بتـــــاريخ : 2/6/2012 10:43:55 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1505 0


    خدمة المرأة لأسرتها بين الشرع والعُرف

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : علي محمود | المصدر : www.wafa.com.sa

    كلمات مفتاحية  :
    خدمة المرأة أسرة الشرع العرف

    هل تمثل خدمة المرأة لزوجها وأولادها، ورعايتها لبيتها انتقاصًا من قدرها؟ بعض النساء ترى الأمر على هذا النحو، وهو ما يطرح سؤالا عن واجبات المرأة تجاه الزوج والأولاد من حيث الخدمة والرعاية من جهة، وحقها في توفير من يقوم بخدمتها أو مساعدتها في القيام بخدمة الزوج والأولاد من جهة أخرى ..
    هل تمثل خدمة المرأة لزوجها وأولادها، ورعايتها لبيتها انتقاصًا من قدرها؟ بعض النساء ترى الأمر على هذا النحو، وهو ما يطرح سؤالا عن واجبات المرأة تجاه الزوج والأولاد من حيث الخدمة والرعاية من جهة، وحقها في توفير من يقوم بخدمتها أو مساعدتها في القيام بخدمة الزوج والأولاد من جهة أخرى ..
    تقول الدكتورة مريم الداغستاني -أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر-: المرأة المسلمة تخدم زوجها وأولادها وترعى شئون بيتها بحكم الفطرة، وبمقتضى التقاليد المتوارثة جيلاً بعد جيل، دون أن تدخل في جدل اجتماعي أو فقهي، وخلاصة ما يمكن قوله في هذه القضية -التي أرى أنها غالبا ما تكون مفتعلة من قِبَل زوجات متمردات أو أزواج مفترين-: إنه إذا كان الزوج فقيرًا لا يملك أجر الخادم، فعلى الزوجة أن تقوم بخدمة زوجها ورعاية أولادها والقيام بشئون أسرتها، ولها في أمهات المؤمنين والسيدات فاطمة الزهراء، وأسماء بنت أُبي بكر وزوجات الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين، الأسوة الحسنة في ذلك.
    الإعانة والمشاركة:
    من جانبها تقول الدكتورة رجاء حزين -عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات-: لابد من التفرقة بين حالة الزوج الميسور والزوج غير القادر في هذا الأمر، فإذا كان الزوج ميسورًا فيجب عليه أن يأتي لزوجته بمن يخدمها ويقوم بخدمة الأسرة تحت إشرافها ورعايتها المباشرة، أما إذا كان الزوج غير قادر فعلى الزوجة أن تقوم هي بهذه الأعمال وتضطلع بمسئولياتها عن أسرتها، لكن ما يغيب عن كثير من الرجال في هذا الأمر هو أن الرجل مطالب بإعانة زوجته على أمور بيتها، ومطالب بمشاركتها في حمل أعباء المنزل قدر طاقته وجهده ووقته، وله في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة؛ فقد كان يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته ويساعد أهله في عمل البيت، ويرضى باليسير من الطعام.
    ويقول  الدكتور عبد الفتاح إدريس -رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة  والقانون بجامعة الأزهر-: إن الإسلام لم يفرض على المرأة القيام بالعمل في منزل الزوجية، وليس عملها به حقًا قرره الشارع للزوج عليها، وإنما ذلك متروك لها تبعًا لعادة قومها في ذلك، ولهذا قال جمهور الفقهاء: إن عقد الزواج للعشرة الزوجية، لا للاستخدام وبذل المنافع، فليس من مقتضاه خدمة البيت والقيام بشئونه؛ إذ ليس في أدلة الشرع ما يلزم المرأة بخدمة زوجها وأولادها وبيتها، ويضيف:  إذا كانت المرأة من مجتمع جرى عرف مَن فيه على أن تهتم الزوجة ببيت زوجها، فقامت المرأة بشئون بيت الزوجية، فليس في ذلك عبودية أو سخرية أو إذلالٌ للمرأة، أو غير ذلك من الألفاظ الفخمة التي يتشدق بها بعض قليلي البصر؛ إذ المرأة إذا قامت بذلك، فإنما تقوم به بمحض اختيارها، لا إجبار عليها من أحد، وهي مع هذا مأجورة عليه، وحسبها في هذا أن فضليات النساء قمن على شئون بيوت أزواجهن، ولم يرين في ذلك عبودية أو نحوها.
    المودة والرحمة :
    وأخيرا يؤكد الدكتور صبري عبد الرؤوف -أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- أن المودة والرحمة الواردين في الآية الكريمة: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "، كفيلان بحل هذا النزاع والخروج من الجدل في هذا الأمر،.. ويقول: إذا كان الإسلام قد أمر الرجل بالسعي على الرزق، وجعل من حق المرأة على زوجها الإنفاق، فان كل حق لابد أن يقابله واجب، والواجب هنا هو رعاية المرأة لشئون أسرتها وخدمة زوجها وأولادها، فإذا تنكرت المرأة لهذا الواجب فهذا من سؤ العشرة الذي لا تستقيم ولا تستمر معه الحياة الزوجية.
    ويضيف : وإذا كانت الآراء الفقهية قد اختلفت في وجوب خدمة المرأة لزوجها أو عدم وجوبه، وفي الحالات التي يتوجب على الزوج أن يأتي لزوجته بخادم يخدمها ويخدم الأسرة، فإنني أرى أن المودة والرحمة بين الزوجين كفيلان برفع هذا الخلاف؛ فالمودة والرحمة تقتضي أن تنظر المرأة لأحوال زوجها  المادية إن كانت ميسورة أم لا، فإذا كان ميسورا فمن حقها أن تطالب بخادم، وان كان الزوج فقيرًا فعليها أن تتنازل عن هذا الحق، وفي المقابل -ومن منطلق المودة والرحمة والعشرة بالمعروف- على الزوج أن يبادر بإعانة زوجته إن كان يستطيع دفع أجرة الخادم، وإن لم يكن مستطيعا فعليه إعانتها، وتخفيف الأعباء عنها، فطالما ظللت المودة والرحمة الحياة الزوجية، فلسنا بحاجة للجدل والتحاجج بالآراء والفتاوى.
     
    آراء الفقهاء :
     وحول الحكم الشرعي لخدمة المرأة لزوجها، فقد ذهب جمهور الفقهاء  إلى أن خدمة الزوج لا تجب عليها، لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به.
    وذهب الحنفية إلى وجوب خدمة المرأة لزوجها ديانةً لا قضاءً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَسَّم الأعمال بين علي وفاطمة -رضي الله عنهما-، فجعل عمل الداخل على فاطمة، وعمل الخارج على علي؛ ولهذا فلا يجوز للزوجة -عندهم- أن تأخذ من زوجها أجرًا من أجل خدمتها له.
    وذهب جمهور المالكية وأبو ثور، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني، إلى أن على المرأة خدمة زوجها في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها؛ لقصة علي وفاطمة -رضي الله عنها-، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى علي بما كان خارج البيت من الأعمال، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر نساءه بخدمته فيقول: يا عائشة، أطعمينا.. يا عائشة، هلمي المدية واشحذيها بحجر.
    وكان الدكتور علي جمعة -مفتي مصر- قد أكد في فتوى له أن خدمة الزوجة لزوجها ليست على سبيل الوجوب، وإنما هو تطوع منها وهو من باب التفضل؛ لأن الزواج في الشريعة ليس لبناء أسرة فقط، وإنما لدرء الفتنة، وان من حق المرأة أن تطلب من زوجها أجرًا لإرضاع أولادهما.
    وفي موسوعة فقه السنة يقول الشيخ سيد سابق -رحمه الله-: "أساس العلاقة بين الزوج وزوجته هي المساواة بين الرجل والمرأة في ‏الحقوق والواجبات، وأصل ذلك قوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} [البقرة: 228].‏ فالآية تعطى المرأة من الحقوق مثل ما للرجل عليها، فكلما طُولبت المرأة ‏بشيء طُولب الرجل بمثله.
    والأساس الذي وضعه الإسلام للتعامل بين الزوجين وتنظيم الحياة بينهما ‏هو أساس فطري وطبيعي؛ فالرجل أقدر على العمل والكدح والكسب خارج ‏المنزل، والمرأة أقدر على تدبير المنزل وتربية الأولاد وتيسير أسباب ‏الراحة البيتية.‏
    فيكلف الرجل ما هو مناسب له، وتكلف المرأة ما هو من طبيعتها،
    وبهذا ينتظم البيت من ناحية الداخل والخارج، دون أن يجد أي واحد من ‏الزوجين سببًا من أسباب انقسام البيت على نفسه.‏
    وقد حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين عليّ بن أبي طالب -رضي الله ‏عنه وكرم الله وجهه- وبين زوجته فاطمة -رضي الله عنها-، فجعل على ‏فاطمة خدمة البيت، وجعل على عليّ العمل والكسب.‏
    روى البخاري ومسلم أن فاطمة -رضي الله عنها- أتت النبي -صلى الله عليه ‏وسلم- تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرخاء وتسأله خادمة. فقال:‏ ‏( ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما: إذا أخذتما مضاجعكما فسبِّحا ‏ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبِّرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما ‏من خادم) [متفق عليه].‏
    وعن أسماء بنت أبى بكر -رضي الله عنها- أنها قالت:‏ كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكان له فرس فكنت أسوسه وكنت أحش ‏له وأقوم عليه)‏، وكانت تعلفه، وتسقي الماء، وتخرز الدلو، وتعجن، وتنقل النوى على رأسها ‏من أرض له على ثلثي فرسخ.‏
    ففي هذين الحديثين ما يفيد بأن على المرأة أن تقوم بخدمة بيتها، كما أن ‏على الرجل أن يقوم بالإنفاق عليها.‏
    وقد شكت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- ما كانت تلقاه من خدمة علي، فلم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم لعلىّ: لا خدمة عليها وإنما هي عليك. وكذلك لما رأى خدمة أسماء لزوجها لم يقل: لا خدمة عليها، بل أقره ‏على استخدامها، وأقر سائر أصحابه على خدمة أزواجهن. مع علمه بأن ‏منهن الكارهة والراضية.‏
    قال ابن القيم:‏ هذا أمر لا ريب فيه، ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة، وفقيرة وغنية؛ ‏فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها، وجاءت الرسول -صلى الله ‏عليه وسلم- تشكو إليه الخدمة فلم يسمع شكايتها.‏
    من تفسير القرطبي: قال بعض علماء المالكية:‏ إن على الزوجة خدمة مسكنها، فإن كانت شريفة المحل ليس أبوة أو ‏ترفه، فعليها التدبير للمنزل وأمر الخادم، وإن كانت متوسطة الحال فعليها أن تفرش الفراش ونحو ذلك.‏ وإن كانت دون ذلك فعليها أن تقم البيت وتطبخ وتغسل، ‏
    وإن كانت من الكرد والديلم والجبل كلفت ما يكلفه نساؤهم؛ وذلك لقوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}[البقرة: 228].‏
    وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم في قديم الأمر وحديثه بما ذكرنا.‏
    وكان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يتكلفون الطحين والخبز ‏والطبخ وأشباه ذلك، ولا نعلم امرأة امتنعت عن ذلك، ولا يسوغ لها ‏الامتناع.‏
    هذا هو المذهب الصحيح خلافا لما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي ‏من عدم وجوب خدمة المرأة لزوجها، وقالوا : إن عقد الزواج إنما اقتضى ‏الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع... وأن الأحاديث المذكورة تدل على ‏التطوع ومكارم الأخلاق.‏

    كلمات مفتاحية  :
    خدمة المرأة أسرة الشرع العرف

    تعليقات الزوار ()