بتـــــاريخ : 5/29/2008 7:24:53 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1009 0


    تربية اليتيم بين الحنان والحزم

    الناقل : heba | العمر :42 | المصدر : www.islammemo.cc

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة طفل

    لا يكاد أحدنا يرى طفلاً يتيماً إلا ويرق له قلبه وتنبعث بداخله رغبة صادقة فى مساندته والبذل له، تأثراً بما ألمّ به من مصيبة اليتم وفقد العائل، وقد نتفاعل بما يسمح به الموقف مع اليتيم فى صورة عطاء مادى أو ضمة حانية أو مسحة على رأسه...إلى هذا الحد تسير الأمور بشكلها الطبيعى الذى أراده الله تعالى منّا: طفل يتيم ومسلم كبير يحنو عليه ويحاول أن يجبر ذلك الإنكسار اللازم فى قلبه فى موقف عابر أو متعمد ولكنه غير دائم، أما إذا أسعد الله بيتاً من بيوت المسلمين بنشأة يتيم أو أكثر ليقيم ويتربى فيه فإن المسئولية تصير كبيرة على كافل اليتيم ومربيه.

    وذلك لأن المربى القائم بأمر اليتيم- سواء كان من قرابته أو مسؤول دار الأيتام- عليه أن يحقق فى تربيته المعادلة الصعبة والتى تتمثل فى الجمع بين الحنان والحزم، فالطفل اليتيم لا يحتاج إلى توفير الإشباع المادى والعاطفي والإحساس بالأمن فقط، ولكنه يحتاج –فى الوقت نفسه- للتوجيه والتهذيب والتربية الحازمة المنضبطة , التي تجعل منه شخصية سوية يتمكن بها من التوافق الاجتماعي الجيد والعيش بصورة طبيعية وسط أقرانه .

    إنّ مصيبة اليُتْم التي ابتلي بها هذا الطفل لا تعد مبرراً للتوسع في تدليله وعدم الحزم معه للحد الذى يفسده، بل يعامل مثل أي طفل بتوازن واعتدال حتى تستقيم نفسه ولا يتولد عنده شعور بأن الإبتلاء  باليتم أصبح ميزة تكفل له التدليل والتساهل في التربية ممن يحيطون به أو ممن يقوم على أمره.

    فهناك فرق بين الترفق باليتيم والإحسان إليه، وعدم التعامل معه بالقسوة أو الإهانة - وهو الأصل الذى أمرنا الله تعالى به فى معاملة اليتيم- وبين تنشئته على التدليل، والتراخي فى أمره ونهيه، أوعدم زجره عن الأخطاء التي قد يقع فيها أثناء طفولته.

    وهناك عدة نقاط فى تربية الطفل اليتيم نحب أن نركز عليها، لكى تتكامل عناصر التربية اللازمة له:

    1- الأصل هو الرفق باليتيم :

    لأن اليتيم بعد أن فقد أباه، يشعر بالضعف وفقدان عناصر القوة والأمان , كما أنه يفقد المصدر الحقيقي للحنان , ولذا حث الإسلام على إشباع هذا الجانب لدى اليتيم من خلال الأجر المترتب على الإحسان العملى إليه ورتب الأجر العظيم لكل من يسدي المعروف إليه فجعله كالجهاد فى سبيل الله، قال صلى الله عليه وسلم :"الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله".

    كما جاءت الآيات الشريفات تحذر من القسوة عليه فى قوله تعالى: :" فأما اليتيم فلا تقهر"،إنه درس بليغ في التحذير من قهر اليتيم، فلماذا هذا التحذير والآية الكريمة تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاه أن يقهر يتيماً، أو يقطب جبينه في وجهه؟ إنه خطاب للأمة بأسرها، يتجلى فيه حفظ الله تعالى لمشاعر اليتيم حيث يحرّج من قهره، ويجعل-فى آيات أخرى- التعامل الغليظ مع اليتيم قرين التكذيب باليوم الآخر، قال تعالى: "أرأيت الذى يكذّب بالدين، فذلك الذى يدعُّ اليتيم".

    إذن فهو توجيهٌ لمن يرعاه أن يكون اليد الرقيقة التي تحنو عليه، وتمسح على رأسه لتزيل عنه غبار اليتم، وتضفي عليه هالة من العطف، والحنان، ثم يحذر من قهره والقسوة عليه، ثم يشنّع على من يفعل ذلك، ويجعل قهر اليتيم علامة على الخلل فى إيمانه.

    2- التربية الراشدة :

    تأديب الطفل اليتيم من صميم الإحسان إليه، ولا تكتمل تربيته إلا بتأديبه وتهذيبه، فلا يكون التساهل فى وضع الضوابط للطفل اليتيم وإلزامه بها أبداً هو المرادف الصحيح للإحسان إليه.

     إن من حق اليتيم أن يتلقى حظه من التربية المتوازنة السليمة، لأن اليتيم غالباً يعامل معاملة فيها تساهل وإفساد والواجب معاملته كالابن تماماً في التربية والتقويم

    والسنة النبوية المباركة وتطبيقات الصحابة الكرام عليهم رضوان الله تعالى عامرة بالنماذج التي تبرهن على تكامل رؤيتهم لتربية اليتيم بحسن تأديبه وتهذيبه كالولد تماماً، فقد أشار السلف الصالح إلى تأديب اليتيم بالضرب، رغم عنايتهم الفائقة به، فقد سئل ابن سيرين عن ضرب اليتيم، فقال: " اصنع به ما تصنع بولدك، اضربه ما تضرب ولدك" رواه البخاري، وقد قال العلماء: " اليتيم يؤدب ويُضرب ضرباً خفيفاً " .

    وفي هذه الآثار دلالة على جواز تأديب اليتيم بالعقاب العادل؛ وقد لوحظ تردد الكثير ممن يقومون بترنية الأيتام فى توجيه العقاب المناسب لهم ردعاً وزجراً عن الخطا،وذلك خشية الوقوع في الإثم، فهم يظنون عدم جواز ذلك، وقد تبين لنا أن العقاب من خلال الآثار السابقة جائز ما دام عادلاً ومنضبطاً. فاليتم الذي ابتلى به هذا الطفل لا يعد مبرراً للتوسع في تدليله وعدم الحزم معه في مواطن الحزم، بل يعامل من هذا الجانب مثل أي طفل حتى تستقيم نفسه ولا يتولد عنده شعور بأن يتمه أصبح ميزة تكفل له التدليل والتساهل في التربية ممن يحيطون به أو ممن يقوم على أمره.

    3-التوازن فى كل جوانب التربية:

    ومن ذلك إتاحة الفرصة له ليختلط بالأطفال الآخرين إذا كان وحيداً وعدم إبداء القلق عليه وعدم التدخل الدائم في أموره،كل ذلك فى إطار الرقابة والمتابعة الأسرية له، وبهذا تساعده لينضج عقليا واجتماعيا، ولا يشعر أن لديه علة أو سبب يجعله أقل من أقرانه.

    وأخيراً..ليعلم جيداً كل من أسعده الله تعالى بكفالة اليتيم وتربيته أن الجزاء من جنس العمل وهذه قاعدة ربانية ليس لها شواذ، فلا يعلم أحدنا متى يحين أجله ومن الذى سيربى أبناؤه؟ فمن اتقى الله وأحسن إلى يتيمٍ تحت ولايته،ثمّ وافاه أجله؛ فإنّ الله تعالى مخلفٌ أبنائه الأيتام من يقوم على أمرهم ويتقي الله فيهم وإن عاش وطال عمره لحقته وذريته بركة عمله،ونال بشارة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بسبابته والوسطى ".

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة طفل

    تعليقات الزوار ()