بتـــــاريخ : 9/10/2008 5:15:04 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1380 0


    تجليات مصرية ...بناة الاهرام مازالوا هنا

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ابن طيبة | المصدر : www.egyptsons.com

    كلمات مفتاحية  :
     
    تجليات مصرية ...بناة الاهرام مازالوا هنا



    أول لمحة للهرم يراها معظم المسافرين مطلين من نافذه السيارة المارة بهم من الإسكندرية و هى لمحه خالية مما يثير الإعجاب أو العجب. فهى لا تبهر المرء كما يحدث عند رؤيتنا لجبال الألب مثلا للمرة الأولى أوعند رؤيتنا للإطار الخارجى لمبنى الأكروبوليس في اثينا عند اقتراب السفينة من الشاطئ. فتلك الأشكال المثلثة الشهيرة تبدو هزيلة وشاحبة ، ومألوفة إلى حد العجز عن إدهاشنا .



    نفس الشىء _ في اعتقادى _ ينطبق على أية لمحة لها من بعيد . أعنى أية لمحة من مكان يبلغ من البعد قدرا لا يسمح لنا برؤيتها فى سياق ما يحيطها من أشياء. فكل خطوة نقترب بها منها يتعاظم معها حجمها باطراد، فنبدأ عند ذلك فقط ندرك كم أنها بعيدة كل البعد عن كل ما هو شائع او مألوف.




    ‏لكن عند_ نبلغ أخيرا حافة الصحراء، ونصعد منحدر الرمال الممتد، و نرتقى الهضبة الصخرية،



    و يرتفع ويتعملق فوق رؤسنا الهرم الأكبر فى كل جلاله هو و كتلته التى تفوق ضخامتها أكثر توقعاتنا إمعانا فى المستحيل، كل هذا يفاجئنا بقدر ما يثير هوسنا ويسلبنا لبنا .



    فتلك الكتلة الهائلة تحجب السماء وخط الأفق، كما تحجب كل الأهرامات الأخرى بل تحجب كل شيء عدا ما تبعثه فينا من رهبة ودهشة وتعجب .



    فى القرن الحادي و العشرين، ستكون فى الأغلب نظرة المسافر الأولي لأهرامات الجيزة من مقعد ضيق في أتوبيس سياحى مكيف الهواء، أو من المقعد الخلفى لسيارة أجرة قاهرية، بينما يصطفق الباب، وتتساب التلاوة القرآنية من مسجل السيارة. إلا أن التأثير الكلى لن يختلف فى الغالب عن الانطباع الذى وصفته مسافرة بريطانية من العصر الفكتورى اسمها اميلما إدواردز منذ ما يزيد عن 130 ‏عاما . خيبة الظن الأولى، الى تضخمها ضجة المرور. الأسراب الكثيفة لبائعى التذكارات، ثم تحولها السريع إلى إعجاب يبلغ حد العجب و الذهول ينمو ويتضخم باطراد إزاء ذلك الجلال المحض للآثار فى حد
    ‏ذاتها .
    ‏إلا أنه برغم الضوضاء والتزاحم فيما يحوطها مباشرة ليست أهرامات الجيزة إنجازا منعزلا _هائما فى صحراء حضارية. فمثلها مثل كل الآثار فائقة الروعة لمصرالقديمة، هي ببساطة تجليات أولى لمجتمع حى وخلاق، وهو نفس المجتمع الذي مازال يعيش قدرا شديدا الغنى. و مليئا بالصراع عند سفحها . لذلك حين يزور الأهرامات الوافدين متجاهلين جيرانها المعاصرين فإنهم لا يفوتهم _ فحسب_ الكثير من العمق الإنسانى، بل إنهم أيضا يتجاهلوا تراثا متصلا لم ينقطع مازال يربط حاضر الأمة بماضيها البعيد .
    يسكن مصر أكثر من مائة هرم، انهار عديد منها أو اختفى منذ زمن بعيد ، تاركة مجرد أثر طفيف على الرمال لوجودها فيما مضى. و الصور الفوتوغرافية فى هذاا الموضوع هي لأهرامات استطاعت ان تصمد فى وجه النهب وعواصف الرمال ونهش الزمن ولم تزل واقفة.
    ‏الصحراء الوحيدة فى مصر هي تلك الى تصنعها الرمال والريح والنجوم، كل ما عدا ذلك فى مصر وناسها يحفل بحيوية زاهية عارمة لا يمكن كبتها . فحين تتأمل جيدا الظل المرسوم لفخرانى عاكف علن عجلته يصنع (قلة)، أو الخطوة المختالة لخيال يستوي دون سرج على فرسه، أو تلك اللمعة فى عين مراكبى يساعدك على ركوب قاربه، ربما تلمح ساعتها أسلافنا الغائبين إلا أننا شديدو الحضور . سيتى و رمسيس، و المقاتلين الذين طردوا الهكسوس من الدلتا، وخنوم. ذلك الإله الذي برأ البشرية من الطين بيديه العاريتين، أو رع إله الشمس الذي كان يعبر السماء بمركبه كل يوم، والذي كرس له العديد من ملوك مصر أكثر اثارهم بقاء . الأهرا مات
    اقول هذا التشابه بين هؤلاء البسطاء و بين ما تراه من رسومات لوجوه لملوك عظام او مغمورين قد يصيبك بالدهشة و الانبهار فكيف ظلت هذه الملامح هي هي من الاف السنين
    لا يغرنك هذه النظرات المنكسرة الان في عيون اغلبية شعب يطحنه الغلاء و شظف العيش و السعي وراء الرزق ليل نهار فاصبحت تلحظ نحوله و زيغ نظراته و لكن دقق في هاتين العينيين الزائغتين و ستجد في اعماقما حضارة مازالت مستمرة و لم تخبوا و لن تخبوا
     

    يا سادة بناة الاهرام مازالوا هنا


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()