بتـــــاريخ : 7/4/2014 4:02:53 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2804 0


    السياسة الضريبية و أثرها على النشاط الاقتصادي

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : Doct-ML | المصدر : www.shababdz.com

    كلمات مفتاحية  :
    السياسة الضريبية النشاط الإقتصادي

    http://ec.europa.eu/taxation_customs/resources/images/coins.jpg
    مقدمـــة:

    لاشـك أن الضرائب في العصور الحديثة تشكل أهم مصادر الإيرادات في الميزانية العامة و التي غالبا ما تخصص لتغطية أوجه الاتفـاق المتزايدة و الوفاء بـمقتضيات السياسات الـمالية الحكومية في الـمجالات الاقتصادية و الاجتماعية.
    و لقد عرفت الضرائب منذ القديم حيث شيد الفراعنة في مصر نظام ضرائب خاصا بهم، و قسمت الضرائب إلى ضرائب مباشرة و أخرى غير مباشرة، شملت الأولى التراث و الدخول العقارية و المنقولة. و شملت الثانية الضرائب الحكومية.
    و لقد وضعت الدولة الرومانية نظام للضرائب موسعا و دقيقا حيث شملت الضرائب المباشرة، و ضريبة الأرض و ضريبة رؤوس الأموال و ضريبة المنازل و ضريبة المواشي و غيرها، بحيث شملت الضرائب غير مباشرة ما يلي: ضريبة المبيعات و ضريبة نقل البضائع و الأشخاص و ضريبة الرقيق و ضريبة تسجيل العقود و غيرها.
    إلا أن اندثار الدولة الرومانية و حلول عهد الإقطاع أدى إلى اضمحلال أهمية الضرائب نظرا لاختلاط مالية الحاكم بمالية الدولة و لكن على إثر استعاد الملكية لهيبتها في أوربا في القرن الحادي عشر عادت أهمية الضرائب و كانت في شكل إعانات دائمة و ينظر إليها كمظهر من مظاهر السيادة. و في القرنين السادس عشر و السابع عشر، تحدد نظام واضح للضرائب يخول للمالك فرضها و تحديد وعائها تعبيرا عن سلطته المطلقة و حقه الإلهي في الحكم.
    و لكن مع ظهور الأفكار التحررية في القرن الثامن عشر تحدد نظام جديد للضرائب تحددت فيه سلطة الـملك، و اقتضى موافقة مـجلس مـمثلي الشعب على فرض ضرائب جديدة على أن اهتمام الفكر الـمالي الحديث بـموضوع الضرائب سببه خطورة الالتزام الضريبي و أثاره الاقتصادية و الاجتماعيـــة و السياسية و في جميع مـجالات الإنتاج و الاستهلاك و التوزيع و الدخول فالضرائب تدعم سلطة الدولة في التدخل في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للأفراد، مـما حدى بالفكر المالي الحديث إلى دراسة و مناقشة جميع القواعد المتعلقة بنظام الضرائب.
    و سواء من حيث فرضيتها، أو مشروعيتها، أو نسبها أو تحصيلها فوضع نظريات خاصة لقواعد فرض الضريبة، و نسبها إلى المقابل من الخدمات التي تقدمها الدولة للأفراد و إلى نظرية سيــادة الدولة على أرضها و سكانا يدفعونها كواجب وطني و ليس على سبيل المعونة.

    المبجث الأول:مفهوم السياسة الضريبية
    و لما كان النظام الضريـبي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة الضريبية للمجتمع حيث أنه صياغـــة فنية لها و يصمم من أجل تنفيذ أهدافها ينبغي علينا أن نتعرف على ماهية السياسة الضريبية.
    تعد السياسة الضريبية للمجتمع جزء من سياسته الاقتصادية و هي مـجموعة البرامج التي تخططها الحكومة و تنفيذها عن عمد مستخدمة فيها كافة الأدوات الضريبية الفعلية و المحتملة لإحداث أثار معينة و تجنب أثار أخرى تتواءم مع أهداف المجتمع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و يتضح من هذا التعريف أن السياسة الضريبية تتسم بما يلي:
    1. أنها مجموعة متكاملة من البرامج تسود بين مكوناتها علاقات الترابط.
    2. أنها تعتمد على الأدوات الضريبية الفعلية و المحتملة و البرامج المتكاملة معها كالحواجز الضريبية التي تمنعها الدولة لأنشطة اقتصادية معينة بهدف تشجيعها.
    3. أنها جزء مهم من السياسة الاقتصادية للمجتمع و تسعى إلى تحقيق نفس أهدافها.
    و أخيرا لـما كان النظام الضريـبي من الناحية الفنية يتكون من مـجموعة الضرائب المختلفة) على الدخل و على الإنفاق و غيرها( و من ثم فإن الضريبة هي وحدة بناء ذلك النظام و كان لابد من أجل التسلسل المنطقي للموضوعات التعرض لمفهوم الضريبة


    المبحث الثاني: مفهوم الضريبة و اثارها
    المطلب الأول: مفهوم الضريبة
    يعرف الفكر المالي الحديث الضريبة بأنها: فريضة مالية تقتطعها الدولة أو من ينوب عنها من أشخاص العامة أو الأفراد جبرا، و بصفة نـهائية دون أن يقابلـها نفع معين تفرضها طبقا للمقدرة التكليفية للشخص و تستخدمها لتغطية النفقات العامة و الوفاء بمقتضيات السياسة المالية العامة للدولة.
    و بتحليل مكونات الضريبة و أركانها يـمكننا تبيان موقع الضريبة في الفكر الإسلامي بالنسبة للفكر المعاصر و نظرة إلى التعريف السابق يمكننا حصر هذه الأركان و العناصر في:
    أولا: إن الضريبة فريضة مالية يدفعها المكلف على سبيل الوجود و بصورة اقتطاع مالي أو مبلغ مالي يقتطعه من ماله الخاص إما بصورة نقدية أو بصورة عينية.


    و إذا كانت الضريبة في العصور القديمة غالبا ما تجبى بصورة عينية إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للعصور الحديثة حيث أن تطور الأنظمة و المفاهيم الاقتصادية كشف الكثير من العيوب لدفع الضريبة العينية: كارتفاع تكلفة التحصيل و النقل و التخزين و الصيانة...الخ، و كعدم قدرة هذا السداد على الإحاطة بجميع أنواع الضرائب استحالة التوصيل العيني للكثير من الدخول و تنافيه لمبدأ العدالة الضريبية، و عجزه عن تغطية متطلبات الإنفاق النقدي السائد حاليا، و تعارضه مع جدية الدولة عن التدخل، و غير ذلك من العيوب ; بما أدى إلى تعميق و استقرار المفهوم النقدي للضريبة.
    و مع ذلك فإن هناك بعض التشريعات المالية لا تزال تأخذ بالفريضة الضريبية العينية، كالمجالس المحلية في فرنسا في صورة ساعات من العمل لتحسين بعض الطرق و الممرات الزراعية تحصلها من الأفراد.

    المطلب الثاني: الأثار الاقتصادية للضرائب

    ولهذا يهمنا بحث آثر الضرائب في الحياة الاقتصادية أي في الكميات الاقتصادية الرئيسية وهي الاستهلاك والأدخار والإنتاج وتعرض أثر الضرائب في توزيع الدخل القومي والذي يشكل الآثار الاجتماعية للضريبة
    وتنحصر دراستنا للآثار الاقتصادية في أربع مجالات رئيسية هم :
    1- أثار الضرائب في مجال الإنتاج
    2- أثار الضرائب في مجال التوزيع ومستوى الدخل القومي
    3- أثار الضرائب على توزيع الدخل القومي
    4- أثار أخرى للضرائب
    أولا: آثار الضرائب في مجال الإنتاج:
    يقول بعض الاقتصاديين بأن الضرائب تؤدي إلى تحريك نشاط الأفراد وتدفعهم نحو زيادة الإنتاج حتى إذا كان عبؤها ثقيلا وذلك لكي يعرضوا النقص الذي حصل في دخولهم بعد دفع الضرائب بينما يقول البعض الآخر بأن الضرائب تؤدي إلى شل نشاط الأفراد وتضعف من قوة إنتاجهم وتعرقل التقدم الاقتصادي خاصة إذا كانت ثقيلة
    غير أنه من المؤكد أن الضريبة تؤثر على حجم الإنتاج وعلى شكله من خلال تأثيرها في كل من العمل ، الاستهلاك ، الادخار ، الاستثمار ، الاثمان ، نفقة الإنتاج وحجم المشروعات ، التوزيع وحجم التداول النقدي وقرارات المنظمين وتحركات رؤوس الأموال الأجنبية .... الخ
    وتشتمل دراسة آثر الضرائب في الإنتاج الموضوعين الاتيين :
    1- أثر الضرائب على الإنتاج القومي
    2- أثر الضرائب على هيكل الإنتاج
    أما الموضوع الأول : أثر الضرائب على الإنتاج القومي فيمكننا تتبع أثرها في :
    1- مقدرة الأفراد على العمل والادخار والاستثمار
    2- رغبة الأفراد في العمل والادخار والاستثمار
    3- تأثير الضرائب في تنقل عوامل الإنتاج ( شكل الإنتاج
    4- تأثير الضرائب على الاستهلاك
    5- تأثير الضرائب على الإثمان
    6- تأثير الضرائب على حجم المشروعات
    7- الآثار الحمائية للضرائب
    8- أثر الضرائب على تنقلات رؤوس الأموال الأجنبية
    9- أثر الضرائب في تحقيق مستويات عالية من التوظف

    أما الموضوع الثاني : وهو أثر الضرائب على الهيكل الإنتاجي أو النمط الإنتاجي فيمكننا تتبع أثرها على :
    تحول الموارد الاقتصادية إلى آخر أو من موطن إلى آخر
    الموضوع الأول: أثر الضرائب على الإنتاج القومي:
    لا شك أن الضريبة تؤثر على مقدرة الأفراد على العمل ورغبتهم فيه وانتقال عناصر الإنتاج من فرع إلى آخر
    1-آثار الضرائب في المقدرة على العمل والادخار والاستثمار:
    تقتطع الضرائب ولا شك جزءا من دخول الأفراد ولذلك فهي تقلل من مقدرتهم على العمل نتيجة للنقص الذي يحدث في كفاءتهم الإنتاجية إذا ما حرموا من استهلاك جزء من الكمية التي كانوا يحصلون عليها من ضروريات الحياة قبل فرض الضريبة أو عجزوا عن دفع نفقات تعليم أبنائهم مما يقلل من الكفاءة الإنتاجية للأجيال الحاضرة والمقبلة معا وقد أدى هذا الاعتبار بمعظم التشريعات إلى تقرير إعفاءات مراعاة للحد الأدنى اللازم للمعيشة والأعباء العائلية في مجال ضرائب الدخل وإلى الامتناع عن فرض ضرائب الاستهلاك على السلع الضرورية كما تستطيع الدولة أن تخفف من هذا الأثر عندما تتولى تقدير خدمات مجانية كالعلاج والتعليم للطبقة العاملة وتخفيف الضرائب المباشرة على الدخول الصغيرة والضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات الضرورية
    وفيما يتعلق بالقدرة على الادخار كلنا يعرف أن الأفراد يوزعوا دخولهم بين الاستهلاك والادخار والذي يتوقف بدوره على الميل للاستهلاك وعلى حجم الدخل وتؤثر الضرائب في كل من الاستهلاك والادخار من خلال تأثيرها على كل من الميل للاستهلاك وحجم الدخل ومن المعروف كقاعدة عامة أن انخفاض الدخل يؤدي إلى خفض الادخار بنسبة أكبر من نسبة خفض الاستهلاك وذلك لأن أسباب الادخار لا تكتسب قوة حقيقية إلا بعد أن يكون الفرد قد حقق مستوى معينا من الإشباع أي من الاستهلاك فإن الضرائب على الدخول العالمية التي كان أصحابها يدخروا جزءا كبيرا منها تقلل من قدرة هؤلاء على الادخار أما الضرائب على الدخول الصغيرة التي لا يملك أصحابها أصلا فائضا فإنها لا تؤثر على مقدرتهم على الادخار
    ومع ذلك يمكن أن نتوقع حدوث نتائج عكس ما سبق إذا أصر الأشخاص على الادخار بمبالغ معينة في جميع الأحوال فيلجأون في هذه الحالة لخفض استهلاكهم أو زيادة مجهوداتهم لزيادة دخلهم وتعويض ما أصابه من نقص
    ويمكننا أن نتوقع زيادة الادخار نتيجة لفرض بعض الضرائب التي تحد من الاستهلاك لبعض السلع كالضرائب الجمركية والضرائب على الإنفاق
    ولكن نجد أن الضرائب المرتفعة على دخول الطبقة الفنية ترتب عليها انخفاض مجموع الادخار القومي لذلك نجد تعارضنا بين الرغبة في تحقيق العدالة الضريبية والرغبة في تشجيع الادخار في الدول النامية التي تنشد التقدم والتي تكون في حاجة كبيرة إلى المزيد من المدخرات
    ولكن لا يفوتنا أن نشير إلى أنه لو فرضنا ضريبة على الدخول العالية فقد لا يؤدي بالضرورة إلى تقليل مجموع المدخرات في الدولة ذلك لأنه إذا ما أنفقت الدولة حصيلة هذه الضريبة على المشروعات الإنتاجية والخدمات العامة مما يعود بالنفع على الطبقات العاملة والمتوسطة بالذات فإنه سرعان ما يدب النشاط في المجتمع الاقتصادي وتزداد دخول هذه الطبقات وتزداد مقدرتهم على الادخار بالتالي
    وإذا اتجه نظام الضرائب نحو التحول من ضرائب على الاستهلاك وضرائب على رأس المال وضرائب على دخل رأس المال فإنه سيؤدي إلى انخفاض الادخار ويحدث العكس عند فرض الضرائب غير المباشرة التي تفوض على السلع الكمالية فإنها تؤدي إلى انخفاض الادخار ويحدث العكس عند فرض الضرائب غير المباشرة التي تفوض على السلع الكمالية فإنها تؤدي إلى التقليل من استهلاكها وبذلك يفيض قسم من دخول الأفراد كان مخصصا لشرائها فقامت هذه الضريبة بدور العامل المشحع على الادخار وزيادته
    2-أثار الضرائب في الرغبة في العمل والادخار والاستثمار:
    يتوقف أثر الضريبة في رغبة الأفراد في العمل والادخار على أمرين :
    أ-مرونة الطلب على الدخل:
    حيث يوازن الفرد عادة بين المنفعة التي تعود عليه بحصوله على وحدة من الدخل وبين ثمن هذه الوحدة مقدرا بمشقة الجهد أو التضحية التي يتحملها في هذا السبيل بمعنى آخر هو يوازن بين منفعة الدخل الحدية ومشقة الجهد الحدية فإذا كان طلب الأفراد على الدخل غير مرن أي إذا كانوا يرغبون في الحصول على نفس الدخل مهما كان الجهد الذي يبذل للحصول عليه فإن الضريبة تؤدي في بادىء الأمر إلى إنقاص دخلهم ثم تدفعهم إلى مضاعفة جهودهم حتى يصل الدخل من جديد إلى مستواه القديم
    أما إذا كان طلب الأفراد على الدخل مرنا أي وسعهم التغاضي عما تقتطعه الضريبة من دخولهم أما لأن لديهم فائضا أو لآنهم يستطيعون العيش بما يتبقى لديهم من دخل حتى إذا ترتب رغبتهم في العمل والأدخار والواقع أن الطلب على الدخل قليل المرونة والجدير بالذكر أن كثيرا من الأفراد مرتبطون بنفقات ثابتة ( كإيجار منزل أو نفقات تعليم أو أقساط تأمين .... الخ ) كما أنهم يعولون أسرة كبيرة وليس لديهم فائض ويرغبون في الادخار ويرغبون في الادخار للوصول مستقبلا إلى هدف معين مع تمسكهم بمستوى معيشي معين لا يحيدون عنه لهذا نجد أن طلب كثير من الأفراد على الدخل غير مرن وبالتالي فإن رغبتهم في العمل لا تقل بل تزيد بفرض الضرائب
    ب-طبيعة الضريبة: هناك أنواع من الضرائب تحفز الأفراد عادة على مضاعفة نشاطهم الإنتاجي مثل الضريبة على كسب العمل وهناك أنواع أخرى من الضرائب لا تؤثر بتاتا على رغبة الأفراد في العمل والإدخار مثل الضرائب على الأرباح القدرية والضرائب على الأرباح الاستثنائية وبعض ضرائب الاحتكار طالما أنها لا تحثه على تغيير حجم الإنتاج أو أسعار البيع كذلك بالنسبة لضريبة التركات فهي لا تقلل من رغبة الموروث في العمل والادخار إذا علم أن جزءا من أمواله سوف لا تتمتع به عائلته من بعده وإنما يحفزه على مضاعفة جهده كي يترك لورثته أكبر قدر من الثروة تأمينا لمستقبلهم كذلك الحال بالنسبة للوارث فإن أثر ضريبة التركات يختلف باختلاف معدلها فإذا كان الضريبة كبيرة فإن الوارث لا يعتمد على التركة مما يدفعه إلى بذل الجهد ومضاعفة العمل وإذا كانت الضريبة صغيرة فإنه قد يعتمد على تركه مورثه ويقلل من رغبته في العمل والادخار
    كذلك تؤثر بعض الضرائب في إجراء تغيير على الطرق المتبعة في استثمار الأموال المدخرة فإذا فرضت ضريبة على الأموال المودعة في الحسابات الجارية لدى البنوك فإنها قد تؤدي إلى استثمارها في مشروعات انتاجية وإذا فرضت ضريبة على الأرباح غير الموزعة لدى شركات المساهمة بصورة يكون سعرها أعلى من سعر الضريبة على أرباح الأسهم فإنها ستؤدي إلى اتجاه هذه الشركات نحو تقليل الأسواق الاحتياطية لديها مما يترتب عليه تحويل هذه الأموال الاحتياطية من الاستثمار المعتاد في مجالها الخاص إلى الاستثمار في مجالات أخرى من الاقتصاد القومي
    كذلك تؤثر ضريبة الدخل العام الضريبة على الإيراد العام بما فيه الادخار تأثيرا سيئا على حافز العمل بدرجة أكبر من تأثير الضريبة المفروضة على السلع وتقع أساسا على الإنفاق دون الإدخار
    وفيما يتعلق بتأثير الضرائب على الاستثمار فإن الضرائب تؤثر على العناصر المحددة للاستثمار وأهمها معدل الربح فيزيد الميل للاستثمار مع زيادة فرص الربح ومعدلاته وينحفض مع انخفاضها
    كما يمكن أن تؤدي الضرائب على الدخل خاصة التصاعدية منها إلى خفض الاستثمارات بصورة مباشرة كذلك يمكن أن تؤدي ضرائب الاستهلاك إلى تخفيض الطلب على المنتجات مما قد ينتج عنه انخفاض الاستثمار وفي هذه الحالة يظهر خفض الاستثمار كأثر غير مباشر للضريبة ولهذا يمكن للدولة أن توجه سياستها الضريبية نحو توجيه رؤوس الأموال إلى أوجه النشاط المرغوبة وذلك بتخفيف العبء الضريبي عنها وخاصة بالنسبة للاستثمارات الجديدة مما يدفع المنتجين إلى القيام بهذه الاستثمارات الجديدة لتخفيض نفقة الإنتاج أو تحسين الانتاجية او زيادة الإنتاج وذلك لتعويض الاقتطاع الضريبي فيمكن للدولة مثلا أن تعفى من الضريبة الاستثمارات التي تريد تشجيعها أو أن تخفض سعرها عليها


    تأثير الضرائب على تنقل عوامل الإنتاج ( شكل الإنتاج ) :
    معروف أن الموارد الاقتصادية تسعى دائما إلى التنقل حيث يمكن استغلالها في أكثر الوجوه ربحية فإذا فرضت ضريبة على نوع معين من الاستغلال فإنه سرعان ما تأخذ عوامل الإنتاج في التحول إلى نوع آخر من النشاط الاقتصادي تقل فيه وطأة الضريبة هذا على فرض سهولة انتقال عناصر الإنتاج من فرع إلى آخر لأن امكانية هذا الإنتقال على توفر الخبرة لدى المنظمين بشئون الإنتاج في هذا المجال
    وقد يتعذر مثل هذا التنقل في بعض الحالات فالمصانع والمباني التي شيدت في جهة ما قد يستحيل نقلها إلى جهة أخرى أو تحويلها إلى نوع آخر من الإنتاج والعمال الذين تخصصوا في عمل معين قد لايستطيعون الاتجاه إلى عمل آخر
    أما موارد الإنتاج الجديدة المعدة للاستثمار فهي التي تستطيع أن تحول اتجاهها بسهولة من الأوجه التي تصيبها الضريبة إلى أوجه أخرى تعفي فيها الضريبة أو تخف وطأتها حيث يملك أصحابها حرية توجيهها إلى فروع الإنتاج التي يرغبون فيها
    والواقع أن الضريبة التي لا تسبب تحولا في موارد الإنتاج هي الضريبة التي تفرض بالتساوي على جميع أنواع استعمالات هذه الموارد
    وتؤثر الضرائب على الإنتاج عن طريق التأثير في عرض وطلب رؤوس الأموال الإنتاجية كذلك لأن عروض رؤوس الأموال هذه يتوقف على حجم الادخار الذي يتبعه الاستثمار ولما كانت الضرائب تقلل من دخول الأفراد قلة الإدخار وبالتالي انخفاض في رؤوس الأموال فعلى سبيل المثال يظهر هذا الآثر بوضوح بالنسبة للضرائب المباشرة خاصة إذا كان سعرها تصاعديا لأنها تصيب دخل الطبقة الغنية أما أثر الضرائب غير المباشرة فإن أثرها المباشر ينحصر في نقص الاستهلاك فإنه يؤدي كذلك إلى نقص في الإنتاج إلا أنه يمكن أن ينشأ ادخار جماعي تحققه الدولة عن طريق فائض في الميزانية العامة
    أما طلب رؤوس الأموال الإنتاجية فإنه يتوقف على فرص الربح التي تتوفر لرجال الأعمال فيقل طلبهم على رؤوس الأموال إذا كان فرض الضريبة ترتب عليه قلة في الربح ولكن قد يقوم بتعويض طلب المشروعات التي أصبح الطلب على ما تنتجه من سلع يتزايد بصورة مستمرة نظرا لما تنفقه الدولة من حصيلة الضرائب في هذا المجال كذلك تؤثر الضرائب في الإنتاج كنتيجة تبعية لتأثيرها في الاستهلاك فإذا نشأ عن الضرائب نقص في الاستهلاك فلابد أن يؤدي ذلك إلى نقص في الإنتاج
    هذا وكثيرا ما تترتب على تنقل عوامل الإنتاج فوائد عظيمة فالضريبة على إنتاج المشروبات الروحية لها آثار بعيدة المدى من حيث الحد من استهلاكها وارتفاع مستوى الصحة العامة وزيادة كفاية القوى الإنتاجية كما أنه كثيرا ما ينتج عن هذا التحول أضرار كبيرة كما لو فرضت على صناعة البناء ضريبة فقلت من الإقبال على المباني الجديدة وأحدثت أزمة سكنية يترتب عليها آثار اجتماعية وصحية وخلقية وخيمة
    4-تأثير الضرائب على الاستهلاك:
    يتوقف الاستهلاك على عاملين هما حجم الدخل والميل للاستهلاك ولما كان الادخار هو الجزء الذي لم يستهلك من الدخل وعلى ذلك فإن الادخار يتوقف على حجم الدخل وعلى الميل للادخار ولهذا إذا أردنا أن نبين آثر الضرائب في الاستهلاك وفي الادخار يجب أن نتبين آثر الضرائب في الدخل وفي الميل للاستهلاك
    ومن المعلوم أن الضرائب تؤثر في الاستهلاك بصفة مباشرة عن طريق إنقاص القوة الشرائية في إيدي الأفراد وبصفة غير مباشرة عن طريق التأثير في الكم الكلي المتاح من سلع وخدمات الاستهلاك علاوة على عدة اعتبارات أخرى تؤثر في نسبة ما ينفق على الاستهلاك من الدخل مثل توزيع المدخرات أسعار الفائدة درجة توافر السلع والخدمات والتكوين السكاني
    ويتوقف مدى تأثير الضرائب في حجم الاستهلاك الكلي والإشباعات الاستهلاكية على نسبة ما تقتطعه الضرائب من دخول الأفراد في الشرائح المختلفة فالضرائب التي تقع على الأفراد في شرائح الدخل الدنيا تعمل على خفض الاستهلاك الخاص بنفس القدر الذي تقتطعه الضرائب تقريبا كما تعمل على إنقاص الاشباعات الفردية والكلية بالتالي أما الضرائب التي تقع على الأفراد من شرائع الدخل العليا قد تعمل على خفض الاستهلاك لكن بمقدار أقل كثيرا من القدر الذي تقتطعه الضرائب بالإضافة إلى الإشباعات الفردية الكلية التي تنقص تكون بمقدارا طفيف نسبيا وواضح أن الفرق بين الحالتين يرجع إلى الجانب الأكبر من المدخرات التي يملكها الفرد في شرائح الدخل العليا
    وهكذا نجد أن استهلاك السلع ذات الطلب المرن تتأثر بسبب فرض الضريبة أكثر من السلع ذات الطلب غير المرن بالإضافة إلى تأثر السلع بمرونة الطلب الخاص بالطبقات التي تصيبها الضريبة – الضرائب المباشرة والغير مباشر من جهة أخرى يتوقف على الوجه الذي تتصرف فيه الدولة بحصيلة الضرائب فإن هي قامت بإنفاق هذه الحصيلة على شراء بعض السلع والخدمات فإن هذا الأنفاق يترتب عليه زيادة في الاستهلاك سوف يعوض النقص الحاصل في الاستهلاك للأفراد أما إذا اتجهت الدولة إلى حجز حصيلة الضريبة عن التداول وتجميدها فسوف ينشأ عن ذلك نقص في الاستهلاك
    ويختلف كذلك أثر الضريبة على الاستهلاك باختلاف الدول أن كانت دولا متقدمة والتي تزيد فيها المدخرات على فرص الاستثمار وينقص فيها الطلب الكلي الفعلي عند المستوى اللازم لتحقيق الاستخدام الكامل فإنه يجب الدولة وضع سياسة ضريبية تؤدي إلى زيادة الطلب على الاستهلاك بإنفاق قسم من حصيلة الضرائب المباشرة على شراء سلع الاستهلاك وتقديم إعانات مالية للعاطلين تمكنهم من شراء الاستهلاك وتنقص فيها المدخرات عن المستوى الذي يتطلبه تمويل مشروعات التنمية لهذا يجب أن توضع السياسة الضريبية فيها بحيث ينتج عنها النقص في الاستهلاك وزيادة في تكوين رأس المال
    ولهذا تستخدم السياسة الضريبية فيمكن تحقيق توسع عام في الاستهلاك والاستثمار معا عن طريق خفض العبء الضريبي على الأفراد الذين ميلهم الحدي للاستهلاك كبير من خلال التقليل ما أمكن من ضرائب ورسوم الإنتاج وغيرها من الضرائب غير المباشرة التي تعمل على خفض الطاقة الشرائية للمجتمع وكذا زيادة الاعتماد على الموارد المستمدة من الضرائب التصاعدية على الدخول والشركات مع إخضاع الدخول المستمدة من الملكية بضرائب أسعارها أشد تصاعدا من أسعار أشد تصاعدا من أسعار الدخول الناجمة من الجهد الإنتاجي الإيجابي وعدم المغالاة كثيرا في الضرائب على الدخل الاستثماري بالإضافة إلى إخضاع الأموال المكتنزة أو العاطلة لضريبة خاصة تعمل على تحقيق معدل عال في سرعة دوران النقود في المجتمع
    5-تأثير الضرائب على الأثمان:
    عند تحليل النظرية النيوكلاسيكية لنقل العبء الضريبي يؤثر الضرائب على الأثمان وذلك يتوقف إلى حد كبير على درجة مرونة العرض والطلب على السلعة الخاضعة للضرية وعلاقة ذلك بالظروف الاقتصادية التي تحيط بالأنتاج
    ولهذا يجب التفريق بين تأثير الضرائب في مجموعها على المستوى العام للآثمان وبين تأثر ضريبة معينة على ثمن سلعة معينة ففي الحالة الأولى الضرائب المفروضة على شرائح الدخل الدنيا تؤدي إلى انخفاض في القوة الشرائية المخصصة للأنفاق على الاستهلاك والضرائب غير المباشرة المفروضة على السلع والخدمات الفردية أو السلع التي يكون استهلاكها شائعا تنقص هي الأخرى من حجم الأنفاق المخصص لاستهلاك السلع والخدمات الأخرى الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض أثمان هذه السلع والخدمات الأخرى إذا كان الإنفاق الحكومي باقية على حاله مما يؤدي إلى انخفاض في المستوى العام الاسعار أما في حالة قيام الحكومة بإنفاق جزء من حصيلة الضرائب على شراء السلع والخدمات فإنه سيؤدي حتما إلى تخفيف أثر الضريبة على انخفاض الأثمان وذلك لأن الإنفاق العام سيعوض النقص الحاصل في الإنفاق الخاص ويؤدي إلى عودة الطلب الكلي إلى مستواه قبل فرض الضريبة ولذلك لا يتحقق اتجاه المستوى العام للأسعار نحو الانخفاض
    أما في الحالة الثانية فيما يتعلق بتأثير ضريبة معينة في ثمن سلعة معينة كالضرائب غير المباشرة التي تفرض على سلع الاستهلاك فإنها تؤدي إلى ارتفاع أسعارها إذا تمكن المنتجون عند توفر ظروف خاصة تتعلق بعرض السلعة والطلب عليها من إضافة مبلغ الضريبة إلى ثمنها أما إذا عجزوا عن ذلك فإن الثمن لا يرتفع بل يبقى كما كان قبل فرض الضريبة
    ويعتقد كثير من الاقتصاديين الماليين وفي مقدمتهم ليرنر أن الضرائب يجب أن ينظر إليها من راويتها الوظيفية الاقتصادية على أنها أداة لتحقيق الاستقرار في مستوى الإنفاق النقدي الكلي ومستوى الإثمان العام بالتالي وأن الضرائب يجب أن تقلل إيراداتها للحد من الإنفاق الخاص والتضخم كما يجب أن تقلل إيراداتها للحد من الهبوط في مستوى الإنفاق النقدي الكلي إذا أريد تحقيق نوع من الاستقرار في مستوى الإثمان العام
    وجملة القول أنه لابد من تتبع أثر الضريبة وانفاق حصيلتها على حجم الدخل المعد للأنفاق على السلع وخدمات الاستهلاك قبل تحديد الآثار النهائية للضريبة على مستوى الأثمان العام
    6-تأثير الضرائب على حجم المشروعات:
    تؤثر الضرائب على حجم المشروعات وعلى أساليب الإنتاج المتبعة فيها فقد تلجأ هذه المشروعات إلى توسيع حجمها كوسيلة لتعويض الضرائب المفروضة عليها وذلك يهدف زيادة الإنتاج واتباع أحدث الأساليب الإنتاجية فتنخفض تكلفة الإنتاج علاوة على اكتساب قوة احتكارية للمشروع قد تمكنه من رفع ثمن البيع كما أن هناك عدة اعتبارات مرتبطة بهذا مثل ظروف الطلب توفر المواد الأولية والأيدي العاملة .... الخ والتي يكون لها تأثيرا ليس محدودا
    وقد تتخذ الدولة بعض الإجراءات الضريبية لتشجيع هذه المشروعات على التركيز مثل إعفاء أي زيادة في قيمة الأصول الناتجة عن الاندماج من الضرائب يجعل هدف المشروعات هو التركز لمجرد التهرب من الضريبة
    7-الآثار الحمائية للضرائب:
    من أمثلتها الضرائب الجمركية والتي تقرر كثير من الدول النامية فرض ضرائب جمركية مرتفعة على السلع المستوردة والتي يكون لها مثيل في الإنتاج المحلي وذلك بسبب اختلاف ظروف الإنتاج بين الدول المختلفة وخاصة من حيث تكاليف الإنتاج فإرتفاع هذه التكاليف بالنسبة للصناعات الوطنية يجعلها غير قادرة على منافسة الإنتاج الاجنبي فيعرض هذه المشروعات للاندثار علاوة على هدفها المالي كأداة هامة لحماية الإنتاج الوطني وعاملا هاما لازدهاره
    8-أثر الضرائب على تنقلات رؤوس الأموال الآجنبية:
    كما نعلم أن رؤوس الأموال تنتقل من بلد لأخر سعيا وراء الربح ولأن الضرائب تعتبر عنصرا مؤثرا على حجم الإرباح فإن انخفاض الضرائب في بلد معينة يجذب رؤوس الأموال إليه والعكس صحيح بل قد يؤدي إلى هجرة رؤوس الأموال الوطنية منه أيضا إذا سمح بذلك
    ولذلك تقرر كثير من الدول النامية في مراحلها الأولي من التنمية معاملات ضريبية ممتازة لأرباح رؤوس الأموال الأجنبية التي تشارك في تحقيق التنمية حيث تجد أن مصلحتها هو جذب هذه الأموال مثل هونج كونج ، سويسرا ، موناكو ... الخ
    9-أثر الضرائب في تحقيق مستويات عالية من التوظف:
    من المعلوم أن حجم العمالة الكلية في المجتمع مرتبط ارتباطا وثيقا بحجم الإنفاق الكلي على الاستثمار والاستهلاك وعلى ذلك فإن أي ضريبة تقلل من الإنفاق الاستثماري أو الإنفاق الاستهلاكي الكلي تعمل على خفض العمالة والأثمان بالتالي فعلى سبيل المثال فإن الضرائب على الأفراد في فئات الدخل الدنيا تعمل على الإقلال من الأنفاق الخاص على السلع والخدمات والضرائب على الأفراد في فئات الدخل العليا فأنها تعمل على الإقلال من المدخرات الخاصة بفرض ثبات المعروض النقدي ورفع أسعار الفائدة التي تؤثر على الأنفاق الاستثماري الخاص بإفتراض بقاء الكفاية الحدية لرأس المال على حالها والذي يؤدي إلى ضغوط في مستوى النشاط الاقتصادي الكلي
    كذلك إذا فرضت الضرائب بأسعار مرتفعة على نواتج صناعة معينة فإنها تقلل من حجم العمالة في هذه الصناعة والضرائب التي تزيد من تكلفة العمل قد تشجع على كثرة استخدام الآلات واحلالها محل العمال
    والجدير بالذكر أن تخفيف العبء الضريبي على الصناعات التي تملكها وتديرها الدولة والتي تتنافس على أساس ثمني مع زميلاتها في القطاع الخاص تعمل على توسيع قاعدة العمال في القطاع العام أما إذا لم يكن القطاع العام مدارا على هذا الأساس فإن تخفيف العبء الضريبي سوف يخفض فقط حجم الإعانة التي يتلقاها القطاع العام من الحكومة دون المساس بمستوى العمالة في القطاع الخاص
    الموضوع الثاني : أثر الضرائب على الهيكل الإنتاجي:
    يمكن القول أن أفضل الضرائب هي تلك التي يتسبب عنها أقل تحول ممكن من الموارد الاقتصادية فعلى سبيل المثال الضريبة الاستثنائية على الثروات والدخول الطارئة ، الضريبة على الزيادة في قيمة الأراضي ، والتي يتسبب عنها أقل تحول ممكن في الموارد الاقتصادية

    وعادة يحدث التحول للموارد الاقتصادية على سبيل المثال إذا افترضنا شخص يملك موارد اقتصادية يخضع استخدامها فعلا للضريبة وأراد هذا الشخص توجيه موارده إلى استخدامات أخرى لا تخضع لضريبة ما أو تخضع أقل سعرا مما يترتب على ذلك من انكماش للإنتاج على حسابا مرونة الطلب والعرض لهذا الإنتاج
    وعلى الرغم من تأييد فكرة عدم تحول الموارد الاقتصادية كل من الكلاسيك والاقتصاديون المحدثون الذين أكدوا أن ذلك لمصلحة الإنتاج لأن تحول الموارد إلى مواطن جديدة يضعف إنتاجيتها فيقل الإنتاج وتقل غلته عما كانت عليه ولكن لهذه القاعدة عدة استثناءات واردة عليها على سبيل المثال الضريبة على الأدوية الضارة الضريبة على الكماليات المطروحة للبيع في السوق الداخلية
    ثانيا: آثار الضرائب على مستوى الدخل القومي:
    السياسة الضريبية تؤثر على الطلب الخاص ففي فترات الكساد تعمل السياسة الضريبية على رفع الطلب الفعلي إلى المستوى الذي يحقق مزيدا من سلع الاستهلاك وسلع الاستثمار وذلك من خلال إجراء تخفيضات في الضرائب بغرض زيادة القوة الشرائية الموجودة تحت تصرف الأفراد والمشروعات وخاصة تخفيض الضرائب على سلع الاستهلاك الشائع والتخفيض في الضرائب الذي يفيد أصحاب الدخول الصغيرة وتدعيما لسياسة التخفيض هذه تتخذ عدة إجراءات ضريبية أخرى لتحقيق نفس الهدف مثل زيادة الضرائب على الأرباح غير الموزعة وزيادة الضرائب على الشركات كلها تؤدي إلى زيادة الطلب الفعلي وزيادة الاستهلاك أما في مجال تشجيع الاستثمار فيمكن أن تخفض الدولة في الضرائب المقررة على الأرباح بهدف زيادة معدلاتها ورفع الكفاية الحدية لرأس المال لتشجيع الاستثمار الخاص كما يمكن للدولة أن تجري التخفيض بنسب متفاوتة حسب أهمية الأنشطة علاوة على إمكانية رفع معدلات الاستهلاك الصناعي وتمويل الاستثمارات العامة بجزء من حصيلة الضرائب لتقديم إعانات وقروض للمشروعات الخاصة للقيام بالمزيد من الاستثمارات
    أما في فترات التضخم لابد للسياسة الضريبية أن تخفض حجم الطلب الفعلي ليتلاءم مع العرض الكلي ليتحقق التوازن من خلال أحداث بعض الآثار الإنكماشية لزيادة العبء الضريبي والذي يتوقف على نوع الضرائب المستخدمة مثل زيادة الضرائب على الدخول الشخصية ، زيادة الضرائب غير المباشرة تلعب دورا في سحب القوة الشرائية الزائدة
    ثالثا: آثار الضرائب على توزيع الدخل القومي:
    نجد أن الكلاسيك قد أهملوا دراسة وتتبع آثار الضرائب على توزيع الدخل والثروات بين أفراد المجتمع ولهذا لم يهتموا بدراسة وسائل تحسين توزيع الدخل كذلك انتهى "بارتيو" أحد المفكرين الاقتصاديين في أواخر القرن التاسع عشر بأن التفاوت النسبي في توزيع الدخل لا يمكن تعديله إذ أنه يعبر عن التفاوت في توزيع القدرات والغايات الإنسانية تبعا لما أسماه " قانون بارتيو لتوزيع الدخل" والذي يتضح أنه لا يستند إلى حقائق واقعية
    وعندما تقدمت نظرية المنفعة الحدية فقد بين لنا "كينز" بعد ذلك أن الادخار عامل سلبي لا يؤثر على حجم الاستثمار وإنما يتأثر به وأن سعر الفائدة دالة للعرض النقدي مع ثبات التفضيل النقدي وليست العامل المحدد للاستثمار وإنما علاقة سعر الفائدة مع الكفاية الحدية لرأس المال
    ولهذا وجدنا أن الإقلال من التفاوت في توزيع الدخول هو أحد العوامل الرئيسية المؤدية إلى زيادة الإنفاق والطلب الكلي تبعا له
    وتسعى السياسة الضريبية إلى توزيع الدخل والبحث على احسن الطرق المؤدية له ويعتبر توزيع الدخل ملائما في ظل ما تسعى السياسة الضريبية إلى تحقيقه من أهداف إذا كانت الأثمان النسبية التي يحصل عليها أصحاب الموارد الإنتاجية تعكس صورة صادقة لنمط توزيع الدخل مناسبة وكافية لتحقيق مستوى استهلاكي وادخاري سليم


    كذلك وكما تؤثر السياسة الضريبية في توزيع الدخل فإن الكيفية التي يتم بها إنفاق حصيلة الضرائب لها أثرها الهام في هذا الميدان
    فقد تعمل الحكومة على تكييف إنفاقها بحيث ذو الدخول الصغيرة من النفقة العامة أكثر سوء بصورة مباشرة لمنح إعانات نقدية للمسدين والعاطلين والمعدومين أو بصورة غير مباشرة عندما تتوسع الحكومة في أداء الخدمات العامة من تعليم ، صحة ، إسكان اقتصادي ... الخ في هذه الأحوال يزداد الدخل الحقيقي للأفراد في الطبقة الدنيا وتقل الفوارق الصارخة في المجتمع
    والخلاصة أن السياسة الضريبية مقترنة بالسياسة الإنفاقية تستطيع أن تعمل على تحسين توزيع الدخل في العديد من الاتجاهات بجانب الأساليب الإدارية الضريبية والمرونة والسرعة التي يجب أن يتسم بها التشريع الضريبي وأثرهم الفعال في تحقيق أهداف السياسة الضريبية ذاتها وتمشيها مع الظروف الاقتصادية المتغيرة
    ولهذا يجب أن ينظر إلى النظام الضريبي كوحدة متكاملة وذلك لكي لا يحدث أن تفرض ضريبة فتحدث آثارا مخالفة لآثار الضريبة الأولي
    رابعا:آثار آخرى للضرائب:
    يمكن للضرائب أن تخدم أغراضا أخرى غير السابقة الذكر فقد يفرضها المشرع بهدف تشجيع الصادرات للدولة مثل ما حدث في انجلترا عندما فرضت على المشتريات والتي لا تفرض إلا على السلع التي يتم إنتاجها واستهلاكها داخل جود الدولة
    تستخدم كذلك الضريبة في التوجيه الاقتصادي لصناعة دون أخرى لأسباب اقتصادية أو سياسية أو حربية بينما تفرض ضرائب باهظة في صناعات أخرى بغرض مساهمة الضرائب في تعديل نمط الإنتاج في الدولة

    و بالتالي نستخلص اثار السياسة الضريبية على النشاط الاقتصادي:
    نوضـح في هذا المبحث كيف تساهم السياسة الضريبية في تحقيق النمو الاقتصادي و سنأخذ في الاعتبار الملاحظات الهامة التالية:
    1. لا ينبغي أن نصمم السياسة الضريبية في معزل عن جوانب السياسة الاقتصاديـة الأخرى (كالسياسة النقدية و سياسة سعر الفائدة و سياسة الأسعار و الأجور) حيث يوجد تكامل و تشابك بين مـختلف جوانب السياسة الاقتصادية الأخرى، و لذا فإنه لنجاح السياسة الضريبية في تحقيق الأهداف المشار إليها ينبغي أن تعمل كافة جوانب السياسة الاقتصادية في نفس الاتجاه و إلا سوف تفشل السياسة الضريبية في تحقيقها.
    2. يصعب جدا فصـــل دور السياسة الضريبية عن جوانب السياسة المالية الأخرى (كالسياسـة الاتفاقية و سياسة القروض العامة) في تحقيق الأهداف المشار إليها.
    3. لا تصمم السياسة الضريبية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي أو الاستقرار أو تحقيق العدالة التوزيعيـة فقط و إنـما تصمم عادة من أجل تحقيق أهداف إضافية أخرى قد تكون أكثر أهمية للمجتمع كأهداف تمويل البرامج الاتفاقية العامة، و تشجيع أفراد المجتمع على إعادة انتخاب الحزب الحاكم مرة أخرى، و الحد من بعض الأنشطة غير المرغوب فيها اجتماعيا كالأنشطة التي يترتب عليها تلوث البيئة أو التي يترتب عليها مضار صحية أو أخلاقية.


    يؤدي زيادة العبء الضريبي على أفراد المجتمع إلى عرقلة النمو الاقتصادي خاصة إذا ما تـجاوز هذا العبء الضريبي الطاقة الضريبية لأفراد المـجتمع، و هنا يتطلب الأمر من الحكومات الـمختلفة ضرورة ترشيد الإنفاق العام و الذي يـمول أساسا من الضرائب من أجل عدم تجاوز الطاقة الضريبية.

    ينبغي أن تتوفر في النظم الضريبية البساطة و الوضوح بقدر الإمكان، ليس من أجل تحقيــق سهولة و يسر في إدارة الضرائب فحسب، بل لأن إدارة النظم الضرائب تؤثر بطريقة مباشرة و غير مباشرة في التكاليف التي يتحملها المـجتمع في ربط و تحصيل الضرائب و التي قد تشمل على موارد و طاقات كبيرة من جانب مصلحة الضرائب و من جانب الممولين في تجنب و التهرب من الضرائب و في محاولة مصلحة الضرائب اكتشاف هذه الثغرات و إغلاقها، و كل ذلك ينشأ من تعقد القانون الضريـبي.


    تؤدي التغيرات السريعة السياسة الضريبية إلى التأثير بصورة سيئة في مـحددات النمو الاقتصادي، و يرجع ذلك إلى الوقت الذي يضيعه دافعوا الضرائب في التفهم و الاستجابة للقانون الجديد و لذا ينصح دائما بإدخال التعديلات الضريبية بصورة متدرجة بعد المشاركة و التشاور الكامل من جانب الأفراد خارج الجهاز الحكومي، حتى تقل الآثار السيئة لتعديل القانون الضريبي قدر الإمكان.


    يعد الادخار الخاص من أهم الموارد الهامة للتنمية الاقتصادية و لذا ينبغي أن يقلل بواسطة معدلات الضرائب المرتفعة على الدخول العالية، و هنا يمكن استخدام الحوافز الضريبية لتشجيعه أو على الأقل عدم فرض ضرائب تصاعدية على الدخل الناتج من الثروة.


    الخاتمـــــــــة:
    و نحذر أخيرا من أن استخدام السياسة الضريبية لتحقيق النمو الاقتصادي هو شـرط ضروري و ليس كافيا، ذلك أن السياسة الضريبية الملائمة تهيئ الـمناخ للنمو و لكن النمو ذاته يتحقق باستخدام الموارد الاقتصادية و العمل و الإدارة و رأس المال بكفاءة، و كلما كان النظام الضريبي لا يعوقنا عن استخدام مواردنا بهذه الكفاءة كلما كان أفضل.


    كلمات مفتاحية  :
    السياسة الضريبية النشاط الإقتصادي

    تعليقات الزوار ()