أتحدث ههنا عن لحظات الخلوة بالله سبحانه وبذكره , ولحظات التفكر  في جميل صنعه وكثير نعمه وواسع فضله , سبحانه وتعالى , تلك التي أنصح كل  قلب طاهر أن يقتنصها من يومه , وأن ينتزعها من بين براثن شغله وانشغاله ,  ومن بين دقائق الحياة الدائرة المزعجة .
إنها لحظات الحياة الحقة , التي لا شىء يساويها في هذه الدنيا قدرا  وقيمة ومكانة , أثاقلها بأنفس النفائس , وأزنها بكل غال في الحياة .
وبينما الناس في شغلهم , تنسل أنت من بينهم , وكأنك تجيب داعيا دعاك ,  تخرج سائرا لا تلوي على شىء من الحياة , إلا على هدفك الكريم , الخلوة بذكر  الله سبحانه , فتصلي في مصلاك , وتقعد لتذكر الله سبحانه كما علمك رسوله  الأكرم صلى الله عليه وسلم ملتزما بطريقته وسنته ,  وتتلو أذكار المساء أو  الصباح , وتقرأ وردك القرآني , وتتمتم شفاهك بالتسبيح والتحميد والتهليل له  سبحانه ..
فإذا بك تجد نفسك المفقودة بين مدعكة الحياة اليومية , وتجمع شملك  المتناثر بين ألوان الجواذب المختلفات , تجمع يديك وترفعهما برجاء مخلص من  قلب نقي ملب للنداء .
إنها استراحة إيمانية يومية , يكررها الصالحون في الغداة والعشي , بعد  صلاة الصبح وبعد صلاة العصر , وربما زادوا على ذلك , ولاشك أنهم سيزيدون في  جوف الليل الآخر وعند السحر , حيث ينام الخلائق , إلا الذين يحملون هم  اللقاء القريب , ويرتجون الجنة ويهربون من النار ..
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسناً " أخرجه مسلم
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ((  لأن أقعد أذكر الله تعالى وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب  إلي من أن أعتق رقبتين ( أو أكثر ) من ولد إسماعيل ومن بعد العصر حتى تغرب  الشمس أحب إلى من أن أعتق أربع ( رقاب ) من ولد إسماعيل " رواه أحمد وحسنه  الألباني 
وعن ابي أمامة رضي الله عنه قال : رآني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه  وسلَّم وأنا أُحرِّك شفتَيَّ فقال لي بأيِّ شيءٍ تُحرُّك شفتَيْك يا أبا  أُمامةَ فقلتُ أذكرُ اللهَ يا رسولَ اللهِ فقال:  ألا أخبرُك بأكثرَ وأفضلَ  من ذكرِك باللَّيلِ والنَّهارِ قلتُ بلى يا رسولَ اللهِ قال تقولُ سبحانَ  اللهِ عددَ ما خلق , سبحانَ اللهِ ملءَ ما خلق , سبحانَ اللهِ عددَ ما في  الأرضِ [والسَّماءِ] , سبحانَ اللهِ ملءَ ما في الأرضِ والسَّماءِ , سبحانَ  اللهِ عددَ ما أحصَى كتابُه , سبحانَ اللهِ ملءَ ما أحصَى كتابُه , سبحانَ  اللهِ عددَ كلِّ شيءٍ , سبحانَ اللهِ ملءَ كلِّ شيءٍ , الحمدُ للهِ عددَ  ما خلق , والحمدُ للهِ ملءَ ما خلق , والحمدُ للهِ عددَ ما في الأرضِ  والسَّماءِ , والحمدُ للهِ ملءَ ما في الأرضِ والسَّماءِ , والحمدُ للهِ  عددَ كلِّ شيءٍ , والحمدُ للهِ ملءَ كلِّ شيءٍ " أخرجه النسائي وابن خزيمة  وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب