : { فِطْرَةَ اللَّهِ .. } أي: الزموا فطرة الله .. والفطرة الخلقة  ، ألا ترى إلى قوله : { لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ  } ([166]).

     فنعوذ بالله من انتكاس الفطرة .


    { سورة لقمان }

    مذهب مالك في الغناء

     

    قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ.. } [ لقمان /6 ] .

    روى ابن وهب عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر أن الله يقول يوم القيامة :« أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟ أدخلوهم في رياض المسك . ثم يقول للملائكة : أسمعوهم  حمدي وشكري وثنائي عليهم ، وأخبروهم أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون » ([167]).

     وقال ابن القاسم : سألت مالكاً عنه [ أي الغناء ] فقال : قال الله تعالى : {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ } [ يونس 32 ] أفحق هو؟ ([168]).

     وقال اسحق بن عيسى الطباع : سألت مالك بن أنس عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء ، فقال : إنما يفعله عندنا الفساق ([169]).

    وقال أبو الطيب الطبري : « .. أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء ، وعن استماعه ، وقال: إذا اشترى جارية ووجدها مغنية كان له ردها بالعيب» ([170]).

    وقال ابن خويز منداد : « فأما مالك فيقال عنه أنه كان عالماً بالصناعة ، وكان مذهبه تحريمها. وروي عنه أنه قال : تعلمت هذه الصناعة وأنا غلام شاب، فقالت لي أمي : أي بني ، إن هذه الصناعة يصلح لها من كان صبيح الوجه، ولست كذلك ،فاطلب العلوم الدينية. فصحبت ربيعة، فجعل الله في ذلك خيراً »([171]).

     ومما سبق يتبين أن ما نُسب إلى مالك رحمه الله من إباحة الغناء محض افتراء وكذب .

       ومن الدلالات اللغوية في هذه الآية :

    1ـ إضافة اللهو إلى الحديث وذلك للتبيين . والمعنى : ( اللهوَ من الحديث )  ؛ لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره  . ([172])   

    2- قوله { يَشْتَرِي } ؛ يحتمل أن يكون الشراء حسياً كشراء القيان ونحوها . ويحتمل أن يكون معنوياً بمعنى الاختيار والاستبدال ، نظير قوله تعالى { اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ } [ آل عمران /177] أي استبدلوه منه واختاروه عليه ([173]).

     

     

    عناية مالك بِحِكَم لقمان

     

     قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ .. } [ لقمان /12]

    قال ابن العربي : « ذكر مالك كلاماً كثيراً عن لقمان ، وأدخل من حكمته فصلاً في كتاب الجامع من موطئه ، لأن الله ذكره في كتابه ، وذكر من حكمته فصلاً يعضده الكتاب والسنة لينبه بذلك على أن الحكمة تؤخذ من كل أحد » ([174]).

     

     


    { سورة السجدة }

    قيام الليل

    قوله تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ .. } [ السجدة /16 ]

    قال مالك وغيره : هو قيام الليل ([175]) .

    وقوله: { تَتَجَافَى } أي تتنحى . والمضاجع هي الفُرش . وفي هذا كناية عن كثرة العبادة والتبتل ليلاً .

    ومن فوائد الآية :

    قوله : { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } فيه دليل على توحيدهم وإخلاصهم فهم يدعون ربهم لا يدعون غيره .

       وقوله { خَوْفاً وَطَمَعاً } فيه دليل على اعتدال منهجهم في العبادة ، فلا يعبدون الله بالخوف وحده كالحرورية ، ولا بالرجاء وحده كالمرجئة . وإنما هو التوسط والاعتدال..

     ولا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد     كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ

     

     

    وقوله تعالى { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }إشارة إلى نفعهم المتعدي والله تعالى أعلم.

     


    { سورة الأحزاب }

    وقعة الخندق

     

    قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ..}[ الأحزاب /9 ]

       قال ابن وهب وابن القاسم عن مالك : كانت وقعة الخندق سنة أربع ، وهي وبنو قريظة في يوم واحد ، وبين بني قريظة والنضير أربع سنين ([176]).

       قال ابن وهب : سمعت مالكاً يقول : أمر رسول الله r بالقتال من المدينة ، وذلك قوله : { إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ.. } قال : ذلك يوم الخندق ، جاءت قريش من ها هنا ، واليهود من  هاهنا ، والنجدية من ها هنا .. قال ابن العربي : يريد مالك أن الذين جاءوا من فوقهم بنو قريظة ، ومن أسفل منهم قريش وغطفان ([177]) .

    وقال مالك : لم يستشهد من المسلمين يوم الخندق إلا أربعة أو خمسة ([178]).

     

     

                


                                            الحواشي

    ([1])  سيرة أعلام النبلاء للذهبي 8/101 ، بتحقيق نذير حمدان وإشراف وتخريج شعيب الارنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الرابعة 1406هـ . نقلا عن ترتيب  المدارك 1/174.

    ([2]) المصدر السابق 8/102 .

    ([3]) السابق 8/91 .

    ([4]) سير أعلام النبلاء للذهبي 8/111 .

    ([5]) المصدر السابق 8/95 .

    ([6]) السابق 8/77 ، وانظر الانتقاء ص 37 .

    ([7]) السير 8/108 .

    ([8]) السابق 8/97 .

    ([9]) انظر ( ص 27، 28، 29 )

    ([10]) انظر ( ص 3، 19 ، 26 ، 35 ) .

    ([11]) انظر ( ص 15 ، 19) .

    ([12]) سير أعلام النبلاء 8/102 .

    ([13]) انظر ( ص 10 ) .

    ([14]) انظر ( ص 20) .

    ([15]) انظر ( ص 21) .

    ([16]) انظر ( ص 5، 15، 16 ، 21 ، 28 ، 42 ) .

    ([17]) أحكام القرآن لابن العربي 3/145.

    ([18]) انظر( ص 32 ، 34 ، 37 )

    ([19]) سير أعلام النبلاء 8/89 .

    ([20]) هو مكي بن أبي طالب بن حيوس القيسي القيرواني ثم الأندلسي الفرطبي الإمام العلامة المحقق ، أستاذ القراء والمجودين ، كان من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية ، حسن الفهم ، كثير التآليف في علوم القرآن ، توفي سنة 437هـ ( هامش السير 8/95 ، عن طبقات القراء )  .

    ([21]) السير 8/95 .

    ([22]) انظر سير أعلام النبلاء 9/120 وقادة الفكر الإسلامي عبر القرون لعبد الله الرويشد ص 61،ط رابطة الأدب الحديث .

    ([23]) انظر السير 9/223 ، قادة الفكر الإسلامي ص 62 .

    ([24]) انظر السير 9/500 ، وقادة الفكر ص 62 .

    ([25]) انظر التمهيد لابن عبد البر ، ج 19 ص 289 .

    ([26]) انظر التمهيد 19/289 .

    ([27]) المصدر السابق .

    ([28]) أخرجه البخاري في صحيحه مطولاً في كتاب الأنبياء يلفظ : ( .... يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ... ) باب قوله تعالى ( إنا أرسلنا نوحاً .. ) رقم 3162 ، ومسلم في كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة ... ، 1/127 ، بلفظ البخاري .

    ([29]) أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي ج 3 ص 1234 ، ط دار المعرفة ، بيروت / لبنان .

    ([30]) المصر السابق ص 1234 ، 1235 .

    ([31]) المصدر السابق 3/1238 .

    ([32]) المصدر السابق 3/1239 .

    ([33]) أحكام القرآن 3/1240 .

    ([34]) تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير 3/84 ، ط دار المعرفة، بيروت – لبنان: 1403هـ .

    ([35]) انظر ضعيف الجامع الصغير برقم 5028 .

    ([36]) انظر تفسير ابن كثير 3/84 .

    ([37]) المصدر السابق .

    ([38]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1241 .

    ([39]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1251.

    ([40]) المصدر السابق .

    ([41]) السابق ص 1252 .

    ([42]) انظر تفسير ابن كثير 3/113 .  

    ([43]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1253 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 11/96 ط ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت – لبنان بتصحيح احمد البردوني .

    ([44]) انظر تفسير ابن كثير 3/117 .

    ([45]) انظر تفسير القرطبي 11/96 .

    ([46]) انظر جريدة المدينة ، العدد 9256 من مقالة بعنوان ( كلوا الرطب ) للدكتور عبد الرحمن العمري .

    ([47]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 11/103 .

    ([48]) انظر ( جامع البيان في تأويل آي القرآن ) لابن جرير الطبري 8/338 ، ط دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 1412هـ .

    ([49]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 11/127.

    ([50]) انظر جامع البيان للطبري 8/358.

    ([51]) تفسير ابن كثير 3/129 .

    ([52]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1254 .

    ([53]) الكشاف 2/425 . باختصار .ط دار المعرفة ، بيروت – لبنان .

    ([54]) انظر الكشاف للزمخشري أيضا 2/425 .

    ([55]) لم أجده بهذا اللفظ .

    ([56]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1255 .

    ([57]) انظر التمهيد لابن عبد البر 7/138 .

    ([58]) المصدر السابق 7/151 .

    ([59]) المصدر السابق .

    ([60]) المصدر السابق 7/138 .

    ([61]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1275 .

    ([62]) المصدر السابق .

    ([63]) انظر تفسير الطبري 9/129 .

    ([64]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1282 .

    ([65]) أخرجه احمد وغبره وصححه الارنؤوط ، انظر حاشية زاد المعاد 2/318 ، ط مؤسسة الرسالة .

    ([66]) زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم رحمه الله 2/319 .

    ([67]) انظر أحكام الأضحية والذكاة للشيخ محمد العثيمين رحمه الله ص 22 ، ط دار النصر ، شبرا – مصر .

    ([68]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1282 .

    ([69]) انظر تفسير الطبري 9/140 .

    ([70]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1283 .

    ([71]) المصدر السابق .

    ([72]) انظر تفسير القرطبي 12/51 .

    ([73]) انظر الكشاف للزمخشري 3/31 .

    ([74]) انظر أضواء البيان 5/687 . ط الأمير احمد بن عبد العزيز 1403هـ .

    ([75]) انظر المدونة 1/308 ط دار الفكر ، بيروت 1398هـ - 1978 م .

    ([76]) انظر تفسير القرطبي 12/62 .

    ([77]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1304 .

    ([78]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1304 .

    ([79]) تفسير القرطبي 12/98 ....

    ([80]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1309 .

    ([81]) انظر الكشاف للزمخشري 3/42 .

    ([82]) أحكام القرآن لابن العربي3/1310.

    ([83]) المصدر السابق .

    ([84]) انظر الكشاف للزمخشري 3/43 .

    ([85]) انظر أضواء البيان 5/773 .

    ([86]) الكشاف 3/43 .

    ([87]) انظر أضواء البيان 5/773 .

    ([88]) أحكام القرآن 3/1312 .

    ([89]) السابق.

    ([90]) المصدر السابق 3/1314 .

    ([91]) انظر تفسير الطبري 9/219 .

    ([92]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1316 . وقد اخرج هذا الحديث بنحوه مسلم في كتاب الزكاة؛ باب قبول الصدقة من الكسب الطيب 3/85 .

    ([93]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1230.

    ([94]) المصدر السابق 3/1331 .

    ([95]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1334 .

    ([96]) الموطأ 2/721 . ط دار أحياء التراث العربي بيروت بعناية

    ([97]) تفسير القرطبي 12/108 .

    ([98]) انظر أضواء البيان 6/85 ، 86 . بتصرف .

    ([99]) الكشاف للزمخشري 3/62 .

    ([100]) المصدر السابق .

    ([101]) انظر تفسير القرطبي 12/180 .

    ([102]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1359 .

    ([103]) المصدر السابق 3/1361 .

    ([104]) المصدر السابق 3/1369 .

    ([105]) أضواء البيان 6/198 .

    ([106]) الوغد : الدنئ من الرجال الذي يخدم بطعام بطنه وقيل الخفيف العقل.

    ([107]) أحكام القران لابن العربي 3 / 1372.

    ([108]) أحكام القرآن لابن العربي 3 / 1272، 1273.

    ([109]) المصدر السابق

    ([110]) المصدر السابق .

    ([111]) المصدر السابق

    ([112]) المصدر السابق .

    ([113]) 3/1384

    ([114]) انظر التمهيد لابن عبد البر 22/188، 189 .

    ([115]) أحكام القرآن لابن العربي 3/ 1386.

    ([116]) الكشاف 3/76 والحديث أخرجه مسلم بنحوه في كتاب الألفاظ باب حكم إطلاق لفظة العبد ...

    ([117]) أحكام القرآن 3/1387 .

    ([118]) المصدر السابق .

    ([119]) انظر تفسير ابن كثير 3/291 ، وتفسير الطبري 9/327 .

    ([120]) في ظلال القرآن 4/2520 ، ط دار الشروق الطبعة التاسعة 1400هـ .

    ([121]) أحكام القرآن 3/1392 .

    ([122]) الكشاف للزمخشري 3/83 .

    ([123]) أحكام القرآن 3/1398.

    ([124]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1402 .

    ([125]) انظر الكشاف للزمخشري  3/85 .

    ([126]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1410.

    ([127]) أخرجه مسلم في كتاب الآداب باب تحريم النظر في بيت غيره بلفظ ( ... إنما جعل الإذن من اجل البصر ).

    ([128]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1426 .

    ([129]) المصدر السابق 3/1433 .

    ([130]) زاد المستقنع لموسى بن احمد الحجاوي ص 15 . ط المطبعة السلفية ،الطبعة التاسعة 1400هـ .

    ([131]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1435 .

    ([132])السابق.

    ([133]) انظر ص8 من هذا البحث.

    ([134]) إحكام القرآن لابن العربي 3/1435 .

    ([135]) المصر السابق 3/1438 .

    ([136]) أنظر صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب : وأنذر عشيرتك الأقربين . وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب في قوله ( وأنذر عشيرتك ..).

    ([137]) أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة في كتاب قتل الحيات ، باب النهي عن قتل النمل ، بلفظ مقارب .

    ([138]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1449 ، 1450 .

    ([139]) أخرجه البخاري في الخمس باب فرض الخمس ومسلم في الجهاد باب قول النبي r لا نورث .

    ([140]) أخرجه الترمذي في السير 44 .

    ([141]) تفسير ابن كثير 3/111 ، باختصار .

    ([142]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1462 .

    ([143]) المصدر السابق 3/1463 .

    ([144]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1464 .

    ([145]) انظر تفسير القرطبي 13/255 .

    ([146]) الكشاف 3/158 .

    ([147]) انظر صحيح مسلم بشرح النووي 2/34 ، ط دار الفكر .

    ([148]) صفوة التفاسير للصابوني 11/31 ط , دار القرآن . بيروت 1401هـ .

    ([149]) انظر أحكام القرآن لابن العربي 3/1477 .

    ([150]) أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب لا ينكح الأب وغير البكر والثيب إلا برضاهما ... ومسلم في النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق ....

    ([151]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1477 .

    ([152]) انظر تفسير القرطبي 13/272ـ274.

    ([153]) انظر تفسير القرطبي.

    ([154]) انظر تفسير ابن كثير3/384.

    ([155]) تفسير الطبري 10/61.

    ([156]) انظر تفسير ابن كثير 3/384 ، 385 .

    ([157]) انظر تفسير القرطبي 13/314 .

    ([158]) في ظلال القرآن 5/2711 مختصراً .

    ([159]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1483 .

    ([160]) المصدر السابق .

    ([161]) انظر تفسير القرطبي 13/357 ، 358 .

    ([162]) انظر تفسير الطبري 10/156 .

    ([163]) انظر تفسير ابن كثير 3/419 .

    ([164]) انظر تفسير القرطبي 14/25 .

    ([165]) انظر تفسير الكشاف 3/204 .

    ([166]) المصدر السابق .

    ([167]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1493 .

    ([168]) انظر تفسير القرطبي 14/25 .

    ([169]) المصدر السابق 14/55 .

    ([170]) المصدر السابق .

    ([171]) المصدر السابق .

    ([172])أنظر تفسير الكشاف 3/210. باختصار وتصرف .

    ([175]) أحكام القرآن 3/1499 . وتفسير القرطبي 14/100 .

    ([176]) تفسير القرطبي 14/128 ، 129 .

    ([177]) أحكام القرآن لابن العربي 3/1510 .

    ([178]) المصدر السابق 3/1512 .


    { فهرس المراجع }

    الكتب :

    ( أ )

    -       القرآن الكريم .

    -       أحكام الأضحية والذكاة ، محمد بن صالح العثيمين ، دار النصر ، شبرا – مصر .

    -  أحكام القرآن ، أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي ، تحقيق : علي محمد البجاوي ، دار المعرفة ، بيروت – لبنان .

    -  أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، محمد الأمين بن محمد المختار الجنكي الشنقيطي ، طبع على نفقة الأمير أحمد بن عبد العزيز .

    ( ت )

    -       تفسير القرآن العظيم ، الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي ، دار المعرفة ، بيروت – لبنان 1403هـ .

    -       التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ، الحافظ يوسف بن عبد الله بن عبد البر ، بدون .

    ( ج )

    -       جامع البيان في تأويل آي القرآن ، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 1412هـ .

    -       الجامع لأحكام القرآن ، أبو عبد الله محمد بن احمد الأنصاري القرطبي ، تصحيح : احمد البردوني ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت – لبنان .

    ( ز )

    -       زاد المستنقع في اختصار المقنع ، موسى بن أحمد الحجاوي ، المطبعة السلفية ، الطبعة التاسعة ، 1400هـ .

    -  زاد المعاد في هدي خير العباد ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية ، تحقيق وتخريج : شعيب وعبد القادر الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة .

     ( س )

    -  سير أعلام النبلاء ، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق جماعة بإشراف وتخريج : شعيب الارنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، بيروت – لبنان ، الطبعة الرابعة 1406هـ .

    ( ص )

    -       صحيح البخاري ، بعناية مصطفى ديب البغا ، دار القلم ، بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 1401هـ .

    -       صحيح مسلم ، توزيع دار الإفتاء الرياض .

    -       صحيح مسلم بشرح النووي ، دار الفكر .

    -       صفوة التفاسير ، محمد بن علي الصابوني ، دار القرآن ، بيروت – لبنان ، 1401هـ .

    ( ض )

    -       ضعيف الجامع الصغير وزيادته ، محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، الطبعة الثانية 1399هـ .

    ( ف )

    -       في ظلال القرآن ، سيد قطب ، دار الشروق ، الطبعة التاسعة 1400هـ .

                                           ( ق )

    -       قادة الفكر الإسلامي عبر القرون ، عبد الله سعد الرويشد ، الناشر : رابطة الأدب الحديث .

    ( ك )

    - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري ، تخريج : ابن حجر العسقلاني ، وحاشية المرزوقي ...، دار المعرفة ، بيروت – لبنان .

    ( م )

    -  المدونة الكبرى ، الإمام مالك بن أنس ، رواية الإمام سحنون التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم ، دار الفكر ، بيروت 1398هـ .

    -       - الموطأ ، مالك بن أنس ، بعناية محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت – لبنان .

     

    الدوريات :

        جريدة المدينة ، العدد 9256 .

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     
     

     

     

         

    كلمات مفتاحية  :
    تفسير

    تعليقات الزوار ()