
نُُخطئ  في طريقة تعاملنا مع  أطفالنا في المنازل أو في المدارس ، إذ نعتمد دائماً  على إعطاء المتفوق  منهم دراسياً تقديراً عالياً للتميز في قدراته اللغوية  أو الحسابية ، فيما  نهمل بقية القدرات والملكات الأخرى لديه .. وفي المقابل  نهمل باقي الطلاب  ، دون علمنا بتمتعهم بقدرات وملكات وذكاءات هائلة ،  لكنها لم تدخل ضمن  نطاق اهتمامنا ورعايتنا . 
مقاييس خاطئة
أدت   هذه الرؤية السلبية إلى تمرد الكثير من الأطفال على النظام التربوي في   المنزل ، والنظام التعليمي في المدرسة ، وهو الأمر الذي أنتج  عدداً من   المشكلات التي يواجهها الآباء معهم في البيت ، والمدرسون في المدارس ،   وبالتالي أدى إلى تدهور العملية التعليمية بشكل يدعو للفزع ، مع أن كل   الآباء يحلمون بأن يصبح أبناؤهم ناجحين في حياتهم ، إلا أنهم يرون مقاييس   النجاح والتفوق مقتصرة على مهن محدودة ، كالطب ، والهندسة ، متناسين بقية   المهن والمهارات والاهتمامات الحياتية الثانية .
قدرات متباينة
من  الطبيعي تفاوت قدرات  البشر ، وليس الأطفال فحسب ، لأن تلك مشيئة الله  العادلة لإعطاء الحياة  تفاعلاً وتكاملاً بين أفراد المجتمع ، ولذلك كان لا  بد من ظهور مفهوم جديد  يعيد لرؤيتنا تفاؤلها ، حتى نصحح مواقفنا ، ونعرف  مواطن الضعف والقوة في  كل شخص ، خصوصاً الأطفال .. على ذلك دأبت كثير من  الدراسات النفسية على  إجراء بحوث متتالية لتحديد الذكاءات المتعددة لدى  الأطفال ، وأوضحت  نتائجها وجود أنواع مختلفة للذكاء عند الأطفال ، يتسم كل  نوع منها  بمواصفات وقدرات متباينة .
الذكاء اللغوي
يتميز  أصحاب هذا النوع  بالقدرة على القراءة واستخدام الكلمات بإجادة ، للتعبير  عما يريدون ، مما  يجعلهم أصحاب قدرة على الحديث الشائق ، والمحاورة الذكية ،  بالإضافة إلى  اتصافهم بالدعابة  والفكاهة ، وغالباً ما نرى أطفال هذا  النوع  من الذكاء  مستقبلاً في أعمال مميزة ، كأن يكونوا كُُتاباً مجيدين ،  أوشعراء موهوبين ،  أو صحفيين ، أو خطباء يأسر حديثهم قلوب الناس .
الذكاء الحسابي
يتصف   أطفال هذا النوع بالقدرة الكبيرة على التعامل مع الأرقام والرموز ، وحل   المسائل الرياضية والحسابية ، مع التميُُّز في فهم العلاقات بين الأرقام   والرموز ، والقدرة الواضحة على التفكير الاستنباطي وحل المشكلات الرقمية   والمعادلات ، وتصميم الأشكال البيانية .. ومن الطبيعي أن نرى أصحاب  هذا   النوع من الذكاء ، إما علماء رياضيات ، أو فيزياء ، أو خبراء اقتصاد .
الذكاء التأملي
يتمتع  أصحاب هذا الذكاء  بممارسة التأمل الداخلي بكفاءة ،ويلجؤون لقراءة مشاعر  وانفعالات الآخرين ،  كما يتميزون بالقدرة على التركيز والتفكير المنطقي  العميق ، بالإضافة إلى  اتسامهم بالتخيل ، والصمت، والعزلة ، والقدرة على  معالجة الأفكار  والاستراتيجيات التي تقف أمامهم ، وغالباً ما نرى هذا النوع  كفلاسفة ،  ومفكرين ، وعلماء نفس ،وواضعي خطط استراتيجية .
الذكاء البصري
نجد  أطفال هذا النوع يتميزون  بالتخيل ، والرسم ،واستخدام الألوان والظلال ،  والتصوير ، والتقليد  والمحاكاة ، والتخٌّيل الفراغي .. ونرى  هؤلاء في  مستقبلهم ، كرسامين ،  ونحاتين ، وأصحاب مهن فنية مختلفة ، وكذا نجدهم  كمهندسي تصميمات .
الذكاء الاجتماعي
يمتاز  أصحاب هذا الذكاء  بالقدرة على تفهم  دوافع الآخرين  واحتياجاتهم ،  وبالإمكانية الكبيرة على  التواصل ، والتعامل ، والتعاون ، والعمل الجماعي ،  كما تتواجد لديهم  مهارات وقدرات القيادة ، وإمكانية التعبير عن الآخرين  ،مما يعني أنهم  قادرون على فرض الانسجام والتناغم مع الآخرين ، وبالتالي  فإننا سنجدهم في  قائمة الزعماء ، والسياسيين ، والمهتمين بالعمل الاجتماعي   ، والعلاقات  العامة .
الذكاء الجسدي
يتميز  هؤلاء بامتلاك موهبة  استثنائية في استخدام الحركة التعبيرية للجسد ، سوءاً  حركة العينين ، أو  عضلات اليدين والوجه ، وسائر الجسد ، لذلك نرى أصحاب  هذا الذكاء ، ممثلين  مجيدين ، لديهم القدرة على تقمص مختلف الأدوار ، كما  قد نجد بعضهم راقصي  باليه  تعبيري  ، أو لاعبي كرة ، وحمباز ، أو رياضيين  في مختلف أنواع  الرياضة .
الذكاء العملي
يقترن  هذا النوع بالإجادة في  التعامل مع الأجهزة والمعدات والآلات ، وتظهر صفات  هذا الذكاء من خلال  اهتمام الأطفال بفك وتركيب الأجهزة المنزلية ، وأدوات   الكهرباء ، مع  اتصافهم بقلة الكلام ، وتفضيلهم التعامل مع هذه الأشياء على  التعامل مع  الآخرين .. نجد هؤلاء كمهندسين ، وأصحاب مهن ميكانيكة يدوية .
الذكاء الروحي
غالباً   ما يترك أصحاب هذا الذكاء ارتياحاُ لدى الآخرين ، بسبب علامات الصفاء   والنقاء البادية عليهم ، ونجد صفات هؤلاء في : القادة ، والزعماء الدينيين،   والمتصوفيين ، الذين يمتازون بالصدق ، والسماحة ، والرحمة ، والحب ،  ونشعر  بحملهم كل صفات ومعاني السمو والطمأنينة .
الذكاء الوجداني
أصحاب  هذا الذكاء ذوو  كاريزما خاصة تجعلهم محبوبين من الناس ، ولديهم وعي عميق  بذواتهم ، مع  قدرة على التعبير عنها ، كما يمتلكون مشاعراً حية إيجابية ،  ورغبة  للعمل  والإنجاز والتفوق ،بالإضافة إلى القدرة على تفهم مشاعر  واحتياجات الآخرين ،  والتعاطف معهم ، وفوق كل ذلك ، يتمتعون بقدر كبير من  المهارات الاجتماعية  ، ولديهم قدرة هائلة على تحمل كل العوائق والإحباطات  بسبب تفاؤلهم الدائم  حتى في أصعب الظروف .. لذلك فإننا نجد أصحاب هذا النوع  من الذكاء في  مكانة عالية ، فيكونون نجوماً ومشاهيراً في أعمالهم ، أو  كزعماء يمتلكون  حب الناس واحترامهم .
الذكاء الموسيقي
أصحاب  هذا النوع  يملكون  قدرات خاصة في تمييز الأصوات بدقة هائلة ، كما أن لديهم  قدرة على الإبداع  الموسيقي والغنائي ، أو العمل في مجالات تتعلق بالصوتيات  .. نرى أصحاب مثل  هذا النوع من الذكاء غالباً كملحنين موهوبين ، وفنانين  كبار ، أو موزعين  موسيقيين مشهورين .
الذكاء الحدسي
هؤلاء  لديهم قدرة خاصة على  التنبؤ والتوقع بأشياء مستقبلية ، بشكل لا يمكن  تفسيره بالمنطق ، وأصحاب  هذا الذكاء هم أنفسهم لا يعرفون كيف يستطيعون  قراءة الأحداث بشكل أوضح من  بقية الناس ، ومع أن أصحاب هذا الذكاء نادرون ،  إلا أن الظاهرة موجودة ،  وليس لها أي تفسيرات علمية توضح سببها .